كي تقوم خلايا الجسم بوظائفها الضرورية بالشكل الصحيح (عملية الهضم، التنفس، الدورة الدموية، تفريغ الجسم، التناسل)، تحتاج إلى الطاقة التي يوفرها الغلوكوز والأوكسجين، لكنها تحتاج أيضاً إلى الاحتماء من البيئة المحيطة بفضل نظامها الدفاعي الذي يمكن أن يضعف بدوره بسبب عناصر خارجية. يمكن تجنب الأمراض والتمتع بصحة جيدة في سن متقدمة! يُعتبر النظام الغذائي جزءاً أساسياً من هذه الخطة الصحية! كيف؟ إليكم التفاصيل. ينجم استنزاف الخلايا عن زيادة كمية المخلفات الأيضية وحصول نقص غذائي، فضلاً عن المخلفات المرتبطة بالتلوث البيئي (مبيدات الحشرات، مبيدات الأعشاب، مواد التلوين، معادن ثقيلة، منتجات مركّبة...) وتراكم العناصر السامة (تبغ، أدوية...). حين تفقد الخلية قدرتها الدفاعية، يمكن القضاء عليها بفعل عاطفة قوية أو نوبات متكررة من الضغط النفسي. أمراض السرطان هي المرحلة الأخيرة التي تترجِم تدمير الخلية. يوفر النظام الغذائي العناصر الكفيلة بتشكيل نظام حماية الخلايا. لكن تبدو الحمية المعاصرة غنية جداً بالدهون المشبعة وهي تفتقر في المقابل للدهون المتعددة عدم الإشباع. ظاهرة الأكسدة على مستوى الخلية، تمر مرحلة إحراق الغلوكوز التي تنتج الطاقة بعملية تحرر الجذور الحرة التي تتمتع بمفعول مؤكسِد، كما يحصل عند تفاعل الصدأ مع المعادن. تقضي الأكسدة على الدهون المتعددة عدم الإشباع مثل الأوميغا 3 التي تحمي غشاء الخلايا. تحصل العملية نفسها مع الزبدة التي تفسد بعد تركها على حرارة الغرفة. ينتج الجسم طبيعياً مضادات الأكسدة لإبطال مفعول عملية الأكسدة التي تقضي تدريجاً على الخلية. هذا ما يسمى “الإجهاد المؤكسد”. نجد المنتجات الغذائية المضادة للأكسدة بشكل أساسي في الفاكهة الحمراء والشمندر ونبات البقلة والثوم والملفوف والبروكلي والفلفل الأحمر. يحتوي التوت البري من جهته على مضادات أكسدة أكثر من الكمية الموجودة في ثمرة العنبية بأربع مرات وأكثر من الكيوي بأربع وعشرين مرة. على صعيد آخر، تحتوي الطماطم على كمية أكبر بكثير من مضادات الأكسدة حين تُطبَخ، وهو أمر إيجابي نظراً إلى حموضتها المفرطة. التغذية هي الأساس! تحتل التغذية أهمية كبرى للوقاية من الأمراض: توفر عناصر قلوية لإبطال مفعول الحموضة المرتبطة بتراكم المخلفات العضوية. توفر الدهون المتعددة عدم الإشباع لحماية أغشية الخلايا ومنع تلك المخلفات من اختراق الخلايا. توفر مضادات الأكسدة لحماية أكسدة الدهون المتعددة عدم الإشباع التي تقوي أغشية الخلايا. تكون هذه العوامل الثلاثة متكاملة ومترابطة وتضمن الحفاظ على سلامة وظائف الجسم. عند مواجهة أي نقص غذائي، تستنزف الخلية قدراتها بوتيرة تدريجية وسرعان ما تترسخ الاضطرابات الوظيفية. تظهر الاضطرابات الأيضية في مرحلة لاحقة وتستلزم الحالة أخذ الأدوية بشكل منتظم للاحتماء من الأمراض. تتسارع العملية التنكسية بفعل عوامل مثل الضغط النفسي والإجهاد وقلة الحركة والنقص في الفيتامينات والعناصر الزهيدة. هكذا يُخرِج الجسم “أسلحته” الأخيرة ويتفاعل مع الحالة المستجدة من خلال الإصابة بأحد أمراض المناعة الذاتية. لا تستطيع الخلية أن تتجاوب بعد مرحلة الإجهاد. فتقع فريسة العواطف ويصبح تدميرها حتمياً. التحرك في الوقت المناسب لحسن الحظ، تتعدد المؤشرات التحذيرية التي تدعونا إلى التحرك، أبرزها وجع المفاصل. من خلال تحليل هذا الوجع تحديداً، يمكن رصد طبيعة الاضطراب الوظيفي الناشئ، ما يمنح المريض فرصة لتغيير أسلوب حياته نحو الأفضل. حتى لو كان نظامك الغذائي متوازناً وحياتك هادئة عموماً، سرعان ما تتّسخ المصافي الهضمية طبيعياً مثل أي آلة. لذا يجب اللجوء إلى حمية شهرية لتطهير الجسم والتخلص من المخلفات الأيضية، علماً أنّ هذه الحمية كانت تُستعمل طوال الوقت في مصر التي كانت رائدة في مجال الطب. لا بد من غياب الأمراض الهضمية لتطبيق هذه القواعد. لكن في حال الإصابة بهذا النوع من الأمراض، يجب إحداث تعديلات معينة ترتكز على توجيهات الطبيب. إذا التزم المرضى بهذه النصائح، سيصبح عمل الاختصاصيين أسهل، فهم سيتمكنون خلال المواعيد الطبية اللاحقة من تقييم نقاط الضعف الناجمة عن أسلوب الحياة الذي فرضه علينا المجتمع المعاصر وسيتعاونون مع المرضى لتصحيح الوضع.