×
محافظة المنطقة الشرقية

اسألوا معالي أمين العاصمة المقدسة

صورة الخبر

لا شك أن الله إذا شرع عبادة فإنه يشرع لعباده ما يسهل الوصول إلى أدائها، ولا شك أن الصيام هو الركن الرابع من أركان الإسلام، وقد فرض على المسلمين وشرع صيامه وقيامه، ولنا في ذلك أسوة حسنة بالنبي صلى الله عليه وسلم. وسأتحدث هنا عن خصلة واحدة فقط من مشمول خصال المسلم في شهر الصيام، ألا وهي أخلاق المسلم في شهر الصيام. فالامتناع عن الطعام والشراب ليس عقوبة، وإنما هي عبادة، ولذلك جعل الله جل وعلا أجر هذه العبادة عنده عندما قال سبحانه في حديثه القدسي «الصيام لي وأنا أجزي به». بيد أن من يتأمل أحوال المسلم في رمضان أخلاقيا؛ يجد أن المقصود الحقيقي من مشروعية الصيام لا يتمثل في كثير من أخلاقيته، فتجد من هو غاضب لا تستطيع أن تكلمه أو تسلم عليه، وتجد ممن يقل أداؤه وعمله في رمضان، وتجد من ينقلب على أهل بيته فيتسلط عليهم، وخذ من ذلك الكثير، في حين أن نبينا - صلى الله عليه وسلم - قد جعل من شهر الصيام مدرسة تربى فيها كبار الصحابة - رضي الله عنهم - وحققت فيها أعظم الانتصارات في صدر الإسلام غزوة بدر الكبرى، ولذلك ما أحوج المسلم إلى أن يفهم المعنى الحقيقي التعبدي لمفهوم الصيام، فهو تربية وأخلاق ودعوة ومنهج وجهاد وتلاوة قرآن، إنه شهر القرآن. أيضا، إضافة إلى كل ما ذكر، فإن المسلم لا يجب عليه أن يقضي صومه في نوم وسبات عميق، فهذا ينافي أيضا أخلاقيات مقتضى الصيام، لأن المعنى الحقيقي للصيام هو شعيرة التعبد وليس الامتناع عن المفطرات، ولذلك نجد أن الصحابة - رضوان الله عليهم - وقد أكرمهم الله تعالى بصحبة النبي - صلى الله عليه وسلم - ومشاهدة تنزيل القرآن، قد فهموا هذا المعنى وطبقوه واقعا مشاهدا، وكل منهم في رمضان سيرته مدرسة بأكملها، وليسوا الخلفاء الراشدين وحسب، وإنما بقية الصحابة رضوان الله عليهم، وقد ضربوا لنا أمثلة عظيمة، ولذلك كان واجبا على المسلم أن يتحلى بهذه الأخلاقيات وأن يؤدي عمله وينجز وظيفته بطاقة مضاعفة في غير هذا الشهر احتسابا للأجر وتداركا للمثوبة واستشعارا لهذه العبادة العظيمة. وفى هذا السياق فإن حسن الأخلاق وسماحة التعامل أمر مطلوب من المسلم في كل حين ويتأكد هذا الخلق الرفيع في حالة التنسك بالعبادة. ومعلوم أن الصيام عبادة خفية لا يعلمها إلا الله وحده، فبإمكان الإنسان أن يأكل ويشرب ويباشر سائر المفطرات ويدعي أنه صائم، ولذلك فإن الصيام يزكي النفس ويربي الأخلاق ويسمو بالمسلم إلى المقام الرفيع فترى حاجته إلى الطعام والشراب ومع ذلك فإن حسن الخلق حلو اللسان وسليم القلب.. وهذا من أسمى مقاصد الصيام. وإذا كان المسلم يطول عليه الصيام في نهار رمضان فإن هذا من إكرام الله تعالى له، لأنه يعظم الجزاء والمثوبة، قال صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي «يدع طعامه وشرابه من أجلي.. الصيام لي وأنا أجزي به»، ولو اعتاد الإنسان على الأخلاق الطيبة، مع حسن التعامل والكلمة الحسنة، حتى يأتي الإفطار وهو متعب ومرهق فإنها علامة ثبوت الأجر وقبوله بإذن الله وتوفيقه. * قانوني وكاتب سعودي