أصبح أكبر هم المواطن في العالم العربي الآن هو كيفية مواجهة خطر ما يسمى بداعش الذي لا يراه ويسمع عنه فقط، فهو عدو غير محدد من حيث الحجم أو أماكن التواجد، وكذلك قدراته وتاريخه ونشأته ومستقبله، وبات الإنسان لا يعلم هل سيصحو في أحد الأيام على تفجير يطاله أو أحد أقربائه، أم سيجد أشخاصا كان يعرفهم قد انضموا لهذا التنظيم الهلامي واختفوا من واقع الحياة الطبيعية. داعش هو تنظيم مجهول النشأة لا يعرف على وجه التحديد كيف بدأ وإن ضجت الصحف والمجلات والمواقع الإخبارية بتقارير متضاربة حول هذا الأمر، كما أن عمره قصير جدا بالمقارنة مع تنظيمات متطرفة أخرى مثل القاعدة لكنه وبحسب التقارير استطاع أن يستولي على مساحات شاسعة من الأراضي في كل من العراق وسوريا، بينما لم يتمكن تنظيم القاعدة سوى من إيجاد مأوى آمن فقط في أفغانستان دون السيطرة عليها أو حتى على مناطق بها. التنظيم كذلك يمتلك من القدرات وأيضا بحسب التقارير ربما لا تتوافر لدول فقد ذكر المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية الكولونيل ستيفن وورن أن التحالف الدولي قد شن 1676 غارة حتى 31 ديسمبر 2014 بحسب حصيلة للقيادة الأمريكية الوسطى، استهدف فيها أكثر من 900 آلية بينها 184 سيارة رباعية الدفع من طراز هامفيز و26 عربة مصفحة، ونحو 52 موقعا محصنا تحت الأرض و673 موقعا قتاليا ونحو ألف مبنى مختلف. ونجد التنظيم ينشط في مناطق الصراعات وخاصة الطائفية، ويعتمد أسلوب المرض السرطاني الذي ينتشر في جسم المريض فهو يجد له مساحة عند اللعب على وتر الطائفية، ولا يمكن تحديد هوية معينة له بعد أن أعلن رفضه لكل التنظيمات الجهادية السابقة عليه. والملفت للنظر أن تنظيم داعش يمتلك قدرة كبيرة على استخدام التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي في توسيع قاعدته بشكل يجعلنا نشك في مدى تلك القدرة بالمقارنة مع المناطق التي ينتشر فيها والتي تعاني حتى من توفر أدنى متطلبات الحياة الطبيعية من ماء وكهرباء ووسائل اتصالات، لكن التنظيم يعلم تماما العلم أن أخطر أنواع الحرب في هذا العصر هي الحرب الاعلامية ويعرف كيف يستخدم اسلحتها بشكل ممتاز رغم تواجده في مناطق تعاني من انعدام شبكات لاسلكية ويعيش حياة تنتمي للقرون الوسطى، فداعش يستطيع الوصول بسرعة كبيرة إلى أهدافه وأبرزها عقول الشباب، فهو يعرف القطاع المستهدف في تلك الحرب ويعمل جاهدا في التعامل معه بحرفية كبيرة. ومن يعرف كم الطاقة الكامنة والهائلة في الشباب ويستطيع توجيهها بل والسيطرة عليها لتحقيق أهدافه لا يمكن أن يكون تنظيما ناشئا يعيش حياة بدائية، ومن يستخدم أحدث الوسائل التكنولوجية وأحدث المعدات الحربية ويتوسع في مناطق شاسعة في زمن قصير لا يمكن أن نسميه تنظيما ناشئا أو غير مدعوم، ولا اريد أن أقطع الشك باليقين وأقول إن كافة اﻻجهزه الاستخباراتية اﻻقليمية وغيرها على علم بمن هم وراء هذا التنظيم، لكن ما أنا متأكد منه هو وجود قوى دولية تدير كل شؤون داعش لمحاولة تقسيم المنطقة وتفتيتها وجعلها تتناحر فيما بين أبنائها وهذه القوى لا تريد ان تظهر في المشهد بشكل مباشر وجعلت من هذا التنظيم حصان طروادة القرن الواحد والعشرين. ليس في أيدينا كأناس بسطاء سوى شيء واحد ومهم يجب أن ينتبه له كل رب أسرة، ألا وهو متابعة أحوال أبنائه وعدم تركهم يغرقون في أمواج شبكات التواصل الاجتماعي وما يلفظه الإنترنت من مواقع تحريضية تستهدف غسل عقول الشباب التي مازالت نقية وقابلة لاستيعاب أي أفكار، وأدعو كل رب أسرة أن يراجع هواتف وحواسيب أبنائه، كل يوم ليرى ماذا يقرأون ومع من يتعاملون، فهناك عشرات القصص لأسر تفاجأت بأبنائها يرتمون في أحضان هذا التنظيم السرطاني وبدون سابق إنذار.