بدأ أحمد سعد الجبرين، مواليد 1988، بالعمل على تحقيق أحلامه مبكرًا. حصل على سجل تجاري للعمل في المقاولات في عامه الجامعي الأول، لكن لم ينجح. يمم وجهه شطر الخياطة الرجالية. بيد أن محاولته باءت بالفشل الذريع رغم استقدامه أفضل العمالة. أغلق المحل سريعا. أحبط أحمد كثيرًا. أظلمت الدنيا في وجهه. لم يجد مخرجا سوى التركيز على دراسته لهندسة الاتصالات في جامعة الملك سعود؛ لعلها تشعله حماسة وتشغله عن إخفاقاته. لكن ظل الألم يقض مضجعه والقلق يأكله. افتتح مدونة إلكترونية يضع فيها تجاربه ومراجعاته وترجماته وتعليقاته التقنية. كان مصيرها كمشروعيه السابقين. الكثير من العمل، والقليل من النجاح. أغلق المدونة. حرق كل ما فيها من أرشيف بعد أن ضاق ذرعا واحترق طموحا. قرر أحمد هذه المرة أن ينصرف عن أي مشروع. الدراسة أولا وأخيرًا فهو يرى أنه لن يفلح إلا فيها حسب ما سولت له نفسه. لقد حاصره إحساس بأن النجاح التجاري أو العملي لا يكون إلا للمتقاعسين دراسيا بعد أن اطلع على سير العمالقة الذين يملأون الدنيا ويشغلون الناس، وقتئذ، كبيل جيتس، وستيف جوبز، ومايكل ديل. عاد الجبرين إلى كليته، المكان الوحيد الذي يلمس فيه النجاح ولو عبر نتائج يتسلَّمها مع نهاية كل فصل. انعكس انكبابه وتركيزه على درجاته. دخل أحمد في مواجهة مع فصله الدراسي الأخير في الجامعة. يتطلب هذا الفصل مشروع تخرج. يستلزم المشروع أن يقوم الطالب بتصميم تطبيق على الآيفون لمشروع تخرجه. بحث أحمد عن مبرمج يقوم بهذه المهمة فلم يعثر على أحد في الرياض. كان هناك القليل من المبرمجين لكن من الصعب العثور عليهم. لا توجد مواقع أو مؤسسات تسوق لمنتجاتهم. هنا استيقظت أحلام أحمد التجارية من جديد. قال لمَ لا افتتح شركة تقوم بتلبية طلبات التطبيقات الخاصة بالهواتف المحمولة في ظل ازدهارها؟ عثر على مبرمج أردني مقيم في الرياض عن طريق الإنترنت اطلع على أعماله. راسله والتقيا في مقهى في الرياض. أسفر اللقاء عن اتفاقهما أن يقوم أحمد بتوفير الزبائن والمبرمج على تنفيذ العمل والأرباح بالمناصفة. ظفر بأكثر من زبون، لكن كان هاجسه أن يبرم صفقة مع جهة عامة تفتح له أبواب المستقبل. حشد أحمد أسلحته ودخل على عميد كلية الهندسة في الجامعة التي يدرس فيها، الدكتور خالد الحميزي، وقدم له عرضا بتصميم وبرمجة تطبيق لطالبات وطلاب الكلية، يكون حلقة الوصل بين الكلية ومنسوبيها. راقت الفكرة للحميزي وخاصة أنها جاءت من أحد طلابه. حصل أحمد على 12500 ريال جراء هذا التطبيق. كان هذا المشروع فتحا في مسيرته العملية. قرر أن يحول هذا المشروع إلى مؤسسة تجارية أطلق عليها اسم التطبيقات المتطورة عام 2010. حققت هذه الشركة نجاحا مضطردا دعاه إلى مفاوضة مصممين ومبرمجين سعوديين ينضمون إليه. واجه أحمد وفريقه مشكلة إثر الصفقات المتتالية، التي يفوز بها، تتجسد في أن بعض التطبيقات، التي يقومون بها لعدد من الشركات لا تحظى بمعدل تحميل مناسب. هذه المشكلة دعت أحمد إلى أن يفكر جديا في تأسيس ذراع تويت أدز للإعلان عبر تويتر بسبب عدم وجود شركات عربية تقوم بهذه المهمة بالطريقة، التي يفكر فيها. استعان أحمد برفيقه في الجامعة، سامي الرشيد؛ لإدارة هذا الملف. استفاد أحمد وسامي من أسلوب الشركات الإعلانية الأجنبية في الشبكات الاجتماعية. باتا يملكان ذخيرة جيدة من الأفكار والآليات للبدء فعليا. كانت أبرز الصعوبات التي واجهاها تكمن في النظرة السلبية للإعلان سواء من المعلن أو المستهلك في الوطن العربي. تجاوزا هذه العقبة بعد الكثير من العروض ونجاح التجارب المبكرة. النتائج المذهلة للإعلانات في تويتر جعلت تويت أدز، تسوق في الإنستجرام (موقع لمشاركة الصور والمقاطع)، والكيك (موقع لمشاركة المقاطع المصورة القصيرة). وتوسعت لتغطي منطقة الخليج. يقول أحمد عن نتائج الإعلان: قمنا بتسويق إعلان لمقهى في الرياض يعاني من شح الزبائن لدى حساب شهير في إنستجرام فامتلأ المقهى عن بكرة أبيه مساء يوم نشر الإعلان. استجابة للنجاح المتتالي لشركته استثمر أحمد في حسابات معروفة في تويتر وإنستجرام مثل هاشتاق السعودية، الذي يملك أكثر من مليوني متابع. تملك شركته حصة كبيرة فيه، وتقوم بتشغيله. يعيش أحمد أحلامه حاليا. بينما بعضنا مازال يحلم. ينتظر أن يخلد إلى الفراش ليعانقها. هل سألنا أنفسنا كيف نجح أحمد؟ ببساطة شديدة لأنه حوَّل المشكلة إلى مصدر إلهام. حطم أحمد كل الكليشهات التي تتحدث عن مجتمعات عربية لا ينجح فيها رواد الأعمال. لن ينجح أي شخص يحمل على ظهره إرثا من الصور النمطية المقولبة والإخفاقات السابقة. سينتصر من يتحرر من كل القيود وينطلق في ميادين العمل خاليا من العقد والمثبطات. يعمل مع أحمد الآن 11 شخصا متفرغون واثنان بدوام جزئي. وسيتضاعف الرقم خلال فترة وجيزة. فهو لا ينام ليحلم إنما يعيش الحلم. تذكر أنه وحدك من يجعل المشكلة تقودك أو وقودك. الاقتصادية