نصر الله تلبسته كبرياء جنونية، معتقداً أنه سيد الوطن العربي لمجرد أن يعتلي المنبر، ويهدد ويتوعد ثم ليأتي طرف من حزبه يعلن أنه لولا تدخل قواته لذهب الأسد خلال ساعتين، وهذا يضعنا أمام حقيقة أن مظلة الرئيس السوري من جيشه النظامي لا شيء بناء على تصريحات المنقذ من هزيمته، ويذكرني نصر الله بمقولة (ستالين) عندما أعلن عليه بابا الفاتيكان الحرب فسأله: كم يملك البابا من دبابة؟! ونصر الله الذي سيحرر سورية مما يعتبره إرهاباً ضد السلطة، ويزحف على تل أبيب لم يعرف أن قياداته وحزبه الذي اخترقته إسرائيل، وصفّت من تريد، هي مجرد خصم توضع قوتها بحجم يزيد عن كل الدول العربية، وإيران معاً من حيث التسلح النوعي، والتطوير الذاتي لقواتها وأحد المصدرين للسلاح وتقنيات العصر، وحزب الله مجرد هدف صغير لا يقلقها بل يقوم بدور مساعدتها في سياساته.. سورية بنكبتها الجديدة إذا ما تلاقت أهداف أمريكا مع روسيا وإيران، فقد لا يسقط الأسد بفعل عسكري، ولكنه كحقيقة انتهى من الشعب السوري كرئيس يجب أن يقدم للعدالة، ومثله الحلفاء الذين شاركوا بتدمير سورية وقتل شعبها، وأكبر ما يؤلم أن يصل الحد من اللاجئين بيع أعضاء من أجسادهم، وآخرون أكلوا القطط والكلاب وشربوا المياه الآسنة، وأصبح انتشار شلل الأطفال وباء قد يزحف على العالم، وخاتمتها ما سربته صحيفة بريطانية من أن مرضى يعالجون بمستشفيات إسرائيل لتصبح أكثر رأفة من إيران وحزب الله أعداء ما يدعيان أنه عدوهما الأول.. الشكوك بدأت تطرح من جديد، هل المنظمات الإسلامية المتطرفة، والأكراد إلى جانب عناصر سنية أخرى، هي من تلعب دور اللاعب مع السلطة وبوجوه خفية؟ وهل بالفعل أن إعلان الأكراد ما يشبه استقلالهم عن سورية وبدعم عراقي حكومي وإيراني، وأحزاب كردية أخرى، يعني الحلقة الأولى في تجزئة سورية، لتلحقها دولة العلويين في الساحل ثم اقتطاع أجزاء من العراق وسوريا في نشوء دولة العراق والشام، في الوقت الذي يتقدم الرئيس الأمريكي أوباما ببشائره الكبرى بالمحافظة على وحدة سوريا، وهو من وقع على تمرير القرارات بتجزئتها؟ الجانب الإنساني بإيصال المعونات للمشردين في الداخل، واللاجئين في الخارج رفضت أمريكا أن تحمي منظمات الاغاثة أو دعمها بدعوى أن ما يجري في سورية «فخار يكسر بعضه»!! تفتيت سورية قد يقلب الخرائط كلها وأولها لبنان الهش الذي هدد نصر الله بأنه هو من سمح للتنوعات الأخرى بالعيش، وإلا فالبديل زحفه على كل أجزاء لبنان، وهي النذر التي تفتح آفاق حرب أهلية بعدوى من الوضع السوري، ويأتي العراق المضطرب أيضاً، وهناك ستكون كارثة التقسيم جزءاً من مرسوم وقعته أمريكا وتشهد عليه إيران شبه المحتلة لأجزاء منه، وحتى إيران سوف تجد نفسها في مواجهة مع أكرادها وأكراد العراق عندما تتم حلقة تجميع أسس الدولة الكردية الكبرى.. أما تركيا فهي واقعة على حد السكين بين الأكراد الذين يمثلون نسبة جيدة من السكان، والعلويين الذين أغراهم هاجس بناء دولتهم في الشمال السوري والأجزاء التركية الملاصقة له لوجود هذه الأقليات التي ترى أن قيام دولة كردية تجمع شتاتهم قد يستنسخها العلويون أو يدخلون في حرب مع تركيا أسوة بالأكراد، وهنا سيشكل هذا السيناريو حقيقة أن سلام سورية وتعايشها يضمن سلامة جيرانها، وفي حال فقدانها هذه الشروط ستكون ملحمة الموت والتقسيم لها ولمن حولها من الجيران.