يرى اقتصاديون أن البرنامج الذي تم التوصل اليه في بروكسل لتجنب خروج اليونان من منطقة اليورو قد يكون له تأثير عكسي ويؤدي الى تقريب هذا الاحتمال. للحصول على 82 الى 86 مليار يورو من المساعدات الجديدة على مدى ثلاثة اعوام من الجهات الدائنة، سيكون على اليونان التي تقودها حكومة يسارية راديكالية ان تثبت اولا حسن نيتها عبر زيادة شد الاحزمة وتبني سلسلة اجراءات حول ضريبة القيمة المضافة والتقاعد يعتبر الاقتصاديون انها "تفاقم الانكماش". وقال المحللون في مصرف كريدي سويس ان "الاجراءات (التي يفترض التصويت عليها) تبدو بوضوح اكثر تقشفا". تأتي هذه الاجراءات وغيرها المدرجة في الاتفاق بعد خسارة ربع اجمالي الناتج الداخلي خلال ستة اعوام، وبعد أن خرجت اليونان من الانكماش في 2014 لتعود اليه في الربع الاخير من 2014 خصوصا بسبب عدم تسلمها الدفعة الاخيرة من القروض الدولية المقررة في الخطة الثانية للمساعدات التي قدمها الاتحاد الاوروبي وصندوق النقد الدولي وكل الشكوك المحيطة بالوضع السياسي. ومنذ الاثنين، اشار عدد كبير من الاقتصاديين الى هذا الوضع. وقال بول دي غروف من جامعة لندن للاقتصاد (لندن سكول اوف ايكونوميكس) ان "ثمن الاتفاق باهظ جدا (...) النتيجة هي ان اليونان ستبقى في الانكماش لعدة سنوات". وتساءل فيليب فيشتر من مجموعة ناتيكسيس اسيت مانيجمنت ان "الاتفاق يثير تساؤلات عدة اولها يتعلق بالنمو: متى يمكن تصور عودة النمو الى اليونان؟" اما استاذ العلوم السياسية ومدير هذا القسم في جامعة اثينا ميخاليس سبوردالاكيس فقال "ليس هذا ما كنا نتوقعه انه برنامج لا يجنبنا الانكماش". وطبقا لحسابات كريستيان اودندال وجون سبرنغفورد من المركز الاوروبي للاصلاح، سيتعين على اليونان بموجب الاتفاق ان تحقق فائضا اوليا، اي ميزانية ايجابية، عدا عن تسديد الديون، حتى تتمكن من بدء التفاوض مع دائنيها بشأن تخفيف دين عام خانق يوازي نحو 180% من اجمالي الناتج الداخلي. ويقدر الدائنون الفوائض الأولية المطلوبة من 2015 الى 2018 ب 1% و2% و3% و3,5% تباعا. ولكن اليونان لن تحقق فائضا في سنة 2015 المضطربة سياسيا. ولتحقيق مدخرات بنسبة 3,5% في السنوات الباقية، سيتعين على اليونان ان تخسر ما بين 3,2 و4,25% اضافية من اجمالي الناتج المحلي وفق خبراء المركز الاوروبي للاصلاح. وقال اقتصاديو المركز ان الحكومة التي "ادعت بتهور انها ستنهي سياسة التقشف سترغم الان على فعل العكس عبر خفض اجمالي الناتج الداخلي وزيادة البطالة (البالغة اصلا 25%) وستقوي الراديكاليين وتدفع باتجاه مزيد من عدم الاستقرار السياسي". وقبل تصويت الاربعاء، عمل رئيس الوزراء الكسيس تسيبراس على اقناع السياسيين منذ الاثنين بالتأثير الانكماشي لاولى التدابير المفروضة. ولكنه قال ان ذلك من اجل "تحسين فرص الحصول على خطة اوروبية للاستثمار بقيمة 35 مليار يورو، واعادة هيكلة الديون وضمان التمويل لثلاث سنوات ما يعني بالنسبة للاسواق والمستثمرين ان خروج اليونان من اليورو بات من الماضي". ولكن تفادي خروج اليونان من اليورو تحديدا ليس بالامر الاكيد كما يقول الاقتصاديون. ويقول خبراء المركز الاوروبي للاصلاح ان "خروج اليونان من اليورو ما زال مطروحا". ويعتبر جوناثان لوينس من كابيتال ايكونوميس انه ما عدا في حال القيام باعادة هيكلة اساسية لديون اليونان، وهو امر غير مرجح، فان مستقبل اليونان في منطقة اليورو "امر مشكوك فيه الى حد كبير". ويلاحظ اقتصاديو دويتشي بنك خصوصا ان الحديث عن خروج اليونان لم يعد من المحرمات "ابتداء من نهاية هذا الاسبوع". وفي حال حدوث ازمة جديدة مع حكومة اليونان "سيكون خروج اليونان من اليورو هذه المرة جزءا من الخيارات المطروحة في وقت مبكر خلال المفاوضات وعلى الساسة اليونانيين ان يدركوا ذلك جيدا".