طالب قانونيون سعوديون وزارة التجارة والصناعة بتشكيل فريق عمل، يضم محامين ومستشارين قانونيين، لوضع آلية أو نظام يحمي حقوق المستثمرين السعوديين في الخارج، خاصة في الدول التي تشهد اضطرابات داخلية، مثل مصر وسورية. وأشار الدكتور إبراهيم الغصن، رئيس اللجنة الوطنية للمحامين في مجلس الغرف السعودية، في حديثه لـ الاقتصادية إلى أهمية التنسيق بين وزارة التجارة واللجنة الوطنية المحامين، لوضع آلية لحماية وحفظ حقوق المستثمرين السعوديين في الدول التي تشهد اضطرابات داخلية، وذلك بعد بروز إشكاليات في هذا الشأن. وأضاف الغصن أن ما شهدته الاستثمارات السعودية في مصر وسورية وتونس، وأيضا في الكويت بعد اجتياح العراق لها، وأيضا ما حدث في العراق بعد تغيير النظام العراقي السابق؛ يُحتّم وضع نظام يُوقَّع مع هذه الدول، يكفل حقوق المستثمر إذا تغيرت الأنظمة الحاكمة، بحيث يكون المستثمر بمعزل عما يحدث من تطورات سياسية وأمنية. وقال إن تجربة مصر يجب أن تكون دافعا للتنسيق بين وزارة التجارة واللجنة الوطنية للمحامين، لقراءة واقع الاستثمارات السعودية في الدول الخارجية لحفظها من الضياع، وأضاف: يجب عدم الاكتفاء بتوثيق العقود والاتفاقيات والمستندات في تلك الدول فقط، بل ينبغي أن يكون لوزارة التجارة وسفارات خادم الحرمين الشريفين دور في ذلك، بالاحتفاظ بنسخ من هذه العقود والاتفاقيات لحماية الاستثمارات السعودية. وأكد أهمية وجود اتفاقيات دولية مع هذه الدول، لحماية وصيانة حقوق المستثمرين والأفراد إذا تغيرت أنظمتها، وقال: هناك مستثمرون سعوديون في السودان مثلا يخشون حدوث تقلبات سياسية تعصف باستثماراتهم هنا. كما حمّل الغصن المستثمر السعودي جزءا من مسؤولية ضياع حقوقهم بسبب عدم الإلمام بكيفية حماية وحفظ حقوقهم قانونيا. وقال: وجود الصكوك والعقود ليست بمثابة حماية لاستثماراتهم وأملاكهم، بل يجب مراجعة السفارات السعودية، التي يُفترض أن تضم إدارات قانونية تتولى تقديم المشورة للمستثمرين، وأن يتم الاحتفاظ بنسخ من هذه العقود والاتفاقيات لدى هذه السفارات. و تابع رئيس اللجنة الوطنية للمحامين قائلا: هذا الأمر يقودنا إلى دور وزارة الخارجية في ذلك، عبر إنشاء هذه الإدارات القانونية التي تعنى بحماية الاستثمارات والأملاك، وألا يقتصر دورها فقط على رعاياها، بل يجب أن يشمل ذلك حماية الأملاك والاستثمارات. ودعا وزارتي التجارة والخارجية للاستعانة بمحامين سعوديين لتولي هذه المهمة، والإشراف على إنشاء هذه الإدارات في السفارات، لتقديم الاستشارات القانونية عبر إلمامهم بالأنظمة التجارية والعدلية في تلك الدول، ودعا أيضا وزارة التجارة لإنشاء لجان تتولى هذه المهمة، لدراسة واقع الاستثمارات السعودية في تلك الدول والمخاطر التي تحيط بها. وأضاف: هناك مستثمرون لديهم محامون يقومون بهذا الدور في كثير من دول العالم، لكن الدول التي تعاني اضطرابات سياسية وأمنية، مثل مصر، تحتاج إلى عمل المستثمرين تحت مظلة جهة رسمية، ممثلة بوزارتي التجارة والخارجية، اللتين تحتاجان إلى جهات قانونية مختصة بهذا الشأن. وأشار الدكتور ماجد قاروب، نائب رئيس الغرفة العربية للتوفيق والتحكيم، إلى صعوبة تقديم وصفة قانونية لمعالجة الاستثمارات في مصر، حيث إن الاستثمارات تختلف من حالة لأخرى وفقا لحجم الاستثمار ونوعه وطبيعته، بالتالي لا توجد وصفة تستطيع تعميمها لمعالجة