على تقاطع الجادة رقم ١٦ وشارعي «موزار» و «يوكليد»، رفِعَ للمرة الأولى منذ ٥٤ سنة علم كوبا فوق سفارتها، احتفالاً بإعادة العلاقات الديبلوماسية بين البلدين، وبإنجاز ضخم في السياسة الخارجية للرئيس باراك أوباما يفتح آفاق التعاون الاقتصادي والتجاري مع خصم سابق من زمن الحرب الباردة. علم كوبا «الشيوعية» الأحمر والأزرق والأبيض رفرف في العاصمة الأميركية أمس، في حضور وزير الخارجية الكوبي برونو رودريغيز، فيما سيزور نظيره الأميركي جون كيري هافانا في ١٤ آب (أغسطس) المقبل لرفع علم بلاده على السفارة هناك. وتتوج الخطوة عامين من المفاوضات، وبدء تحسن العلاقات الديبلوماسية الذي بدأ بإعلان تاريخي لأوباما والرئيس الكوبي راؤول كاسترو في 17 كانون الأول (ديسمبر) 2014. وستعكس المرحلة التاريخية عملية انتقال سياسي وديبلوماسي واقتصادي في الروابط الكوبية- الأميركية بعيداً من إرث الحرب الباردة، تمهيداً لفك الحصار إذا وافق الكونغرس، مكرساً عقيدة أوباما بإنهاء حال العداء الدائم مع خصوم واشنطن، مثل كوبا وإيران والقيادة الشيوعية في فيتنام. وكان رفع العلم متوقعاً منذ أن سحبت واشنطن نهاية أيار (مايو) الماضي هافانا عن اللائحة السوداء للدول الداعمة للإرهاب، وبدء الحديث عن احتمال زيارة أوباما كوبا في 2016. وعلى رغم إعادة العلاقات الديبلوماسية، تبقى المسألة الشائكة الحصار الذي فرضه على كوبا الرئيس الأميركي السابق جون أف. كينيدي في 1962، وشدده كثيراً قانون «هلمز – بورتون» عام 1996. وتنتقد هافانا دائماً حظر واشنطن الشامل للمبادلات الاقتصادية والمالية معها، معتبرة أن استمرار تطبيقه يشكل عقبة أمام تطورها. وكان الرئيس الكوبي نبّه إلى أن تعيين سفراء سيسمح بتحسن العلاقات بين البلدين، لكنه استدرك أن «التطبيع موضوع آخر»، فيما طالب أوباما الكونغرس الذي يهيمن خصومه الجمهوريون على مجلسيه، بالعمل لرفع هذا الحظر، لكن الغموض يخيّم على نتيجة المناقشات، ويبدو أن الآلية التشريعية ستكون طويلة. ومنذ 50 سنة، هاجر مئات آلاف الكوبيين إلى الولايات المتحدة. وإذا كان بعض مندوبي الموجة الأولى من المنفيين، وهم المهاجرون «السياسيون» في بدايات الثورة، ما زالوا يعارضون بشدة أي تقارب مع نظام هافانا، يحتفظ المهاجرون الجدد الذين دفعتهم أسباب اقتصادية للمجيء إلى الولايات المتحدة، بصلات وثيقة في الجزيرة، وهم رحبوا كثيراً بإعلان التقارب.