تشهد الصحافة العربية في جنوب السودان تزايدا مستمرا من حيث أعدادها واتساع رقعة المهتمين بها، ويطرح هذا التطور تساؤلا جوهريا حول مستقبلها، خصوصا في ظل تبني دستور جديد للبلاد يتبنى تدريس اللغة الإنجليزية في جميع المراحل الدراسية. ويرى قائمون على الصحافة العربية أنها تعكس نبض الشارع الجنوبي، وأنها تقدم لقرائها تناولا موضوعيا لهمومهم وقضاياهم، عكس المنهج المتبع من قبل الصحف الإنجليزية. وتستعد عدة صحف عربية هي "أجراس الحرية"، "الجمهورية"، "الحرية"، "مشاوير"، "أخبار اليوم"، للصدور في جوبا الأسبوع القادم، بالتزامن مع احتفال الجنوب بمرور العام الأول على انفصاله عن السودان، في حين تعمل صحيفتا "المصير" و"9 يوليو" منذ وقت طويل. ويرى رئيس تحرير صحيفة "9 يوليو" أبراهام مليك أن العربية -رغم كونها ليست اللغة الرسمية- فإنها لا تزال تحظى بتداول واسع وسط عامة المواطنين، ويشير -في حديث للجزيرة نت- إلى أن فترة النزوح نحو السودان أثناء حقبة الحرب الأهلية بين الجنوب والشمال دفع بأجيال عديدة إلى تعلم العربية "برصانة وبدرجات متفاوتة". وبحسب مليك، فإن الصحافة العربية في الجنوب "ستستمر" لأنها "تتبع كافة التقاليد الصحفية المهنية، خلافا لما تنتهجه نظيرتها الإنجليزية". لكنه ينبه إلى أن تبني الدولة للإنجليزية في المناهج الدراسية سيتمخض عنه جيل غير ملم بالعربية، "بالرغم من أننا نرى أن رئيس الدولة سلفاكير ميارديت يخاطب جماهيره وجيشه بالعربية المبسطة" . غضب الصفوة ويبدي رمضان شول نائب رئيس هيئة تحرير صحيفة "أخبار اليوم" الأسبوعية -التي ستصدر الأسبوع القادم- تفاؤلا كبيرا بشأن مستقبل تلك الصحف، ويعتقد أن متابعيها يقدرون بنحو 80% من القراء. ويقول شول -في حديث للجزيرة نت- إن العربية تمثل لغة التواصل بين أغلب المكونات الاجتماعية بجنوب السودان، وإن القادة السياسيين يتواصلون بها مع قواعدهم. ويلفت إلى أن "الصفوة" التي لا تجيد العربية تنظر إليها كلغة استخدمت لاضطهادهم خلال فترة النزاع المسلح بين الشمال والجنوب، وبالتالي تعارض مسيرة تقدمها. ويرى -من وجهة نظر شخصية- أن ازدواجية اللغة مهمة، وتقود "للتميز وسط شعوب العالم، مثلما يحدث حاليا للشعوب العربية في المغرب العربي التي تتمسك بالفرنسية". أما سكرتير تحرير صحيفة "المصير" اليومية أنطوني جوزيف فيشير إلى أن تجربة صحيفته -التي تعتبر أول صحيفة ناطقة بالعربية في جنوب السودان- أثبتت أن تلك الصحافة هي التي تعكس نبض الشارع، وأن نجاحها هو ما دفع باتجاه تزايد تلك الصحف. ويضيفجوزيف أن ذلك يدل على أن التخلص من العربية لن يكن بالأمر السهل، ويرسل رسالة إلى الحكومة بضرورة إعادة النظر تجاه سياساتهابشأن اللغة، وبالتفكير في الأمر من جديد عبر مفوضية المراجعة الدستورية التي كونت للنظر في دستور الدولة ونقاط الخلاف حوله.