×
محافظة المنطقة الشرقية

«الجمارك» لـ «الحياة»: المسافران في لائحة القدوم الآلي.. ولهما سوابق

صورة الخبر

تسلمت في أواخر رمضان شتى الرسائل والنشريات من منظمات خيرية إسلامية تناشدني تقديم الصدقات في هذا الشهر الشريف ومناسبة عيد الفطر، لشتى الأغراض الإنسانية المتعلقة بالمسلمين. أعترف بأنني أرمي بها فورًا في سلة المهملات. أفعل ذلك لا بخلاً واقتصادًا، وإنما خوفًا من العواقب؛ فقد نجح الإرهابيون والمتشددون في خلق جو من الخوف والشك والحذر.. من يدريني بهذه المنظمات الخيرية وموظفيها والعاملين فيها، وما إذا كانت واجهة لمنظمات شريرة وتجمع التبرعات لها؟ فتمويل الإرهابيين والمتشددين أصبح يثير التساؤلات، والمساعدات الخارجية السرية باب من أبواب تمويلها.. ومن منا يريد أن يصبح موضع شكوك أجهزة الأمن؟ هكذا أصبح الإرهابيون مناعين للخير. هذه فقرة صغيرة من فاتورة أضرار الإرهاب. ولكن في هذه الأيام نفسها من أواخر رمضان، ناشدت الحكومة البريطانية جميع السياح الإنجليز الذين تجاوز عددهم الثلاثة آلاف سائح، مغادرة تونس فورًا تحسبًا من تكرار الهجمة الإرهابية التي جرت مؤخرًا وأدت لمقتل ثلاثين سائحًا إنجليزيًا. واقتدت دول أوروبية أخرى بذلك.. فهذه دول حريصة على سلامة مواطنيها، ولا يحكمها رجال مثل بشار الأسد. يعيش كثير من البلدان العربية على السياحة، ويكسب الضعفاء رزقهم منها. ستؤدي هذه العمليات الإرهابية إلى سد هذا الباب من أبواب الخير أيضًا، كما ستستهلك قسطًا كبيرًا من ميزانية الدولة للصرف على أجهزة الأمن وحماية السياح. وسيؤدي كله إلى زيادة فقر الشعب واستنزاف ميزانية الدولة. وهذه فقرة ثانية من فاتورة الإرهاب. إنني لا أوافق على ما صرح به السفير التونسي في لندن من أن سحب السياح من تونس سيؤدي لتقوية ذراع الإرهاب. كلا، إننا في حاجة لتوعية شعوبنا بخطر الإرهاب، وضرورة قيام الشعب ومثقفيه باستئصال هذا الداء. الفقرة الثالثة من فاتورة الإرهاب هي أثره السيئ على الرأي العام العالمي. أتذكر أنني عندما جئت لبريطانيا في الخمسينات، كان الإنجليز ينظرون إليّ باحترام بصفتي مسلمًا وابن حضارة جليلة ساهمت في تطوير الحضارة المعاصرة. تغير الأمر اليوم.. أصبح الكثيرون منهم ينظرون للمسلم بخوف وازدراء. هناك منهم من يعتقد بأن الإسلام دين لا يحترم الحياة ويضطهد المرأة. هكذا شاعت الآن ظاهرة الإسلاموفوبيا.. الخوف من الإسلام.. إنني أعتقد أنه سيأتي يوم يصبح فيه المسلمون مثل اليهود في القرون الوسطى، وسيكون كل ذلك من أفضال الإرهابيين والداعشيين علينا! يظهر أن هؤلاء القوم يعتقدون أن ما يقومون به سيقوي ويدعم الإسلام والإيمان. كلا يا سادة؛ فما سيحصل هو أن ما قيل عن الصحوة سينقلب إلى ردة، فكثير من المثقفين وأبناء الطبقة المتوسطة أصبحوا يشعرون بمشاعر سلبية ضد الدين عمومًا.. يقولون: إذا كان هذا ما يؤدي إليه، فـ«بلاش»! ويمكنني أن أتصور أن بعض الحكومات ستسعى لتقليص دروس الدين في المدارس، وبرامج الدين في وسائل الإعلام، وبدلاً من مراقبة ورقابة المفكرين والكتاب، ستفرض المراقبة والرقابة على رجال الدين وأئمة المساجد والوعاظ.. وهذه هي الفقرة الرابعة من فاتورة الإرهاب.. وستليها يا سادتي فواتير وفواتير.