×
محافظة المنطقة الشرقية

بلدية عجمان تبحث آلية تطوير شبكة الري في الإمارة

صورة الخبر

كم تبدو فكرة التساؤل عبقرية ومركزية في حياتنا، وكم تبدو الحياة باردة وساكنة من دون السؤال. السؤال .. هذه الجملة التي تنتهي بعلامة تستقر أسفلها نقطة هادئة، السؤال هذا التكوين اللغوي الذي يحقق وجودنا على هذه الأرض، ويجعل لنا معنى، وكأننا من دونه مجرد أحجار ساكنة، أو أشجار تواصل نموها بهدوء وعلى مهل. السؤال الذي أنتج ما نحن عليه اليوم ، السؤال الذي أوجد فكرة الدين، والمعرفة، والفلسفة، وسائر العلوم، السؤال هذا الشكل التعبيري الذي أنتج حروباً، وبنى بلداناً، ووحد الأمم، وأباد بشراً، وسحق مخلوقات، ورسم شكل الأرض وقسم جغرافياتها، فمنذ اكتشف الإنسان وجوده راح يتساءل، من أنا؟، ولماذا أعيش؟، وكيف ينبغي أن أكون؟. منذ تلك الأسئلة الأولى، راح السؤال يتوالد حتى بات ملايين الأسئلة التي نغرق فيها كل يوم، ونحاول في كل لحظة أن نجيب عنها بما نجده مناسباً أو كيفما اتفق لعلنا ننجو من الأسئلة التي تظل تجرنا إليها، وتجبرنا على العيش فيها للحد الذي ترسم ملامح يومنا وشكل حياتنا، وكأننا من دون شك كائنات تعيش في فضاء من الأسئلة. الأسئلة تبدأ منذ الاستيقاظ صباحاً، إذ يرن السؤال الأول؛ كم الساعة الآن؟، ثم تنهال باقي الأسئلة، هل تأخرت عن العمل؟، هل الطريق مزدحم، ماذا سأرتدي؟، ماذا سأفطر، متى سأصل إلى العمل، وغيرها من الأسئلة. يظل السؤال بشكله الهائل التكوين يتنامى، وفي الوقت ذاته يتكاثف للحد الذي يصبح كل شيء قابل للسؤال عنه، وأيضاً يصبح كل شيء موجود يمكن وضعه في سؤال واحد، وكأن الحياة هرم يقف على رأسه تارة، وتارة يقف على قاعدته. كل ما نحياه من لغة، وأدب، وفن، وعلم، وفلسفة، واقتصاد،.. الخ، كل هذا هو وليد سؤال ما، سؤال ورد في ذهن أجيال مضت، ولا زال يرد في أذهاننا، إلا أننا رغم كل الإجابات التي نقدمها يومياً، نجد أنفسنا عالقين أمام أسئلة كثيرة، لم تفلح كل مماحكات الفكر للإجابة عنها. لذلك يحق لنا السؤال: متى ولدت فكرة السؤال؟، ومن أوجد هذا التكوين اللغوي؟، وكيف هُدينا إلى هذه الإشارة التي تنتصب في ختام أسئلتنا؟ الإجابة على ولادة فكرة السؤال، وتكوينه اللغوي، مجهدة وتأويله للحد الذي تشترك فيه مع فكرة الوجود الأول للإنسان، أما الشكل الذي تم الاتفاق عليه ليكون علامة للاستفهام، فتشير العديد من المصادر إلى أنه جاء نتيجة تطور الكتابة في اللاتينية، إذ كان العلماء يكتبون (question) في نهاية الجملة الاستفهامية، فوجدوا فيها كلمة طويلة، فتم اختصارها إلى (qo) ثم وضعت الحرف (q) فوق ال (o)، ومع مرور الزمن صار هذا الشكل الذي نعرفه اليوم. السؤال الذي يبدو صعباً في ظل ذلك؛ ماذا لو كانت حياة الإنسان خالية من السؤال؟.