المعنيون في هذا العالم جالسون في زوايا الأرض، وكل منهم يقرأ الاتفاق مع إيران من زاويته. والاتفاق نفسه لا يحرز عناء القراءة، لأنه خبر سري على ورق سري. لذا، يجب الانتقال إلى قراءة ما بعده. قبل الاتفاق مع إيران وقَّعت أميركا اتفاقا مع كوريا الشمالية. والتُقطت صورة تذكارية لبيل كلينتون يهنئ نفسه والشعب الأميركي، ويكافئ الزعيم المبجل بمليار دولار. وعندما جف الحبر، أطلق المبجلون صاروخًا على اليابان. في القراءة الأولى: باعت إيران إلى أميركا عقدًا لإخلاء المنزول مدته عشر سنوات آتية بعد السنوات العشر الماضية. وقبضت ثمن الحبر رفع العقوبات ورفع الحجوزات. ومن هنا سوف يدخل 80 مليون إيراني الأسرة الدولية، وهذا أبسط حقوقهم. لكن السؤال الذي لا جواب عليه في البنود، هل ستدخل إيران كثورة أم كدولة؟ الشيخ حسن روحاني ووزير خارجيته أم القوى السبع التي تشكل جمهورية إيران العميقة، بما فيها الحرس الثوري وفيلق القدس وفيالق قاسم سليماني في العراق وسوريا واليمن؟ رجاء، لا تحاولوا أن تفهموا. تمهلوا قليلاً، وإلا فكيف يمكن أن تفهم أن أول مهنئي المرشد الأعلى بالانفراج مع الشيطان الأكبر، هو بشار الأسد الذي يعتبر أن كل ما حدث في سوريا مؤامرة أميركية صهيونية كونية؟ تمهلوا، فالاتفاق مع أميركا كان في حضور شاهدين أساسيين إلى جانب إيران: روسيا والصين. ومن بين 85 بندًا أعتقد أن 84 منها لصالح إيران، وواحدًا قد يكون لصالح أميركا. كان رشدي المعلوف (والد أمين) يقول: إذا تشاجر حامل مسدس وحامل صاروخ نووي، يربح حامل المسدس، لأنه قابل للاستعمال. إيران شهرت في وجه أميركا مسدسًا، وهددت بصاروخ نووي. أما أميركا فهددت بأن المستر كيري سوف يكسر ساقه الأخرى إذا لم تقبل إيران بخفض التخصيب. المنطقة مشتعلة وفيها موت كثير. وهذا الموت جزء منه مسؤولية إيران، وجزء مسؤولية أميركا، وجزء روسيا، وجزء الصين، والباقي للباقين. وسوف نرى بعد قليل ماذا يحدث: هل تخفض رياح الموت أم يحدث هبوب آخر؟ وماذا كان يعني بشار الأسد عندما سارع إلى تهنئة المرشد الأعلى؟ ولماذا ابتهج أنصار إيران بالمصالحة مع الشيطان الأكبر؟ لا بد أن نتمهل. حدث ضخم جدًا أكبر من نفسه وأبعد من أنوفنا. مهلاً. ومهلاً أيها السادة «المحللون» السياسيون. ارفقوا بالأثير.