إعلان الائتلاف السوري خلال اجتماعه في إسطنبول أمس عن تشكيل حكومة من تسعة وزراء مكلّفين بإدارة الأراضي الخاضعة لسيطرة مقاتلي المعارضة برئاسة أحمد طعمة. والإعراب عن استعداده للمشاركة في مؤتمر جنيف 2؛ بشرط عدم وجود أي دور لنظام الرئيس بشار الأسد في المرحلة الانتقالية، يعتبر خطوة مهمّة وإيجابية، ولكنها تتطلب المزيد من الخطوات الأخرى التي تعتبر أساسية لتحقيق انفراج حقيقي في الأزمة السورية المأساوية التي طال أمدها. ذلك أن الحكومة المتوخاة التي يمكن أن تحقق الحد الأدنى من تطلعات الشعب السوري هي الحكومة الانتقالية كاملة الصلاحيات الرئاسية والعسكرية والأمنية التي تتحمّل كافة المسؤوليات، وتتمتع بكافة الصلاحيات، بحيث لا يكون لبشار الأسد وأعوانه -الملطخة أيديهم بدماء السوريين- أي دور في المرحلة الانتقالية، أو في تقرير مستقبل سوريا، وهو المؤمل أن يسفر عنه المؤتمر، فيما أن كافة المؤشرات تدل على أن نظام بشار الأسد يركز جهوده على تبديد حلم الشعب السوري في الحرية والخلاص، ويسابق الزمن من أجل تحقيق أكبر قدر من المكاسب على الأرض، غير آبه بسقوط عشرات الضحايا من الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ بشكل يومي وبأبشع الأساليب الوحشية. هناك بالطبع الكثير من العراقيل أمام إمكانية عقد جنيف -2، حتى بعد موافقة الائتلاف الموحد على المشاركة، والإعلان عن تشكيل حكومة طعمة، ليس أقلها استمرار رفض بعض فصائل المعارضة للمؤتمر بما في ذلك المجلس الوطني السوري ، والجدلية الدائرة حول المشاركة الإيرانية، وليس أكبرها رفض دمشق مجرد البحث في مصير الرئيس الأسد الذي تنتهي ولايته في العام 2014، واعتبارها أن القرار في ذلك يعود "للشعب السوري". ينبغي القول في المحصلة إن الحل الوحيد للأزمة السورية سيبقى سياسيًّا بالأساس، وهو المخرج الوحيد للأزمة مهما ازدادت عسكرة الصراع. ولذا فإن المطلوب من المعارضة السورية في الاستعداد للذهاب إلى جنيف 2 المنتظر أن يحدد تاريخ انعقاده خلال الاجتماع المقرر في جنيف بين المبعوث الدولي الأخضر الإبراهيمي وممثلي كل من أمريكا وروسيا في 25 نوفمبر الجاري الاتفاق بين صفوفها في الداخل والخارج على وفد موحد إلى جنيف، وإنهاء الخلافات والانقسامات الداخلية؛ لأن الانقسام يشكّل عدوًا ثانيًا، لا يقل خطورة عن نظام الأسد وطغيانه وجبروته.