شدد صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد على ان «الكويت لجميع أبنائها وليست لفئة دون اخرى فالكل يعيش على ارضها وينتمى لهويتها»، داعيا سموه إلى استذكار «ما ينعم به وطننا العزيز من نهج ديموقراطي متجذر»، ومشيرا إلى ان «المواطنة الحقيقية تقاس بما يقدم للوطن من عطاء وإخلاص وولاء وتضحية وفداء، فليس الانتماء للوطن شعارا يتغنى به بل هو عمل وتفانٍ للحفاظ على امنه واستقراره ورفع شأنه». واشاد سمو الأمير في كلمة وجهها ظهر أمس بمناسبة العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك بوحدة المجتمع الكويتي وتكاتفه إزاء حادث التفجير الارهابي الآثم على مسجد الامام الصادق، مبينا سموه ان الكويتيين «أثبتوا بجلاء صلابة المجتمع الكويتي ووحدته في مواجهة العنف والفكر التكفيري المتطرف (...) وأفشلوا عبر هذه المواقف الوطنية السامية ما كان يرمي إليه مدبرو ومنفذو هذه الجريمة النكراء من محاولات يائسة وسلوك شيطاني مشين لإشعال الفتنة واثارة النعرات وشق وحدة المجتمع الكويتي، فردوا على اعقابهم خاسئين مدحورين لتنتصر الكويت، وتبقى وحدة وتماسك ابنائها عصية على كل من يحاول النيل منها». واشار سموه إلى ان «تنامي ظاهرة الارهاب واتساع رقعته بمختلف اشكاله وصوره في السنوات الاخيرة (...) يحتم على المجتمع الدولي بأسره تكريس كافة طاقاته للتصدي له والقضاء عليه وتجفيف منابعه. كما ان عليه ايضا تعزيز جهوده للحد من انتشار ظاهرة الاحتقان الطائفي البغيض ومنع اتساع رقعته». ونبه سمو الأمير إلى ان الكويت «ليست في منأى عن الظروف والاوضاع الحرجة التي تمر بها المنطقة مما يستوجب معها اخذ الحيطة والحذر واستنباط الدروس والعبر لتلافي تداعياتها ومخاطرها»، مشددا سموه على أهمية «تعزيز جبهتنا الداخلية وبالتكاتف والتلاحم والوقوف في وجه كل من يحاول المس بوحدتنا الوطنية». وقال سموه ان «شبابنا هم الثروة الحقيقية لوطننا العزيز ويحظون دوما لدينا بما يستحقونه من عناية واهتمام فهم عماد الوطن وعدته وامله ومستقبله وعلينا تحصينهم من الافكار الضالة والسلوك المنحرف». وفي ما يلي نص كلمة سمو الأمير: «بسم الله الرحمن الرحيم» (وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا اليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون) صدق الله العظيم الحمد الله المتفرد بالكمال والدوام والصلاة والسلام على عبده ورسوله خير الانام سيدنا محمد وعلى آله وصحبه الكرام. اخواني وأبنائي.. اتحدث اليكم حديث الاخ والاب لاخوانه وابنائه في لقاء متجدد على الخير والمحبة دائما ان شاء الله جريا على عادتنا الحميدة التي دأبنا عليها في العشر الاواخر من شهر رمضان لأبادلكم اطيب التهاني واجمل التبريكات بشهر رمضان الكريم، وابارك لكم بدخول العشر الاواخر منه شاكرين لله تعالى ان بلغنا هذا الشهر الفضيل وانعم علينا بصيامه وقيامه، مبتهلين اليه جل وعلا ان يعيده على وطننا العزيز وشعبنا الكريم بوافر الخير واليمن والبركات وعلى امتينا العربية والاسلامية بالرفعة والعزة والسؤدد. اخواني وابنائي لقد انعم المولى عز وجل علينا بنعمه الوافرة وخيراته الجزيلة التي لا تعد ولا تحصى تحقيقا لقوله تعالى (وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها)، فقد منّ الله علينا بنعمة الايمان والاسلام اللتين هما اعظم نعمة، وافاء علينا كل فضل وعطاء واحسان، وهيأ لنا وطنا آمنا مستقرا ومطمئنا واحاطنا بمشاعر الاخاء والمودة في ظل وحدة وطنية تجمعنا وتمثل معدن وجوهر وجودنا، وتلك والله نعم تستحق منا مداومة الشكر والثناء وتستوجب علينا تذكرها واستحضارها كل حين وزمان. اخواني وأبنائي