تمتاز العمائر الإسلامية بالعديد من المميزات الفارقة التي تعكس طابعها الفني والهندسي، ويكشف الدكتور زكي محمد حسن في كتابه في الفنون الإسلامية ملامح ذلك الطابع الفريد وتجلياته، ويرى أنه من بين أبرز تلك المميزات: المآذن، القباب، المقرنصات أو الدلايات، العقود أو الأقواس، الأبواب. تعتبر المآذن من أبرز المعالم المميزة في عمارة المساجد الإسلامية، وقد عرفت مراحل مختلفة من التطور منذ بدء الإسلام وإلى اليوم، مطبوعة بطابع التنوع بحسب الثقافة وهوية المكان. في البداية لم تكن للمساجد الأولى في الإسلام منارات حتى أواخر القرن السابع الميلادي، وقد عرف المسلمون أنواعاً متعددة من المآذن من بينها، نوع على شكل برج مربع، وقد انتشر في شمالي إفريقيا والأندلس، ومن أمثلته مئذنة المسجد الجامع في القيروان ومنارة الكتبية في مراكش، ومنارة مسجد أشبيلية، أما المنارة في الطراز العثماني فمستديرة ودقيقة وممشوقة، وفي أعلاها مخروط مدبب، ومن أمثلتها المآذن في جوامع اسطنبول وجامع محمد علي في القاهرة. أما مآذن إيران فليس فيها شرفات للمؤذن، بل تنتهي في أعلاها بردهة يسندها كورنيش قائم على دلايات أو مقرنصات، ويشبه هذا النوع من المآذن الفنارات وليست له أناقة سائر المآذن في العالم الإسلامي. وفي الهند كانت المآذن في الأغلب مستديرة تضيق كلما ارتفعت، وتزينها شرفات وتضليعات، بينما كانت المآذن في مصر وسوريا مختلفة الأنواع، فمنها مثلاً: المنارة الحلزونية في جامع ابن طولون، ومنارة جامع الحاكم الغريبة الشكل، ومنها منارات تشبه أبراج الفوانيس في الكنائس، وبشكل عام، فقد غلب على مآذن مصر وسوريا نظام المآذن ذات الأدوار الثلاثة: مربع، مثمن، أسطواني. هذا التنوع الشديد في المآذن والطراز الفني الذي اختلف من مكان إلى آخر بحسب ثقافته ومؤثراته الحضارية جعل من المآذن فناً إسلامياً راقياً وقابلاً للتناغم مع المكان حيث ما كان. ومن أشهر المآذن في التاريخ: مآذن الحرمين الشريفين، مآذن القاهرة، مآذن الشام، مآذن العراق، مآذن المغرب، مآذن الهند، مآذن سمرقند وبخارى وطشقند، مآذن حضرموت واليمن، مآذن إفريقيا (المآذن الطينية)، مآذن أوروبا، مآذن دول الخليج، المآذن الحديثة. أما الميزة الثانية من مميزات العمارة الإسلامية فهي القباب وقد أخذ المسلمون تقاليدها المعمارية من البيزنطيين والساسانيين. وأحسن القباب الإسلامية موجودة في مصر، وقد امتازت بارتفاعها وتناسق أبعادها، وبالزخارف التي تزين سطحها الخارجي، أما في إفريقيا فقد كانت القباب على شكل نصف دائرة تقريباً، ولم تكن لها زخارف خارجية، وكانت القباب في الطراز العثماني على شكل نصف دائرة غير كامل، كما كانت هناك غالباً قبة رئيسية تحيط بها أنصاف قباب، أما في إيران فقد كانت القباب بصلية الشكل تستند الى مقرنصات، وتغطى بتربيعات من القاشاني البراق. وتعدّ المقرنصات أو الدلايات الميزة الثالثة من مميزات العمارة الإسلامية، وهي زخارف معمارية تشبه خلايا النحل تكون في واجهات المساجد أو في المآذن، لتقوم عليها الشرفات التي يدور فيها المؤذن، أو في تيجان بعض الأعمدة الإسلامية، أو في القباب بين القاعدة المربعة والسطح الدائري، وقد استخدمت للزخرفة في الأسقف الخشبية، كما تعتبر ظاهرة تدلل على شغف المسلمين بالأشكال الهندسية وحرصهم على تغطية المساحات العارية عن الزخرفة. أما العقود أو الأقواس فهي الميزة الرابعة، وتوجد منها أنواع متعددة من العقود في العمارة الإسلامية من بينها العقد المزخرف بالمقرنصات، ونجده في الطراز الأندلسي المغربي، والعقد نصف الدائري والعقد العادي المدبب أو ذي المركزين، والعقد الفارسي الذي ينتهي انحناؤه بخطين مستقيمين، والعقد ذو الفصوص البعيدة، وكان يستخدم كزخرفة سطحية في البوائك الصماء. فيما تشكّل الأبواب الميزة الخامسة، ويتم تصفيحها بالبرونز، أو كسوتها بقطع من النحاس المخرم تركب على أشكال نجوم هندسية وأشكال متعددة الأضلاع.