سعود الفيصل أو عميد الدبلوماسيين في العالم رحمه الله، تولى قيادة الخارجية السعودية قبل أن يولد أكثر من نصف المجتمع السعودي، وخلال فترة عمله التي امتدت لأربعة عقود وعاصر خلالها أربعة ملوك، لم يسلط الضوء بشكل كاف حول جهوده في المنطقة وفي تخفيف نزعة التوتر لا سيما عندما اختار الإرهابيون 15 من أبنائنا في هجوم 11 سبتمبر الإرهابي التي أرادوا من خلالها الإضرار بالعلاقات السعودية - الأميركية. سعود الفيصل رحمه الله غادر الخارجية السعودية واللوبي السعودي اقوى رابع لوبي سياسي في أميركا في العام 2013 بحسب ما نشرت واشنطن بوست بتاريخ 14 مايو 2014، وتحقق للسعودية بفضل الله أن تكون أكبر سابع دولة نفوذ في العالم بحسب ما نشرت مجلة أميركان إنترست المستقلة التي يرأس مجلس إدارتها المثقف العالمي فرانسيس فوكوياما. فضل الفيصل أن يعمل بصمت، وأن يغادر بصمت، محتفظا في ذاكرته بعدد كبير من الأحداث والخطط التي كانت تحاك ضد البلد والمنطقة ونجح في حل الكثير منها، وبالرغم من مشاغله إلا أنه كان غزير الثقافة متحدثاً سبع لغات من غير لغته الأصلية التي يعتز بها. كان يشعر بعض قادة العالم بالغيرة منه رحمه الله، والبعض تمنى أن يكون لديه نسخة كالراحل في بلاده لذلك لم يتردد رئيس الاتحاد السوفياتي الأسبق ميخائيل غورباتشوف من الإيضاح صراحة بالقول "لو كان لدي رجل كسعود الفيصل، لما تفكك الاتحاد السوفياتي"، ووصف وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط السابق أليستر بيرت الراحل بالقول " تشعر معه بأن السياسة والتقييمات لم تحدث على ضوء الأحداث المعاصرة العابرة، بل مع شعور بأن هناك جدولا زمنيا أطول بكثير من ذلك الذي يعتمده الآخرون، وخاصة في الغرب". ومثل هذه التصاريح تكشف عن مكانة الراحل بين زعماء العالم ومدى احترامهم له وإخلاصه. حظي خبر وفاته بتغطية وسائل الإعلام العالمية، وبعض أسواق الأسهم حول العالم كسوق الأسهم الأميركية ناسداك الذي نشر الخبر على موقع البورصة بالرغم من أن فقيدنا الكبير قد ترجل عن كرسي الوزارة قبل عدة أشهر ولم يكن مسؤولا اقتصاديا، ولكن لإدراكهم بأن السياسة لا تنفصل عن الاقتصاد، ولا تنمية دون استقرار، وهذا ما يفسر دور الراحل وأهميته في الأوساط الاقتصادية والسياسية العالمية. لا تقاس إنجازات العظماء بعد السنين التي عملوا فيها، ولكن مع الفقيد رحمه الله تقاس بعدد السنين وحجم الإنجازات. رحمه الله وأسكنه فسيح جناته..