قضايا جميع المستثمرين في وقت واحد. وأشار إلى نوعين للاستثمارات الخارجية، منها استثمارات حكومية، وأخرى استثمارات عائدة للقطاع الخاص أو الأفراد، بالتالي فإن لكل نوع قنواته وأدواته القانونية للاستثمار والعمل والحماية، بما في ذلك تحويل الأرباح، ومنع الازدواج الضريبي على رؤوس الأموال والأرباح. وقال: مما لا شك فيه أن الاضطرابات السياسية، وتغير الأنظمة والحكومات، من الأمور التي تقلق المستثمرين، سواء كانوا أفرادا أو حكومات، وما تعيشه بعض الدول العربية، وقبل ذلك الأزمة المالية العالمية جعلت المستثمرين يعيشون تحت قلق شديد للحفاظ على استثماراتهم وأموالهم. وأفاد أن جميع دول العالم لديها قوانين فعالة لجذب الاستثمارات وحمايتها، وطمأنة المستثمرين الأجانب على رؤوس أموالهم واستثماراتهم وأرباحهم، كما أن الدول المصدرة لرؤوس الأموال، مثل السعودية، لديها نظام للمستثمرين الأجانب. وأشار إلى تنظيم ملتقى قانوني للمحامين في العالم العربي، في الفترة من 10 إلى 12 كانون الثاني (يناير) المقبل في دبي، يشارك فيه المعهد القضائي الإيطالي وجامعة روما، والاتحاد الدولي للمحامين، وهيئة الحقوقيين الإماراتية، لمناقشة قوانين حماية الاستثمار في العالم العربي، واستعراض نموذج القوانين المصرية والتونسية، باعتبارهما من أكثر وأكبر الدول العربية المستحوذة على استثمارات عربية وإفريقية وعالمية. وقال إن الملتقى سيشارك فيه أساتذة مختصون بقوانين حماية الاستثمار وفض منازعات الاستثمار الدولي، وإنه تم توجيه دعوة لأكثر من 200 ألف محام مختص بقضايا التحكيم وحماية الاستثمارات، للمشاركة في الملتقى. وأوضح أن تنظيم الملتقى يدل على أهمية حماية الاستثمارات، وتفعيل الأنظمة القانونية المختصة بذلك، الأمر الذي سينعكس إيجابا على المستثمرين سواء كانوا حكومات أو أفرادا أو قطاعا خاصا، وتشمل الودائع المصرفية والمساعدات المالية للمصارف المركزية، وأيضا أموال الصناديق القارية والعالمية، مثل صندوق النقد العربي وصندوق النقد الدولي. من جانبه، أكد عادل الحمام، عضو اللجنة الوطنية للمحامين في مجلس الغرف، أهمية استعانة وزارة التجارة باللجنة لتقديم استشارات قانونية، وقال إن هذا يتطلب تشكيل فريق من المستشارين يمتلكون خبرة ودراية بالاتفاقيات الدولية التي تنظم الاستثمارات في الخارج، مضيفا أن هذا الفريق ينبغي أن يعمل تحت مظلة التجارة، كجهة رسمية تمثل السعودية في المفاوضات التجارية مع الدول الأخرى. وأشار إلى أهمية إشراك فريق من المحامين ضمن الوفود التجارية في عمليات التفاوض، لمعالجة وضع الاستثمارات السعودية في مصر، مبينا أن هذا يشكل حماية لهذه الاستثمارات وأيضا بقية الدول الأخرى. وتابع: نحتاج إلى نظام يحمي هذه الاستثمارات، رغم وجود نظام للاستثمار الأجنبي في السعودية، فمن المفترض عندما يرغب السعوديون في الاستثمار والتملك في الخارج أن يتم ذلك تحت مظلة جهة رسمية، ممثلة في وزارة التجارة ووزارة الخارجية، عبر لجان قانونية تشكل لتقديم المشورة القانونية للمستثمرين وحماية استثماراتهم. ودعا الحمام المستثمرين لعدم الذهاب فرادى للاستثمار في الخارج، بل ينبغي أن يكون هذا تحت مظلة الجهات الرسمية. في نهاية الأمر هذه أموال سعودية سيستفيد منها الاقتصاد الوطني إن أحسن استثمارها، أو سيتضرر بسببها الاقتصاد إذا ضاعت في الخارج دون أن تلقى الحماية الكاملة.