لقد سطرتم ابهى صور الولاء والوفاء لوطنكم بما تحليتم به من روح وطنية عالية وما ابرزتموه من حرص على تعزيز الوحدة الوطنية وما ابديتموه من مظاهر التعاطف والتراحم إزاء حادث التفجير الارهابي الاثم على مسجد الامام الصادق والذي اسفر عن استشهاد العشرات واصابة المئات واثبتم بجلاء صلابة المجتمع الكويتي ووحدته في مواجهة العنف والفكر التكفيري المتطرف وتكاتفه في السراء والضراء، ولقد افشلتم عبر هذه المواقف الوطنية السامية ما كان يرمي اليه مدبرو ومنفذو هذه الجريمة النكراء من محاولات يائسة وسلوك شيطاني مشين لإشعال الفتنة واثارة النعرات وشق وحدة المجتمع الكويتي، فردوا على اعقابهم خاسئين مدحورين لتنتصر الكويت، وتبقى وحدة وتماسك ابنائها عصية على كل من يحاول النيل منها، سائلين المولى تعالى ان يتغمد شهداء هذا الحادث المؤلم بواسع رحمته ويسكنهم فسيح جناته وان يمن على المصابين بسرعة الشفاء والعافية. واننا ونحن امام مصابنا الجلل لا يسعنا الا ان نجدد شكرنا وعميق تقديرنا لاخواننا اصحاب الجلالة والفخامة والسمو قادة الدول العربية الشقيقة والدول الصديقة ورؤساء حكوماتها والى رؤساء المنظمات والمكاتب الاقليمية والدولية والى كل من تفضل بالتعبير عن مواساته على ما اعربوا عنه جميعا من صادق التعازي وما اكدوا عليه من شديد الاستنكار والادانة لهذا العمل الارهابي الجبان وما اظهروه من مشاعر التعاطف والتفاعل والوقوف الى جانب الكويت والتضامن معنا. اخواني وأبنائي تحية اجلال واشادة وتقدير ازجيها لرجال الامن في وزارة الداخلية على ما بذلوه من عمل دؤوب وجهود مخلصة اتسمت بالشجاعة والكفاءة والتفاني واسهمت في سرعة التوصل الى مرتكبي هذه الجريمة الشنيعة والحفاظ على امن الوطن واستقراره، كما نثمن عاليا ما قام به المسؤولون في وزارة الصحة وهيئاتها الطبية والتمريضية من جهود كبيرة وما قدموه من خدمات طبية لمعالجة المصابين والجرحى، ومقدرين ايضا كافة الجهود التي بذلها رجال الادارة العامة للاطفاء ورجال القوات المسلحة والجهات الحكومية الاخرى اثر هذا الحادث المؤلم. اننا نتابع ونشاهد تنامي ظاهرة الارهاب واتساع رقعته بمختلف اشكاله وصوره في السنوات الاخيرة واشتداد ضراوته وعنفه، فقد اصبح يهدد امن الدول واستقرارها، مما يحتم على المجتمع الدولي بأسره تكريس كافة طاقاته للتصدي له والقضاء عليه وتجفيف منابعه لتنعم الدول والشعوب بالامن والسلام، كما ان عليه ايضا تعزيز جهوده للحد من انتشار ظاهرة الاحتقان الطائفي البغيض ومنع اتساع رقعته لما يشكله من تهديد لكيان الامم وتفتيت لوحدتها. اخواني وأبنائي لا شك انكم تدركون طبيعة الظروف والاوضاع الحرجة التي تمر بها المنطقة وتتابعون مجرياتها ومخاطرها مما يستوجب معها اخذ الحيطة والحذر واستنباط الدروس والعبر لتلافي تداعياتها ومخاطرها التي لسنا بمنأى عنها لحماية وطننا والحفاظ على امنه واستقراره وتجنيبه المخاطر، ولن يكون ذلك الا بمزيد من تعزيز جبهتنا الداخلية وبالتكاتف والتلاحم والوقوف في وجه كل من يحاول المس بوحدتنا الوطنية التي هي السياج الحامي والحافظ بعد الله تعالى لوطننا العزيز، وعلينا تعزيز الترابط بين كافة افراد المجتمع والحفاظ على الروح الكويتية المعهودة، فالكويت كانت وستظل بإذن الله تعالى مثالا للتراحم والتكافل والنهج السمح الذي سار عليه اباؤنا منذ القدم وورثوه لنا رغم ما مروا به من شظف العيش وقسوة الطبيعة. اننا نؤمن بان الكويت لجميع أبنائها وليست لفئة دون اخرى فالكل يعيش على ارضها وينتمى لهويتها. ان علينا ان نتذكر ما ينعم به وطننا العزيز من نهج ديموقراطي متجذر وثابت توارثه اهل الكويت يملك فيه الجميع حرية