الزيارات الرمضانية للمجالس باتت مظهراً جميلاً في بلادنا، اختلطت المشاعر، أهل المدن والقرى تبادلوا الزيارات، أصبح الناس يتداولون برامج الزيارات التي تنشرها الصحف كملاحق أو صفحات، والبعض من المجالس أوجد له بنفسه أجندة يتم توزيعها، حتى بتنا لا نستطيع أن نلبي جميع الدعوات المخلصة التي يتوجه بها أصحاب المجالس، خصوصاً على كثرتها وتنوعها وتعددها وتوزيعها ومع زحمة المرور وضيق الطرق، وازدحام الممرات الضيقة بالسيارات المتوقفة حتى بتنا نشق طريقنا بصعوبة بالغة وكأننا في إمتحان سياقة جديد، ناهيك عن الشباب وبعض السواق الذين يتخيلون أنهم أشطر من غيرهم في التخطي والسرعة والتجاوز، وكأننا لم نسن ونشرع قانون المرور الجديد.. عموماً هذه قصة، أما القصة الأخرى والتي أصبحت هاجساً، أننا عند التوجه إلى المساجد لأداء الصلوات لا يعبأ البعض في وضع نعاله أو حذائه أعزكم الله في الأماكن المخصصة لها من قبل أصحاب الخير الذين شيدوا الجوامع والمساجد في بلادنا جزاهم الله خيراً، وما قامت به الدولة مشكورة في بناء دور العبادة في المدن والقرى بأرقى ما وصلت إليه إعمار بيوت الله وأصبحنا نعتز ونفخر بما أنجزناه خدمة لديننا وعقيدتنا؛ غير أننا للأسف الشديد أًصبحنا نواجه عدم إهتمام البعض بما هو مفروض عليه من إهتمام بمظهر المساجد خارجياً وداخلياً، وأبسط ذلك هو وضع متعلقاتنا في الأماكن المخصصة لها.. في بعض البلدان حيث عدد زوار الجوامع والمساجد ودور العبادة يفوق الأعداد التي عندنا، درجوا على أن يعطوا المترددين أرقاماً؛ بحيث توضع أحذيتهم ونعالهم في أماكن مخصوصة ومرقمة يستلمها صاحبها وهو مطمئن مقابل ما تجود به نفسه من صدقة جارية.. أتذكر يوماً أنني وأنا شاب فرحت بالنعال التي أحضرها لي والدي يرحمه الله للعيد وكعادتنا نحن الصغار نلبس ملابس العيد لتجربتها قبل يوم العيد بليلة أو ليلتين وقلت في نفسي لماذا لا أجرب النعال في ذهابي لأداء صلاة التراويح، وعندما خرجت من الصلاة لم أجد نعالي، فقد اختفت وكنت على أمل أن يعيدها من أخذها خطأ عندما يكتشف أنها ليست من متعلاقته، وإلى اليوم وأنا أنتظر عودة هذه النعال أعزكم الله ولم تعد. حدثت في أيام رمضان هذا العام أن قام الأخوة الأعزاء حكام كرة القدم الرواد البارزين في بلادنا، ممن نعتز بعطائهم وريادتهم وتفوقهم، وحمل راية الوطن خفاقة في سماء خليجنا ووطننا العربي والعالم ممثلين للبحرين خير تمثيل في مجال التحكيم لكرة القدم، أن قاموا بزيارة زميلهم الحكم الدولي محمد علي تلفت بمجلسه بالرفاع فاحتفى بهم صاحب المجلس ورواد المجلس إيما احتفاء وتذاكروا معهم تلك الأيام الجميلة والذكريات التي لا تخلو من طرافة وخفة دم، ومقالب ومواقف تدخل السرور على مستمعيها وفي نشوة هذا الفرح خرج حكمنا الدولي إبراهيم يوسف الدوي من المجلس لينتعل حذاءه، وخرج به، ولم يكتشف إنه ليس حذاءه إلا عندما وصل إلى منزله بالمحرق، وعند خروج الفنان المبدع ارحمه محمد الذوادي من المجلس اكتشف إنه تم إستبدال حذائه بآخر من نفس اللون، وكعادة ارحمه الذوادي في ظرفه وخفة دمه، فرح بالحذاء الجديد؛ لأن حذاءه من ماركة وسعره أربعين ديناراً، بينما الحذاء البديل من ماركة أيضاً، ولكن سعره خمسة وثمانون ديناراً، فاعتبر ارحمه هذا فألاً حسناً، غير أنه كان راغباً في معرفة صاحب الحذاء لاسترجاعه، وعودته لصاحبه، ومن حسن الطالع أن أرقام ومقاس الدوي هو نفس رقم ومقاس ارحمه فاتصل في اليوم التالي حكمنا الدولي إبراهيم يوسف الدوي بحكمنا الدوي محمد علي تلفت وتم إسترجاع الحذاءين، وأصبح ارحمه والدوي حبايب؛ فرقتهم الأماكن ووحدتهم المشاركة في خطأ تبادل الأحذية.. تذكرت هذه الحادثة، وعادت بي الذكرى إلى تلك الأيام التي يستعير الجار من جاره؛ البشت في مناسبات الزواج أو الزيارات، أو يستعير منه النعال خصوصاً تلك النجدية أو المزركشة لمناسبات متعددة كما أن المرأة كانت تستعير من جارتها ثوب النشل، أو الدراعة، أو البخنق أو ربما البرقع الريسي والذي عادة ما يكون مطرزاً بنيرات الذهب... كما أنه أثناء تزيين فرشة الزواج يتم إستعارة الكثير من مكونات الفرشة من بيوت الجيران، أو بيوت الميسورين في تكافل وتضامن إجتماعي مشهود ومحمود بل إننا شهدنا المرأة في زمن متقدم عندما كان الشنيور للزواج مظهراً دخل على مجتمعنا من مجتمعات عربية وأجنبية أخرى أن تستعير الفتاة الشنيور من جارتها أو صديقتها أو القريبة منها. إنها البساطة، والأريحية، وحب الآخرين، ومحاولة تقديم أية أنواع المساعدة من أجل تقريب القلوب، والتعاون في السراء والضراء وفيها نوع من الإيثار والتفاني في إظهار المحبة والرأفة بالآخرين.