عبر معظم الشاشات المصرية سارت تظاهرة قبل ظهر الخميس لتحية كأس العالم الكروية، وفور وصول الكأس إلى مطار القاهرة في زيارة رسمية لمصر لثلاثة أيام، أعلنت مقدمة برنامج «بث مباشر» على شاشة «سي بي سي» بفرحة أن الكأس ستكون في حوزة القناة غداً (الأحد) في الاستوديو ومعها ثلة من الخبراء، بينما أعلن زميلها في مداخلة هاتفية من مطار القاهرة أن المطار متوهج الآن، بما فيه من أهل الرياضة والفن والشخصيات العامة في احتفالية كبرى ومميزة، لأن سعادة جنابها، أي الكأس، لن تذهب إلى أي بلد في أفريقيا سوى بلد واحد غير مصر التي بدأ بها في تحية من لجنتها المنظمة وراعيها الرسمي. ولم يدر مراسل المطار أن وزير الشباب المصري سيكون المتحدث التالي، عبر الهاتف أيضاً، وأنه في عز التهليل لوصول الكأس، لم ينس أن أمل مصر بالمشاركة في المسابقة ضعيف جداً... ومرت هذه الحقيقة الصادمة بلا تعقيب لأن المناخ الإعلامي كان مهيئاً للأفراح وليس للأحزان، وبالأسلوب الذي أدارته الشركة الراعية لرحلة الكأس للترويج للمسابقة التي تجري العام المقبل، والترويج طبعاً لمنتجاتها من المياه الغازية، يصح القول الآن «وراء أي برنامج «مِتْشاف» (أي عليه إقبال جماهيري) رعاية إعلانية منظمة». ومن هنا مثلاً تراجع إقبال قنوات التلفزيون المصري عن نقل المؤتمر الصحافي لوزير الخارجية المصري نبيل العربي ونظيره الروسي سيرغي لافروف عقب وصوله إلى القاهرة، من المطار ذاته. وبدا أن الكأس وراعيها اقتنصا مساحات كانت مخصصة للوزير الروسي ومعه وزير الدفاع أيضاً... بل إن القناة الأولى للتلفزيون المصري الرسمي نقلت وصول الكأس إلى المطار والحفاوة الصاخبة بها والحفلة السريعة التي أدارها الممثل عزت أبو عوف في البداية، بينما تولت الفضائية المصرية نقل مؤتمر لافروف وفهمي. والأغرب من هذا أن القناة الأولى أنهت نقلها لوصول الكأس بأغنية شادية «يا حبيبتي يا مصر» وكأنه واجب قومي! بينما تركت للفضائيات الخاصة المساحات الكبرى للترويج للرحلة الميمونة، فبدأت حملة إعلانية فورية على «القاهرة والناس» لاجتذاب اتصال المشاهدين عبر الهواتف الثابتة والنقالة للفوز بمقعد في حفلة تكريم الكأس عند سفح الأهرامات مساء اليوم، وبالطبع ستستمر الإعلانات لدفع أكبر عدد من المشاهدين للاتصال والفوز بشرف لقاء الكأس والفرجة عليها وعلى المشاهير المدعوين في آن واحد. أما المفاجأة الأهم، فهي أن يوم وصول الكأس صادف يوم رفع حظر التجوال وعودة الحياة الليلية إلى من يهواها... فهل كان الأمر صدفة؟ أم أنه حُسن إعداد وتخطيط وتدبير يخص المعلنين الآن في مصر؟