التعبير، وان نفخر بدستورنا الذي ارتضيناه والذي هو محل اعتزازنا. ان المواطنة الحقيقية تقاس بما يقدم للوطن من عطاء وإخلاص وولاء وتضحية وفداء، فليس الانتماء للوطن شعارا يتغنى به بل هو عمل وتفان للحفاظ على امنه واستقراره ورفع شأنه. اخواني وأبنائي لقد اكرم المولى تعالى امة الإسلام بشهر رمضان المبارك واستأثرها فيه من بين الأمم وجعله موسما للخيرات والطاعات وضاعف فيه الأجر والحسنات وخصه بالتشريف بأن أنزل فيه كتابه العزيز هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان وجعله فرصة لتجديد التوبة والإنابة إليه والإكثار من فضائل الأعمال ومحاسن الأفعال، وانه لشهر الجد والاجتهاد والجود والتراحم والمواساة فهو شهر تسمو فيه النفوس وتزدان نقاوة وصفاء يتسابق فيه المؤمنون باغتنام أيامه ولياليه للاستزادة من الأعمال الصالحة والإقبال على كتاب الله تعالى قراءة وتدبرا وعملا فطوبى لمن وفق لصيامه وقيامه فغفر له ما تقدم من ذنبه. اخواني وابنائي يمر علينا شهر رمضان المبارك منذ سنوات عديدة وعالمنا الإسلامي يواجه ظروفا عصيبة ومصائب جمة وتحديات سياسية وأمنية خطيرة امتزجت معها الفتن وتعددت فيها الخطوب والمحن، وكثر فيها دعاة الباطل والتكفير والبدع، احتار العقل فيها وعجز معها التأمل وليس لنا أمام ذلك سوى التضرع إلى الباري تعالى واللجوء إليه بأن يجمع كلمة المسلمين ويوحد صفوفهم ومقاصدهم ويلهمهم الرشد والصواب ويشيع بينهم التآزر والتكاتف لدرء هذه المخاطر ومواجهة هذه المصائب والتحديات. إننا ونحن في هذا الشهر الفضيل شهر الجود والاحسان، علينا ان نتذكر ما تعانيه العديد من دولنا العربية الشقيقة من ويلات الصراعات والحروب وفقدان الامن والامان وما نتج عن ذلك من مآس انسانية تدمي القلوب ادت الى تجويع شعوبها وتشريد مواطنيها داخل وخارج اوطانهم وعهدنا بكم اهلنا في الكويت ممن جبلوا على حب الخير والبر والاحسان منذ القدم انكم سباقون في مد يد العون حيث سجلتم دورا متميزا في هذا المجال. اخواني وأبنائي ان شبابنا هم الثروة الحقيقية لوطننا العزيز ويحظون دوما لدينا بما يستحقونه من عناية واهتمام ،فهم عماد الوطن وعدته وامله ومستقبله وعلينا تحصينهم من الافكار الضالة والسلوك المنحرف والعمل على تمسكهم بديننا الاسلامي الحنيف الداعي الى الوسطية والاعتدال وتعزيز قيم الانتماء لوطنهم كما ان علينا استثمار طاقاتهم وصقل مواهبهم وتحفيزهم على الجد والعطاء. ولقد سرّنا ما حققته حملة المشروع الوطني للشباب «الكويت تسمع» من نجاح من خلال تبني الافكار والمقترحات البناءة والهادفة لاستغلال ما لديهم من ابداع وابتكار وتحفيزهم على الانخراط في العمل المهني الحر الذي يعود عليهم وعلى وطنهم بالخير والمنفعة. اخواني وأبنائي ونحن نعيش في نفحات هذه الليالي العشر الاواخر التى عظم الله تعالى شأنها بليلة القدر التي هي خير من الف شهر، فإننا نتضرع الى الباري عز وجل ان يغفر لنا ويرحمنا ويتقبل صالح اعمالنا وان يحفظ وطننا العزيز الكويت من كل سوء ومكروه ويديم عليه نعمة الامن والسلام والازدهار والرخاء وان يحقق لامتنا العربية والاسلامية العز والنصر ويوحد صفوف المسلمين ويحقن دماءهم. مستذكرين في هذه الليالي العطرة اميرنا الراحل الشيخ جابر الاحمد الجابر الصباح واميرنا الوالد الشيخ سعد العبدالله السالم الصباح طيب الله ثراهما، مبتهلين الى المولى جلت قدرته ان يسبغ عليهما واسع رحمته ومغفرته ويسكنهما فسيح جناته، وان يرحم شهداءنا الابرار ويعلي منازلهم في جنات النعيم وان يغفر لجميع موتانا وموتى المسلمين ويتغمدهم بعفوه ورضوانه. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته