توفى الأمير سعود الفيصل وترك خلفه ذكرى عطرة مطرزة بالتفاني والإخلاص في خدمة وطنه وأمته . امتدت خدمة الفيصل على مدى أربعة عقود قاد خلالها جهود العمل الدبلوماسي بكفاءة واقتدار وبكل ما أوتي من قوة وعزم ودعم معنوي بصفته احد اركان السلطة السياسية في المملكة . كان يملك كل أدوات الدبلوماسية ، تعامل بمهنية ودبلوماسية وحنكة سياسية عالية استطاع من خلالها التغلب على المصاعب وامتصاص الصدمات العنيفة التي تعرضت لها المنطقة العربية والدول الاسلامية والمملكة على وجه الخصوص ومن أبرز محطات حياته العملية: - تداعيات مفاوضات كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل .. والحرب بين العراق وإيران .. واحتلال الكويت ومن بعد تحريرها..والقضية الفلسطينية ولبنان. كلها علامات فارقة في مسيرة الدبلوماسية السعودية كان الامير يحرك أحجار الشطرنج بمهارة تحافظ على المصالح الوطنية وتوظف العلاقات الاستراتيجية مع الاصدقاء في اطار تبادل المصالح وحماية سيادة القرار الوطني. -كارثة الحادي عشر من سبتمبر 9/11 كان لها وقع استثنائي وكذلك التعامل معها على كل المستويات كان يتطلب قدرات ومهارات استثنائية أيضاً لأن المملكة كانت في قلب الحدث وأي قدرة فكرية يراد لها النجاح لابد أن يصحبها توازن عقلاني وذكاء وإرادة صلبة توازن بين خيارات القرار السياسي قبل اخراجها للعلن. كان سعود الفيصل يتمتع بالذكاء وملكة التأني .. وحنكة .. وحزم الموقف. وظف مكانة الامارة ومنصب الوزارة وهيبة الشخصية لخدمة سياسة المملكة الخارجية خلال ولايته في ذلك المنصب الحساس خلال فترة استثنائية بأزماتها والحلول التي كانت تتطلبها. - زلزال الربيع العربي وتسليم العراق لإيران صعد من صعوبة المواقف المطلوب من المملكة اتخاذها دوليا وإقليمياً ومحلياً كل هذه الامور كان سعود الفيصل لاعباً رئيسياً في قراراتها. وبعد تنحيه عن الوزارة وتكليفه بالإشراف على وزارة الخارجية من موقع المستشار لخادم الحرمين الشريفين كان الامل أن يتفرغ لكتابة مذكراته المليئة بالمعلومات والعبر لكي تصبح مرجعاً للأجيال القادمة من الدبلوماسيين السعوديين والكشف عن بعض الاسرار المباحة التي احتفظ بها سموه والتي تعد كنزاً ثمينا يتطلع المختصون في أنحاء العالم لمعرفتها من مصدر مكين عاصر الاحداث العالمية خلال أربعة عقود من الزمن ولعل المطلعين على مكتبته الخاصة يحفظون ذلك الإرث وتتاح للباحثين والمهتمين بالإطلاع عليه وإثراء المكتبة العربية بمحتوياته . لقد مثل الامير سعود الفيصل صورة والده الملك فيصل رحمة الله عليهم في ذاكرة الدبلوماسية العالمية خير تمثيل حكمة .. وهيبة .. وقيادة. وختاماً ازجي العزاء وأصدق المواساة للأسرة المالكة والشعب السعودي وكافة الاجيال الدبلوماسية التي عملت مع الفقيد سعود الفيصل. «إنا لله وإنا اليه راجعون». Salfarha2@gmail.com