رحب قادة العالم بالاتفاق النووي مع إيران الذي أعلن أمس الثلثاء (14 يوليو/ تموز 2015) في فيينا حيث تحدث الرئيس الأميركي باراك أوباما عن «اتجاه جديد» والرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن «تنفس الصعداء» في العالم، في حين قالت إسرائيل إنها «غير ملزمة» بالاتفاق وبأنها ستواصل الدفاع عن نفسها. واقترح رئيس الوزراء السويدي السابق كارل بيلت منح جائزة نوبل للسلام للعام 2015 للمتفاوضين. وقال الرئيس الأميركي إن الاتفاق يؤكد على نجاح الجهود الدبلوماسية المضنية ويوفر الفرصة لتطبيع العلاقات مع إيران. وأضاف «لقد أوقفنا انتشار الأسلحة النووية في المنطقة. تم قطع جميع الطرق المؤدية إلى السلاح النووي». وقال «هذا الاتفاق يوفر فرصة للمضي في اتجاه جديد علينا أن نغتنمها»، واعداً برفع العقوبات الأميركية عن إيران التي لاتزال العلاقات الدبلوماسية مقطوعة معها منذ 35 عاماً. ولكنه حذر من أنه إذا لم تحترم إيران التزاماتها فسيتم فرض «كل العقوبات» مجدداً. لكن رئيس مجلس النواب الأميركي الجمهوري جون باينر ندد بالاتفاق النووي، مؤكداً أنه سيسعى مع أعضاء آخرين في الكونغرس بكل الوسائل لعرقلته. من جانب آخر، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن الاتفاق هو «خيار قوي من أجل الاستقرار والتعاون (...) لقد تنفس العالم الصعداء». وأضاف إن موسكو «ستفعل كل ما بوسعها» لضمان نجاح الاتفاق. وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في فيينا إن روسيا «ستساهم في خطوات عملية من أجل تطبيق الاتفاق». وقال لافروف: إن «الاتفاق سيسهم في تحسين الوضع في الشرق الأوسط» وأضاف «لدينا خطط كبيرة لتطوير قطاع الطاقة الإيراني» حيث ستبني روسيا مفاعلات نووية جديدة وتنقل اليورانيوم قليل التخصيب إلى إيران. والهدف من اتفاق فيينا ضمان عدم قدرة إيران على إنتاج السلاح النووي مقابل رفع العقوبات الاقتصادية عنها وربما تحسين العلاقات مع الغرب. في المقابل، اعتبر نتنياهو الاتفاق «خطأ تاريخيا»، وأعلن أن إسرائيل «غير ملزمة بهذا الاتفاق مع إيران لأن إيران لاتزال تسعى لتدميرنا»، وأضاف «سنواصل الدفاع عن أنفسنا». وقال: «تم تقديم تنازلات كبرى في جميع القضايا التي كان من المفترض أن تمنع إيران فيها من امتلاك القدرة على حيازة أسلحة نووية». وأضاف «تعهدنا بمنع إيران من حيازة أسلحة نووية-وهذا لم يتغير» في ما اعتبر تهديدا مبطنا بضرب المنشآت النووية الإيرانية. وقال نتنياهو أنه من خلال رفع العقوبات «ستتلقى إيران مئات مليارات الدولارات التي ستستطيع من خلالها تزويد آلتها الإرهابية بالوقود». وأشاد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بالاتفاق وقال: «آمل واعتقد فعلاً أن هذا الاتفاق سيؤدي إلى مزيد من التفاهم والتعاون بشأن العديد من التحديات الأمنية الخطيرة في الشرق الأوسط». وأضاف إنه «على هذا النحو، فيمكنه (الاتفاق) أن يكون بمثابة مساهمة حيوية للسلام والاستقرار في كل المنطقة وخارجها». وقال بان كي مون، المتواجد في إثيوبيا لحضور قمة بشأن الفقر، إن الأمم المتحدة «تقف على أهبة الاستعداد للتعاون الكامل مع الطرفين في عملية تنفيذ هذا الاتفاق التاريخي والمهم». ووصفت المستشارة الألمانية انغيلا ميركل الاتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني بين طهران والقوى الكبرى بأنه «نجاح مهم للدبلوماسية الدولية»، داعية إلى «تنفيذه سريعاً». من جهته، رحب وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند في بيان بالاتفاق مؤكداً أنه «بعد أكثر من عقد من المفاوضات الصعبة أبرمنا اتفاقاً تاريخياً يفرض قيوداً صارمة وعمليات تفتيش للبرنامج النووي الإيراني». وأضاف «نأمل، ونتوقع أن يؤدي هذا الاتفاق إلى تغيير كبير في العلاقات بين إيران وجيرانها والمجتمع الدولي». وتابع وزير الخارجية البريطاني «سنواصل العمل بشكل وثيق مع شركائنا في الائتلاف الدولي لتشجيع إيران على لعب دور شفاف وبناء إقليمياً، وخصوصاً في مجال مكافحة التطرف الإسلامي». وقال الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند إن العالم «يمضي قدما»، وحث طهران على مساعدة القوى الكبرى على إنهاء النزاع السوري. وقال هولاند: «الآن سيكون لدى إيران قدرات اكبر على الصعيد المالي بما أنه لن تكون هناك عقوبات، علينا أن نكون يقظين جداً بشأن ما ستكون عليه إيران». وأكد هولاند «إنه اتفاق بالغ الأهمية ويدل على أن العالم يتقدم»، مؤكداً أن «فرنسا كانت حازمة جداً في هذه المفاوضات (ووزير الخارجية) لوران فابيوس قادها بصرامة وحزم كبيرين». وتابع «لن تحصل إيران على السلاح النووي وسنكون قادرين على التحقق مما إذا كان هناك تقصير فيمكننا إعادة العقوبات». واعتبر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ أن الاتفاق الذي وقع الثلثاء بين طهران والقوى الكبرى «يشكل اختراقاً تاريخياً»، داعياً إيران إلى الوفاء بالتزاماتها. ورأى رئيس الوزراء الايطالي ماتيو رينزي إنه في الشرق الأوسط، المنطقة التي تشهد «تنامياً للإرهاب، يظهر هذا الاتفاق إمكان حل الأزمات بالسبل السلمية». من جهتها، انتقدت الحكومة الكندية المحافظة التي توفر دعماً غير مشروط لإسرائيل الاتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني معتبرة أن إيران لا تزال تشكل تهديداً للسلام. ورحب الرئيس السوري بشار الأسد بالاتفاق مؤكداً في برقيتي تهنئة أرسلهما إلى مرشد الجمهورية الإسلامية السيد علي خامنئي ونظيره الإيراني حسن روحاني «حققت الجمهورية الإسلامية الإيرانية الانتصار العظيم بالتوصل إلى الاتفاق النهائي مع مجموعة (5+1) بشان الملف النووي الإيراني». ورأى في البرقية التي وجهها إلى خامنئي أن «توقيع هذا الاتفاق يعتبر نقطة تحول كبرى في تاريخ إيران والمنطقة والعالم واعترافاً لا لبس فيه من دول العالم بسلمية البرنامج النووي الإيراني»، مشيداً باسمه وباسم الشعب السوري «بهذا الانجاز التاريخي». ورحب بالاتفاق كذلك جيران إيران، إذ أشادت أفغانستان بالجهود الرامية إلى «تعزيز السلام والاستقرار في المنطقة»، في حين قالت باكستان إن تدابير بناء الثقة بشأن البرنامج النووي الإيراني «نذير خير للسلام والأمن في منطقتنا».