شاهدنا وسمعنا ما قاله منصور عندما خرج طليقا حرا! وهو عائد من محيط النار، حتى نسي العالم اصحابه الاعلاميين مثلما نسي العالم حكاية علوني مع سبع سنوات عجاف، نسي العالم العشرات الذين قضوا ويقضون في السجون القاسية دون أن يلتفت لهم أحد، بينما منصور قال للسلطات الالمانية، يجب ان اصافح وأحيي من وقفوا ينتظرونني، فهو في داخله يتحين تلك الفرصة الاعلامية، وهو يصر على السلطات التي تود منعه، خوفا عليه وكالعادة السينمائية سرد لنا أولئك الذين حضروا لاستقباله بشعبوية اعلامية كشخص داخل للانتخابات النيابية !! يود ان يقبّل رؤوسهم، حيث سمعنا خطبته العصماء، للذي جاء على مقعد وتلك المرأة التي جاءت تحمل طفلها، لكل تلك الاغنيات التي طبّل لها في المقابلة. هكذا سنتفحص مقابلة فيروز زميلة احمد منصور في برنامجه بلا حدود وكيف برعت المحطة الجزيرة في العجالة للاعداد للمقابلة وتنضيد وترتيب اسئلة ممركزة، جمعت بين اناقة شيقة للحكايات الروائية التي يحبها الناس، ومن اجل استجلاء ولغط يدور خارج فضاء المحطة، فلدى كل انسان سؤال مشروع حول توقيف النجم! في بلد ديمقراطي؟. المقابلة/ التمثيل، كانت محاكة ومحبوكة من القناة، من اجل استعادة البريق الذي خفت خلال وبعد الربيع العربي، ويسعون بكل ما يملكون من موارد وطاقات استعادة ما اختطفه الوقت والمتغيرات والمستجدات، ومن الصعب على إمرأة عجوز ان تستبدل بالمكياج جمالها المسلوب. لنتأمل المقابلة الثانية بعد مقابلة غيدو، لنرى ما يمكن رؤيته من زاوية وعدسة مختلفة عن عدسة احمد منصور وقناته، وتلك الاسئلة الجاهزة والاجابات الجاهزة، التي بدت كامتحان مدرسي مغشوش سرقه الطالب أو تسربت اجاباته له باتفـاق بين الطرفين. تعالوا نسمع الخطابة، وواضح محتواها الممركز في الدعاية والترويج للاعلاميين في سجون مصر ومرشد الاخوان، ومسيلات الدموع التي اطلقها منصور كمدافع عن زملائه المكبلين، محاولا تلميع القناة من صدأ لونها الفضي والنحاسي السابق، وتمادى بعد تلك الخطابية في اللغة الهجومية الشرسة، حيث استرسل بفرح خطابه بجرعات دينية واضحة وكأنما يريد ان يبلّغ رسالة حين قال سخره الله!! حتى المذيعة فيروز بدت مستغربة في كلمتها تقول سخرها الله بتعجب لعلها تنتشله من الانجرار العاطفي لمفردات قد تكون مستهجنة عند المشاهدين. وبما أن قصص وحكايات السجانين تشبّع بها الادب والسينما بكثرة، فإنني لن اقف مطولا معها إلا فيما هو مثير ومتعلق بفكرة اختفت قناة الجزيرة ومنصور خلفها وهو الغرض الاساسي من المقابلة، فنحن ازاء تهليل وهتافات السجناء منصور.. منصور! فتخيلت نفسي انني اشاهد فيلما مصريا وان السجناء في ابوزعبل وليس في سجون المانيا، بل اشفقت على الجالية العربية في المانيا اذ وجدت العرب اكثرهم مجرمين من زحمتهم هناك بل وبدا خاليا من الاجانب إلا ذلك الشاب الالماني! والطامة الكبرى ان ذلك التهليل لم يقل لنا عنه ناس اخرون وقادمون من طوق النار، وانما المتحدث هنا منصور نفسه وعن نفسه وقناته، حيث الهتافات الجماهيرية والقبل الحارة والعناقات في السجن، اذهلت الالماني الشاب!! الذي قال له انك لابد وان تكون من كبار زعماء المافيا وبما ان الثقافة والارث المصري ووعيها التراثي وكل افلامها تردد انا حبيتك من عشرين سنة! وانا عندي سر مخبياه عليك يأ ابني من عشرين سنة الخ ولكي نكتشف كذبة منصور فاجأنا الالماني بقوله انت شكلك جاي هنا اكثر من عشرين مرة!! يا للعجب لم تكن 22 سنة ولا 18 سنة وانما راوند فيجر! من اختراع منصور المصري وليس الانجليزي الجنسية !. كل ذلك التهليل في السجون لمذيع الجزيرة لم يكن كافيا، وانما السجان فتح له التلفاز وتركه على محطة الجزيرة التي وقرت إذن منصور، وهنا بابتسامة متصنعة لتمجيد القناة، قالت فيروز اهو امبسط يا عم وغيره من المفردات المفتعلة، وعلى رأسها ان هناك في السجن ايجابيات وليس كله سلبيات وكانت الايجابيات شهرة نجم قناة الجزيرة ووجود القناة في قلب السجن الالماني وحدثه الساخن، وسنجد اعادة التلميع للقناة مرات ومرات في اجواء ومسار المقابلة عندما استشهد على لسان اخرين بقوله: أن الجزيـرة قناة العرب!. نلاحظ طوال حديثه البروباغندا المتنوع والموزع مرتبط بفكرة محورية رباعية الدفع هما احمد منصور، الاخوان قناة الجزيرة، قطر، ذلك التداخل له خصوصياته وتبايناته ومدى تشابك الاربعة في خيوط معينة، يحاول منصور تجييرها له في نهاية المطاف، فالتعدي والاهانة لمنصور هو تعدي على القناة التي هي بالضرورة تعدى على قطر، والتي وصفت بعبارة المكيدة او القضية الكيدية ضدها! ان محاولة التعلق بالجزيرة كحماية، وبأن ما تم ضده ليس إلا مكيدة ليس لمنصور وحده بقدر ما هي للجزيرة ولقطر، واللبيب من الاشارة يفهم. هذا الزج بالدولة في معركته المهنية كانت سلاحا خبيثا هدفه الاستجداء الخفي، والتواري والمواربة نحو تضخيم قضيته الى درجة المبالغة، بحيث أن كل الاعلام العالمي! حسب ادعائه وقف معه ومن ثم كأنه يقول وقف مع قناة الجزيرة ومع الحرية والاعلاميين الشرفاء المدافعين عن الناس وكأنما طوفان نوح الجديد يبرز للكون، وسنرى سفينة احمد منصور المصطفاة بجمله الدينية حيث قال تلخصت في ارادة الله وان الله سبحانه وتعالى اراد أن يخزي ويذل ويقهر عبدالفتاح السيسي وقضاته الفاسدين ونظامه أجمع وبأن الارادة السماوية تدخلت كثيرا لمنصور في كل لحظاته الحرجة لتمنحه الهدوء والقوة حسب قوله!.