×
محافظة المنطقة الشرقية

دعوى قضائية لحل جماعة الإخوان ومصادرة أموالها وممتلكاتها

صورة الخبر

ما حدث على الأراضي المصرية خلال الأسبوع الماضي، وبالتحديد في سيناء، (رفح ومنطقة الشيخ زويد)، حين هاجم عشرات المسلحين حواجز للجيش المصري، لم يكن مفاجئاً لأي متتبع للأحداث التي تعصف بالوطن العربي منذ حوالي خمس سنوات بمستويات مختلفة، لكن المفاجأة كانت في حجم الوجود العسكري للمسلحين الذين ينتمون إلى تنظيم (داعش) الإرهابي المتوحش، والجاهزية القتالية التي يتمتعون بها، والأسلحة المتطورة التي يستخدمونها، ما أدى إلى استشهاد العشرات من قوات الجيش والشرطة، في مؤامرة واضحة تستهدف تماسك الجيش ومعنوياته، وكان على الجيش المصري أن يخوض حرباً حقيقية يستخدم فيها أنواع الأسلحة كافة للقضاء على البؤر الإرهابية، ويحافظ على وحدته ووطنه. ولم يكن الهجوم هو الأول ولن يكون الأخير، فالجيش المصري مستهدف الآن أكثر من أي وقت مضى، والهدف تفكيكه وتدميره لينضم في هذه الكارثة (التي نرجو الله ألا تتحقق) إلى الجيوش العربية التي تم حلّها وتدميرها بتعمّدٍ شيطاني وعن سابق تصميم وإصرار. فقد تم تدمير الجيش العراقي بشكل ممنهج، بدأ منذ العام 1990 حين تورّط في احتلال الكويت، ليتم التجهيز عليه في العام 2003، إذ كان أول قرار اتخذه بول برايمر بعد احتلال العراق هو حل الجيش العراقي، الذي كان من ضمن أقوى الجيوش في المنطقة، ومنذ ذلك الوقت، والعراق يخبط بدمه، مرة بالتفجيرات ومرة بالفتنة الطائفية، والآن باحتلال (داعش) لمساحات واسعة من أراضيه، نتيجة مؤامرة كبرى تم التخطيط لها بإحكام متقن. أما بالنسبة للجيوش الأخرى، فالمؤامرة على الجيش السوري لم تبدأ منذ خمس سنوات، وإنما تعود إلى العام 1976 حين دخل إلى لبنان ليغرق في دوامة العنف هناك، وليتعرض في العام 1982 لدمار أكثر من قبل الجيش الإسرائيلي، حين دمر عدداً من طائراته المقاتلة، حتى دخل في أتون الحرب الأهلية قبل أكثر من أربع سنوات، ليخسر خلال هذه الفترة الأخيرة أكثر من نصف مقاتليه ما بين منشقين وقتلى وجرحى. أما الجيش الليبي الذي تشرذم بعد مقتل القذافي فهو الآن منقسم إلى جيشين، وما بينهما عشرات التنظيمات المسلحة، منها ما هو علماني أو متطرف أو يساري أو قبائلي أو إرهابي، أي تحولت ليبيا إلى غابة سلاح، ولم يعد للجيش النظامي أي دور أو وجود حقيقي. ومن الجيوش الأخرى، الجيش اللبناني المنشغل في حرب مع الإرهابيين، والجيش الأردني المستنفر على الحدود السورية، فضلاً عن الجيشين اليمني والسوداني. وباختصار فإن الجيوش العربية المحيطة بالكيان الصهيوني إما مدمرة أو منشغلة، ولم يتبق سوى الجيش المصري صامداً، وهو أكبر جيش في المنطقة، ويسعى الإرهابيون إلى تدميره، ويتفقون في ذلك مع الطموحات الإسرائيلية وربما الأمريكية أيضاً، والهدف من وراء ذلك هو تقسيم مصر، فبعد تفكيك الجيش المصري، لا قدّر الله، سيكون التقسيم أمراً واقعاً لا محالة. وقد كتبت صحيفة الأهرام الإلكترونية في شهر أغسطس (آب) من العام 2014 في هذا الشأن قائلة: (ولو نظرنا إلى الحالة المصرية فيجب أن نعود أولاً إلى سلسلة مقالات بعنوان مصر والحرب المقبلة نشرها الدكتور محمد عمارة في الثمانينات نقلاً عن مجلة يصدرها البنتاغون (وزارة الدفاع الأمريكية)، ونقلتها مجلة كيفونيم في القدس (فبراير 1982)، وتحدثت عن أن الخطة الإسرائيلية- الأمريكية تقضي بتقسيم مصر إلى أربع دويلات: أولا، سيناء وشرق الدلتا (تحت النفوذ اليهودي). ليتحقق حلم اليهود من النيل إلى الفرات، وثانياً، الدولة النصرانية عاصمتها الإسكندرية، وتمتد من جنوب بني سويف حتى جنوب أسيوط وتتسع غرباً لتضم الفيوم، ثم تمتد في خط صحراوي عبر وادي النطرون الذي يربط هذه المنطقة بالإسكندرية، وتتسع مرة أخرى لتضم أيضاً جزءاً من المنطقة الساحلية الممتدة حتى مرسى مطروح، وثالثاً، دولة النوبة المتكاملة مع الأراضي الشمالية السودانية، عاصمتها أسوان، تربط الجزء الجنوبي الممتد من صعيد مصر حتى شمال السودان باسم بلاد النوبة بمنطقة الصحراء الكبرى، لتلتحم مع دولة البربر التي سوف تمتد من جنوب المغرب حتى البحر الأحمر، ورابعاً، مصر الإسلامية عاصمتها القاهرة، تضم الجزء المتبقي من مصر، ويراد لها أن تكون أيضاً تحت النفوذ الإسرائيلي، إذ إنها تدخل في نطاق إسرائيل الكبرى كما رسم حدودها المشروع الصهيوني... وفي موضوع ذي صلة نشرت صحيفة مصر العربية في 7 فبراير/شباط 2015 قولاً عن الخبير العسكري، اللواء عادل سليمان، إن أمن إسرائيل مرتبط بتدمير الجيوش العربية في المنطقة، حيث قال أمريكا تعتبر أمن العدو الإسرائيلي فوق كل اعتبار في الشرق الأوسط، وإسرائيل ترى أنّ أمنها لا يتحقق إلا بإضعاف كل الجيوش العربية أو تدميرها. ومن يستمع إلى محاضرة مدير مركز بيغن- السادات للدراسات الاستراتيجية في تل أبيب، بروفيسور عوزي رابي، وهو يعبّر عن فرحته بدمار الجيوش العربية، ويستخدم لغة تهكمية أحيانا، ويطمئن الحاضرين أن الدول العربية لم يعد باستطاعتها شن هجوم على إسرائيل كما حدث عام 1967 أو 1973، فإنه يدرك مدى الكارثة التي تعيشها الجيوش العربية، ومدى الاطمئنان الذي تتمتع به (دولة الكيان الصهيوني). وفي أحدث حديث له للقناة العاشرة الإسرائيلية قال عوزي إنّ القضاء على تنظيم الدولة الإسلاميّة يتطلّب حلفاً دولياً يقوم بشنّ حربٍ بريّةٍ ضدّ التنظيم، علاوة على ذلك، رأى أنّه قبل إخراج هذه العملية إلى حيّز التنفيذ، يجب قطع طرق الإمدادات عن التنظيم، ومنع الاتجار معه، وتحديداً شراء النفط منه، والذي يُدخل إلى خزينته مئات الملايين من الدولارات. ورأى أنّ تشكيل الحلف المذكور ما زال بعيد المنال، بسبب تقاعس أمريكا، وخشيتها من خوض حربٍ بريّةٍ في الشرق الأوسط، على حدّ تعبيره. وهو في ذلك يوحي بإمكانية مشاركة الجيش الإسرائيلي في هذا الحلف الدولي، متناسياً أن دولته الإرهابية والعنصرية، هي من تساعد المتطرفين في سوريا، وتنقلهم جواً إلى مستشفياتها لعلاجهم، وإعادتهم إلى أرض المعركة. ما يحدث في مصر وما سيحدث فيها هي تداعيات خطة بدأت ب عسل الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، ووصلت إلى المساعي الحثيثة لتدمير الجيش المصري. وهذا الربيع العربي الذي جاء محمولاً على أكتاف المنظرين الغربيين، وبدعمهم المباشر للمنظمات المدنية، أصبح ربيعاً أسود، وكان المخططون يعلمون أن هذاالربيع سيؤدي إلى فوضى عارمة، ولكنها ليست خلاقة مطلقاً، فقد تم تفريغه من محتواه ليصبح لعنة لن تتخلص منها الشعوب العربية على مدى سنوات طوال مقبلة. الجيش المصري آخر القلاع العربية، والحفاظ عليه هو حفاظ على بقية الجيوش العربية، لأن انهياره سيكون مثل لعبة الدومينو السريعة جداً. ولهذا، فإن تحالفاً عربياً حقيقياً هو خطوة مطلوبة الآن أكثر من أي وقت مضى، لإنقاذ الشعوب العربية قبل الأنظمة، من أن تأكل بعضها، ولاسيّما أن الفتن الطائفية قد أطلت برأسها برعونة كبيرة، وتهدد بأنهار دم. suwaiji@emirates.net.ae