×
محافظة المنطقة الشرقية

الجبيل الصناعية.. "ساهر" يخفض الحوادث قبل تشغيله

صورة الخبر

بعد مرور أربعة عقود على إنشاء الأندية الأدبية في عدد من مدن المملكة، هل حققت هذه الأندية دورها الثقافي في حركة التنوير بين أفراد المجتمع من خلال اقامة المحاضرات وعقد الندوات وطبع الكتب؟ وهل هذا هو الدور المناط بها أم أن عليها أن تغير من الآلية التي تعمل بها لكي تلعب دوراً جديداً بين صفوف المثقفين؟ السبع: التفاوت بين نادٍ وآخر يقوم على المبادرات الفردية وفترة المليحان ذهبية لاسيما ونحن نمر بمرحلة إعلامية حديثه بإمكانها أن تفَّعل دور الأندية في قادم الأيام؟ هذه الأسئلة حملها ملحق الرياض الثقافي إلى كوكبة من الأصوات الأدبية في الحركة الثقافة منهم من رأس ناديا أدبيا ومنهم من كان عضواً بمجلس إدارة وآخرون مهمومون بالشأن الثقافي في بلادنا ينافحون عنه عبر كتاباتهم الصحفية وفي مواقع التواصل الاجتماعي، في مطلع هذا المحور تحدث إلينا الناقد والدكتور حسن الهويمل رئيس نادي القصيم الأدبي السابق وهو أحد الذين عاصروا حراك الأندية أكثر من ربع قرن فقال: لقد أعطت الأندية الأدبية أكبر من حجمها ومن ثم طلب منها أكبر من طاقتها، ولو أنها أخذت بمستواها لكان بالإمكان معالجة التقصير بواقعية. الأندية الأدبية في بداياتها تكاد تنفرد بالمشهد الثقافي، ومن ثم لفتت الأنظار وأعطت عن نفسها صورة باذخة، وحين زوحمت بوسائل التثقيف لم تستطع المنافسة وشغل الحيز المتاح لها، ثم أنها في كل عقودها الأربعة زوحمت بالرياضة والإعلام ومن ثم فإن مرجعيتها الأولى والثانية لم تعطها حقها وهذا التقصير غير المتعمد فوت عليها فرصاً ثمينة، قاصمة الظهر لم يهيأ لكل منهما الثقافة المناسبة ومن ثم أخطأت في الحالتين الاجرائيتين، حالة الترشيح وحالة الانتخاب وهي لكي تنهض من كبوتها لابد أن تعترف بواقعها وأن تبدأ من درجة الصفر لكي تنفي عن نفسها ركام الأخطاء. ويواصل الدكتور الهويمل تشخيص علاجه لوضع الأندية فيقول: أما التكتم على الاخفاقات ونفي التقصير والخطأ فأمر لا يمكن النجاح معه. أنا لا أريد أن أبحث عن مشاجب بحيث أخطىء المثقفين أو وكالة الوزارة للشؤون الثقافية فكلنا خطاؤون، ويجب أن نعترف أننا جميعاً لم نضع الخطوة الأولى على الطريق المستقيم فالمثقفون يسقطون على الوزارة، والوزارة تلوم المثقفين والحقيقة أن الجميع يعيشون زمن التيه الثقافي. إن اللائحة التي ابتسرت لن تملأ الفراغ، والانتخابات التي اتهمت لن ترضي الجميع ومن ثم لابد من الثقة بالنفس وتقبل الهزيمة والبدء من درجة الصفر. إلا أن رؤية الشاعر أحمد السيد عطيف جاءت ناقدة وناقمة على وضع الأندية وحملت خطاباً شديد اللهجة يقول فيه: سنظلم الحق لو قلنا ان الأندية الأدبية أنتجت ما يتناسب مع (40) عاماً من عمرها، وسنظلمها لو قلنا أنها لم تنتج مطلقاً. أما عن الدور المناط بها فالمسألة تتعلق بالغاية من إنشاء الأندية، هل هي الارتقاء بالأدب والثقافة أم ضبطها وتوجيهها. ذلك سؤال مبدئي لابد من معرفة جوابه. أما حجم ونوع نشاطها فيتعلق بالإمكانات التي يتيحها لها نظامها وطموح أو خمول إداراتها. يمكن القول انها ساعدت في تيسير طباعة كتب من يحتاج إلى تيسير بصرف النظر عن جدوى هذه الكتب. وهي تتفاوت في النشاط