الشباب السعودي خرج عن إطار التوصيات التي تصف له ما يجب عليه أن يكون، فلم يكن خروجه مأموناً، فعندما كسر الإطار فقد الكثير من الجهات الآمنة أو أراد هو أن يفقدها، فلا جهة له معلومة تؤدي إلى حلم الوظيفة والزواج والبيت، وأضاف عليها حلم الوصول إلى الجنة، وهذا الحلم الأخير هو الحلم المخلص النهائي من مشكلاته مع الواقع، فطريق الوصول إلى الجنة هو أقصر طرق السعادة، والمشكلة التي يواجهها المجتمع اليوم هي تتمثل في "حلم طريق الجنة"، فعندما يرى الشاب أن صلاته ومسجده وأهله ووطنه هم العقبة التي تقف أمامه للوصول إلى الجنة، يرفضهم بطريقته الخاصة، وهذه الطريقة الخاصة هي ما نسميها "مشكلة الواقع مع الشباب" ومشاكل الواقع عديدة، خاصة مع الشباب المخلص في بحثه عن طريق الجنة، ومن هذه المشاكل وصف الخوارج فقد زاد الشباب تمسكاً بقناعاتهم القاتلة، فعندما نستشهد بأوصاف تاريخية فإننا ندخل في جدل فقهي وتاريخي مسببات الاختلاف حوله كثيرة، لها معارضون ولها مؤيدون، وكلما أدخلنا جريمة معاصرة إلى محكمة تاريخية فقدنا السيطرة على الدعوى والمتهم، وهذا ما ندور فيه اليوم، البعض نقل القضية إلى ميدان الثقافة وخاصة الدراما الساخرة، فأجدنا السخرية من الشباب الذين لهم قناعات خاصة بدون أن نجيد المحافظة عليهم، فمن السهولة أن تقابل السخرية بسخرية مضادة، فالأمر يحتاج الى إبداع ميدان جديد لمناقشة قضية حلم الوصول للجنة. دعاة التطرف عرفوا كيف يجعلون للتطرف ثقافة تصف غير الملتزم بها بخيانة الله سبحانه، فخشية الله شيء عظيم ومرعب من عرف كيف يقدم هذه الخشية بخوف للشباب سيطر عليهم، ومن طمنهم من خشية الله فقد السيطرة عليهم، فتحدي المخاوف يحتاج لصناعة مخاوف وليس لصناعة تطمينات، ثقافة التطرف زودت الشباب بمخاوف تتغلب على مخاوفهم، مخاوف أمنية واجتماعية، فكلما تجاوز هذه المخاوف توصل إلى المخافة من الله، فهذه الثقافة تريد أن تبعث مخاوف المجتمع من الشباب والعكس فهل نجحت في ذلك، أو نحن الذين نجحنا في تطمينهم من تلك المخاوف؟ عملية تثقيف الشباب مسؤولية كبيرة، وتبدأ أولاً بتعريف الشباب بالمخاوف الحقيقية التي تعترض طريقهم في الوصول إلى الجنة، أما السخرية من طريقهم لن تجعلهم يتوقفون عن السير فيه. لمراسلة الكاتب: malmutairi@alriyadh.net