أقام "غاليري 14" بالعاصمة الأردنية مساء أمس الأربعاء معرض الخط العربي بمشاركة 12 خطاطا وفنانا ينتمون لجيل الرواد والشباب الذين عشقوا هذا الفن وعرضوا لوحات تتنوع بين الخط الكلاسيكي والحديث. ويهدف المعرض الذي يستمر حتى 25يونيو/حزيران المقبل، إلى إعادة الألق والتوهج للخط العربي وإبراز جمالياته واكتشاف القدرات الأردنية والمهارات الظاهرة والمختفية في مهنة الخطاطين، وكذا إحداث تواصل فني بين الأجيال تتلاقح فيه المدارس والأفكار بين طاقات شبابية كربى أبو شوشة ومهند القيسي وفنانين رواد كمحمود طه وهند ناصر وإبراهيم أبو طوق. ويلاحظ اختلاف المدارس في 68 لوحة ضمها المعرض كالمدرسة التقليدية التي تحافظ على سلاسة الخط العربي، والمدرسة الحديثة التي تواكب العصر الحالي وتعطي الخط العربي ميزة خاصة مقارنة بالفنون الأخرى كالزخرفة والفن التشكيلي. الأميرة وجدان الهاشمي تستمع للخطاط إبراهيم أبو طوق(الجزيرة) وشارك في المعرض خطاطون استخدموا آيات قرآنية وأحاديث نبوية شريفة بألوان زيتية ومائية هم محمود طه ونصار منصور وإبراهيم أبو طوق وحسن كنعان وجمال الترك ومثنى العبيدي ومحمد أبو عزيز وعمر بلبيسي وربى أبو شوشة وياسمين الزهيري ومريم هصيص وهند ناصر. ووفق بيان صحفي لغاليري 14، فإن الخط العربي حمل رسالة الحرص على تدوين القرآن الكريم وإخراجه بأفضل أسلوب وأبهى مظهر. الخط والتكنولوجيا ووصفت رئيسة الجمعية الملكية للفنون الجميلة الأميرة وجدان الهاشمي المعرض بأنه جامع لعدة مفاهيم ومدارس، حيث استطاع كل فنان أن يعبر بخطوطه وألوانه عن مضمون عمله باقتدار. وقالت إن التكنولوجيا أثرت على الخط العربي لكنها تميل للأسلوب الكلاسيكي الذي يمد جذوره العميقة في حضاراتنا العربية ولا تميل للطريقة الحديثة. لوحة من معرض الخط العربي بالأردن(الجزيرة) وعنتأثير التكنولوجيا على الخط، يرى الخطاط إبراهيم أبو طوق أن الخط العربي سبق كل التكنولوجيا المعاصرة، وعندما تم ابتكاره كان مرتبطا بصور لا نهائية للواقع والمستقبل، وقال إن العرب كانوا يملكون في اللغة العربية ما يملكه الغرب الآن في علوم الفيزياء والرياضيات والحاسوب. وأوضح أبو طوق للجزيرة نت أن التكنولوجيا المعاصرة لن تؤثر على الخط العربي أو تمس جمالياته لأنه مرتبط بصورة غير مكتشفة من علوم وصور فنية يعجز العقل البشري عن إدراك مكنوناتها. وقال أبو طوق إنه ابتكر خطين، الأول هو "البتراء" تيمنا بالمدينة الأردنية، والثاني هو "الطوق" نسبة لاسمه الذي يتفق مع معطيات العصر المعمارية والتصميمية الصناعية وفنون الغرافيك، موضحا أنه استنبط خطوطا جديدة تتماشى مع المعاصرة بكافة أشكالها. أما الخطاطة هند ناصر فاعترفت بتأثير التكنولوجيا على الفنون بشكل عام، ومنها الخط العربي، لكنها استدركتأنه رغم هذا التأثير هناك عدد كبير من الفنانين والخطاطين استمروا في إنتاج الأعمال الفنية ولوحات كان الخط العربي أبرز ملامحها. لوحة من معرض الخط العربي بالأردن(الجزيرة) وأضافت ناصر أن المشاركة الواسعة في معرض الخط العربي تعتبر دلالة على الكم الكبير من الخطاطين ذوي الخبرة الطويلة الذين ما زالوا يحافظون على هذا الفن، منوهة إلى أن كلية الأمير غازي للعمارة الإسلامية تدرّب عددا كبيرا من طلابها على الخط العربي للحفاظ على جمالياته وحتى لا ينقرض أو يتلاشى تحت تأثير التكنولوجيا. شأن ثقافي بدوره، يرى مهند القيسي الذي يحمل درجة الماجستير في الفنون الإسلامية، أن الحاسوب أثّر على مستوى استخدام الخط العربي من الناحية العملية وليس من الناحية الفنية، لأنه حسب مقولة الخطاط ياقوت المستعصي "الخط هندسة روحانية ظهرت بآلة جسدية.. يقوى بالإدمان ويضعف بالترك"، وتساءل قائلا "هل يملك الحاسوب أية روحانية؟". لوحة من معرض الخط العربي بالأردن(الجزيرة) من جهتها، ترى الأديبة زليخة أبو ريشة أن المعرض إضاءة على الحرف العربي بتاريخه العريق والعريض، فمنذ علقت القصائد العشر التي سميت "المعلقات" ودوّن القرآن الكريم وديوان "الهُذَليين" -نسبة لقبيلة بني هذيل- أصبح للخط العربي شأن ثقافي مهم، لكن الفنان العربي اشتغل عليه جماليا وأدخله عنصرا أساسيا في عمله الفني الذي اندمج وظيفيا بالعمارة وصناعة الأواني النحاسية والمعدنية والزجاجية والأنسجة والحلي والمساجد والقصور. وواصلت أبو ريشة حديثها قائلة إن الفن الحديث التجأ إلى استلهام الخط واستكشاف جمالياته وابتداع آفاق جديدة من الخطاطين كما فعلت وجدان الهاشمي والمغربي محمد المليحي ورافع الناصري وضياء العزاوي الذي استعمل النصوص الجاهلية والحديثة، وكذا منى السعودي التي كتبت قصائد الراحل محمود درويش وأدونيس.