من ناد لآخر. وكان نادي جدة هو الأنشط والأجدى خلال الأربعين عاما الماضية. أما فيما عدا ذلك فالأندية ظلت تراوح في السائد والأفقي تحت رقابة من داخلها ومن خارجها وبرعاية إمارات المناطق. نعم على الأندية أن تغير من آلياتها وأن تملك المبادرة وأن تتخلى عن الخوف وانتظار التعليمات!. لكن على وكالة الوزارة للشؤون الثقافية أن تغير هي أولا تفكيرها المغلق وأن تكون أول من يؤمن باللوائح وترفع يدها عن الأندية. الأدب والثقافة ليسا في حاجة لا إلى أندية ولا إلى وكالة للشؤون الثقافية، لكن، وبحكم، الأمر الواقع، فإن ما يجب على وزارة الثقافة أن تحدد رؤيتها بوضوح من خلال مؤتمر يخصص لهذا الغرض، ماذا نريد ثقافيا وكيف ندير ثقافتنا. فالأمور الآن غائمة والمشاكل قائمة، واللوائح تصدر مشوهة مفرغة والانتخابات غير نزيهة والقضايا بين الوزارة والأدباء قائمة في المحاكم. ونحن نرى أحكاما شرعية قطعية لا تنفذ، وتدخلات سافرة في الانتخابات ونتائجها، أي أن الصدق مفقود، وهو قيمة ثقافية عليا بدونها تسقط الثقة بين الوزارة والأدباء والأندية، بدونها لا أحد يثق في أحد كما هو واقع الآن. ويواصل عطيف طرحه فيقول: لقد فقد المثقفون شهيتهم للتعامل مع هذا الواقع الإداري وفقد ثقتهم بصدق نوايا الوزارة، لا أستثني من ذلك إلا أشباه الأدباء وكثيرا من الطارئين. الشمري: الأندية الأدبية تجاوزت هموم الأدباء وبحثت في القشور لقد قامت الأندية بدورها الرقابي الضابط أكثر من دورها الثقافي الأدبي.. وكل تلك الأدوار سارت، وتسير، في مستويات أفقية لم تعد تلفت الانتباه ولا تثير الشجون. لا يمكن للأندية ولا لوزارة الثقافة أن تسير خطوة واحدة للأعلى ثقافيا إلا إذا آمنت بوطنية الأدباء السعوديين وحرية الفكر وسعت للتعامل بصدق وثقة مع الأدباء وآمنت أن العالم بوسائله الحديثة لا ينتظر أهل القبور. الشاعر محمد الحمد سبق له أن رأس نادي حائل الأدبي وأثمرت فترة رئاسته جمهرة من المؤلفات القيمة ونشاطاً منبرياً هاماً وهو هنا يشخص المرحلة الماضية للأندية الأدبية وفق مفهومه فقال: قامت الأندية الأدبية منذ إنشائها حتى يومنا هذا  بدور لا بأس به في نهضة الحركة الأدبية في المملكة وأسهمت في تقديم عدد من الأدباء إلى الساحة الثقافية، مع أن هذا الدور تفاوت بشكل كبير، ويمكن تتبع هذا التفاوت على مستويين: المستوى الأول تفاوت في النشاط الثقافي والأدبي بين الأندية نفسها: فقد تباينت الأدوار بين ناد وآخر تباينا كبيرا فعلى سبيل المثال لا يقارن ما قدمه نادي جدة الأدبي في الثمانينات الميلادية بما قدمه غيره من الأندية الأدبية في تلك الفترة.   أما المستوى الثاني فبين مرحلة زمنية وأخرى، فقد اشتعل المشهد الثقافي فترات وخفت أخرى لأسباب مختلفة لا يتسع المجال لذكرها وأعتقد أن من الجدير بوزارة الثقافة والإعلام أن تعمل على رصد ذلك الاختلاف بتتبع دور كل ناد مع الأخذ بالاعتبار المرحلة التاريخية للوصول إلى الأسباب والعوامل المؤثرة على انتعاش الحركة الثقافية في الأندية وحصر الأسباب التي تؤدي إلى خفوتها أو تراجعها والإفادة من ذلك في رسم الخطط الإستراتيجية للثقافة عامة والأدب على وجه الخصوص.  كما أن على المعنيين بإدارات الأندية الأدبية أن يعملوا على تطوير الأدوات والوسائل التي يستخدمونها بما يتناسب مع روح العصر وأدوات الاتصال الحديثة. القاص والروائي خالد اليوسف يكتب طرحه بعد تأمله لحركة الأندية الأدبية على مدى أربعة عقود وتقرأ له فيما يطرح تبصّره بدورها وحراكها فهو يقول: لنتأمل التاريخ أولاً، تأسست الأندية الأدبية مع بداية عام 1395ه، وهذا التاريخ الذي يقترب من الأربعين عاماً يكشف للحاضر عن أربعة عقود مضت، مرت فيها الأندية الأدبية بكل مراحل التغيير والتحويل، والتجديد والثبات، واليقظة والسبات، والتداخل مع غيرها ثم العودة إلى حالها، ومحاولات لا تحصى للخروج عما وضعت له؛ أربعون سنة وهي تحاول أن تستقر على حالها، واجزم أن كل هذا بسبب عدم استيعاب نظامها الأساسي، وتفاصيل إرادة سمو الأمير فيصل بن فهد غفر الله له وهو المؤسس لها والمدرك لكل حيثيات النادي الأدبي وما يتطلبه.  إن هذه الذكرى تتطلب منا العودة للنظام الذي يتحدث عنها، فإما أن تبقى أندية أدبية فقط، كما يراد لها، أو أن تنفتح على كل أبواب الثقافة والمعرفة، وهو ما تم في الماضي في كثير من الفعاليات والنشاطات التي أخرجتها عن نظامها، بل وتداخلت مع فعاليات الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون، فأصبح لدينا تكرار وتنافس غير شريف، وجهود شخصية يتحكم في مسارها إدارات لم ولن تستوعب هذه الأندية أو الجمعيات.  د.الهويمل: الأندية الأدبية زوحمت بوسائل التثقيف فلم تستطع منافسة الرياضة والإعلام. وعلى سبيل المراجعة والاسترجاع من أجل الإصلاح، بأي تفكير إداري أدبي تم نشر الكتب غير الأدبية، حتى وصلت إلى أكثر من خمسين بالمائة من حركة النشر في الأندية الأدبية؟ كذلك وبأي تفكير إداري أدبي يتم إقامة أمسيات أو محاضرات أو ندوات عامة وفي كل مجال إلا الأدب؟ وكذلك ما نوع هذا التفكير الذي يمنح الجوائز والتقدير في كل المؤلفات الثقافية والعامة إلا الأدب؟ إذاً الأندية الأدبية.. أُخرجت من ثوبها فضاعت! وعلينا أن ننسى أنها أندية أدبية في هذه المرحلة، ونصحو من غفوتنا بعدما أصبحت أندية أو إدارات ثقافية عامة!؟ ومن الباحة يأتي الشاعر غرم الله الصقاعي ليؤكد في رؤيته أن المؤسسات الثقافية تفتقد التنوير ويطرح أيضاً: في البدء لا يمكن الحكم على أداء الدور ما لم يكن لدينا علم بالأهداف من التأسيس لهذه الأندية وأهداف الأندية الأدبية يمكن اجمالها في خدمة الثقافة والأدب بشكل خاص والمثقفين والأدباء أيضاً بشكل خاص مع السعى لنشر الثقافة والاهتمام لمفهومها الأوسع ولكن ما نوعية هذه الخدمة وكيف يمكن تحقيقها على أرض الواقع؟ تلك هي القضية فعندما تم التأسيس للأندية الأدبية كان هناك رؤية للقائمين عليها أن السبيل لذلك هو الندوات والأمسيات وطباعة الإنتاج الأدبي والثقافي والاهتمام بالموهوبين والموهوبات في كل مجالات الأدب. ولعل الكثير يعلم أن من ضمن المهام والأدوار هو إنشاء صندوق للأدباء والبدء في بناء عمل مؤسسي يقوم على الحقوق والواجبات وليس على العلاقات وممارسة السلطة والفرقة في المشهد الثقافي. بيد أن ما قامت به الأندية في الغالب كان توسيع الهوة بين المتلقي والثقافة والأدب حيث حصنت نفسها بسياج من الوهم انها للنخبة فقط. مع أن مفهوم النخبة لم يتشكل بعد في كثير من المناطق مما جعل النخبة (إن وجدت) هم المستفيدين من امكانات ومقدرات الأندية الأدبية عن طريق العلاقات وعن طريق التعيين أحياناً وفي الفترة الأخيرة للأسف عن الانتخابات التي تعتبر في تنظيمها إساءة للفعل الثقافي حيث دخل إلى المؤسسة من ليس له علاقة بالأدب والثقافة. ويمضي الصقاعي في حديثه قائلاً: ففي بعض المناطق كانت النخبة هي من لها علاقة بصاحب القرار أو من لديها القدرة للتواصل مع من يملك حق التعيين والإدارة للشأن الثقافي أو من يكون ضمن الاعلاميين وتلك هي الإشكالية الكبرى التي أحالت العمل الثقافي إلى إعلامي يهتم بالخبر أكثر من اهتمامه بالانتاجية والأثر ويظهر ذلك من خلال تقييم الأندية لعملها بالكم وليس بالكيف. وعند الحديث عن التنوير لعل من المهم هنا هو بيان مفهوم التنوير المقصود وماذا نعني بالتنوير المناط بالمؤسسة الثقافية القيام به ليمكن عند ذلك الحكم لها أو عليها. إن مفهوم التنوير يرتبط في الغالب بالتربية العقلية والنقدية وهذا في الواقع ما ينقص المؤسسة الثقافية قبل غيرها فليس لديها قدرة على بناء وتشكيل ثقافة عامة ولا يمكنها أيضاً تشكيل وعي وأثر في المحيط الذي هي فيه. أيضاً ليس لديها القابلية للنقد فكيف بها أن تساهم بشكل وآخر ببناء ثقافة نقدية تقوم على القبول والاختيار والتمييز. ويختتم الصقاعي طرحه بأهمية إقامة المشاريع الثقافية الذي أعتقده مع تطور الاتصالات وتسارع المعرفة وهذا العالم القرية أن ما تقوم بها من أمسيات ومحاضرات لا يغني عن المشاريع الثقافية. وليست الملتقيات التي هي للقائمين والمشاركين فقط. ولكن تلك المشاريع التي تفتح أبوابا للناس ليشاركوا ويتفاعلوا معه من خلال اشراكهم في اللجان مع تنوع الطرح ليشمل كل أوجه الفنون وتعدد الثقافة فليس الأدب وحده هو ما يراد لها أن تخدمه. مع أنها في برامجها الثقافية حاولت أن تكون شاملة إلا أنها لم تشرك المجتمع فبقيت على جمودها وانحصر دورها في خدمة من يصل إليها أو من يملك علاقات جيدة بالقائمين عليها. القاصة والكاتبة شيمة الشمري عضو سابق بنادي حائل الأدبي تتساءل عن خفوت دور الأندية ودور أثرها وقالت: أولاً هناك نقطة مهمة يجب أن نشير إليها وهي أن الأندية الأدبية ليست بالضرورة (لكل المجتمع).. شأن الأندية الرياضية ليست للجميع، والاجتماعية والتربوية ووو... هي تخصصات وميول ومواهب تتباين وتختلف من هذا لذاك وكل يتوجه لما هو ميله، ويجد فيه ذاته ومايتناسب معه.. أما الأندية الأدبية: ربما جسدت تجربة اندية ادبية المشهد ادبي والثقافي في بلادنا في البدايات، ولكن مع الوقت خف أثرها وتأثيرها على نحو يدعو قبل التساؤل للتأمل.. فقد أوجدت لنفسها تقاليد امتدت لتبعث لدى كثير من المتعاطين في الشأن الثقافي شحنات سلبية رسخت قناعات بأن اندية استهلكت وباتت غير مفيدة في الغالب بتجاوزاتها لهموم ادباء حيث تعاطت في البحث في القشور ولم تقترب للاشتغال بالهموم الحقيقية للمثقف أو تحرض على انتباه للمتغيرات.  ومن دون شك عليها أن تغير من الآلية التي تعمل بها؛ إذ بعد هذه السنوات تأكدت الحاجة للتغيير، عليهم القيام بعبور هذا الطريق الضيق وتفحص المشهد المعاش والوصول لفئة الشباب المبدعين وفهم ما يجري ويدور ومحاولة التفهم لعلامات الدهشة وتبديد التساؤت المحيرة واستعادة زمام المبادرة. والمتغيرات اعلامية والتعاطي معها فرصة رائعة عادة اكتشاف مبدع هذه البلاد دون الركون إلى نماذج فنية انتفت الحاجة إليها وانتهت صلاحيتها وهنا ستزول حالة انكماش وسيكون الترحيب باندية وسيرتفع عطاء اندية حين تتجه لجميع المهتمين دون ميل لصنع بالونات فارغة. وتختتم الشمري حديثها قائلة: وبرأيي أن إعادة النظر في شأن الأندية الأدبية ضرورة ترجى، فما يحصل في (أغلبها) لا شأن له بالثقافة والأدب بل خرج إلى مجالات أخرى نحترمها، لكنها بعيدة كل البعد عن مهام الأندية الأدبية والوزارة ترى وتتصنع أنها لا ترى..!! الشاعر والكاتب حسن السبع وهو عضو سابق بنادي المنطقة الشرقية وأحد الذين عاصروا الأندية الأدبية وهو هنا ينادي إلى تحويل هذه الأندية إلى مراكز ثقافية لتخدم مجتمعاتها وقال: كل نشاط ثقافي مؤسسي رسمي أو أهلي يساهم، ولو بشكل جزئي ومحدود، في خدمة الثقافة، ويساعد على انتشارها. وبما أن السؤال يتعلق بالنوادي الأدبية، فإن هذه النوادي قد لا تتمكن من تحقيق التصور الطموح الذي يطرحه سؤالكم، فتتجاوز محيط النخبة المثقفة من الأدباء والكتاب إلى المجتمع بكل فئاته إلا إذا تحولت إلى مراكز تلبي الاحتياجات الثقافية لكل المراحل العمرية، والمستويات الثقافية المتفاوتة، والشرائح الاجتماعية المختلفة من خلال نشاطاتها غير المحدودة بسنّ معينة أو اهتمام خاص. حيث يستطيع الجميع الإفادة من نشاطات هذه المراكز، كما يجد المثقف والفرد العادي ما يشبع اهتماماته. أما عن الآلية التي تتيح لهذه الأندية أن تلعب دورا فاعلا، فيبدو لي أنه وفي غياب خطة عمل واحدة وآلية محددة لإدارتها، تلعب المبادرة الفردية دورا كبيرا في التفاوت بين أداء هذا النادي أو ذاك. خذ على سبيل المثال المرحلة الذهبية التي مر بها نادي المنطقة الشرقية الأدبي في فترة مجلس الإدارة المعين الذي كان يرأسه الأستاذ جبير المليحان، فهي فترة لم تتكرر حتى الآن هنا في المنطقة الشرقية على الأقل، كي لا أقع في مطب التعميم. والملاحظ أن بعض الفعاليات التي تقيمها بعض الأندية الأدبية، هنا أو هناك، قد لا تجذب حتى المهتمين بشؤون الثقافة والأدب، ناهيك عن غير المهتمين. فالمثقف شخص انتقائي، ولن يبدد وقته في فعالية لا تثير اهتمامه. كما أن المسألة ليست مسألة "كم". ومن ثم فإن على الأندية الأدبية أن تتجاوز إغراءَ "الكم"، وتهتم بموضوع "الكيف". وفي ظل الطفرة التقنية التي يشهدها العصر يبقى التحدي كبيرا. وستجد قنوات الثقافة المختلفة مجبرة على الدخول في حمى المنافسة لتقديم النشاط الثقافي الأفضل. فالعصر ليس عصر الوجبة الثقافية الواحدة، والمحطة التلفزيونية الواحدة، والجريدة الواحدة، كما كان ذلك في السابق. بل هو عصر الوجبات المتعددة بمختلف النكهات والمذاقات، وسيجد مستهلك الثقافة ضالته عبر الكتاب والجريدة والمذياع وشاشة التلفزيون وشبكة الإنترنت، وسيبقى الطلب مرتبطا بجودة العرض، وستجد المؤسسة الثقافية المنفصلة عن زمنها نفسها في جزيرة نائية ومعزولة. ختاما، يبدو لي أن المشكلة لا تكمن في قلة الأفكار أو التصورات حول آلية العمل الأفضل، بل في المعوقات البيروقراطية، وبعض الضغوط الاجتماعية، وفي الاستعداد لتبني تلك الأفكار والتصورات وتحويلها إلى واقع ملموس. لذلك سيبقى السؤال "من يعلق الجرس؟" معلقاً حتى إشعار آخر.