×
محافظة المنطقة الشرقية

«عياش» باقٍ.. و«فؤاد» بديلاً لـ«عبدالرب» والحالة يعسكر في أبوظبي

صورة الخبر

مع مجيء الإنترنت ظهر جيل شاب يتطلع لتسجيل حضوره في المشهد الفني السعودي ومنافسة من يدعون بالجيل القديم. كانت أغلب تعليقات الشباب تدور حول ضرورة تقديم بديل فني مختلف يقضي على المسلسلات الرديئة التي يقدمها رموز الجيل القديم، ورغم أن من حق هؤلاء الشباب أن يحلموا ويطمحوا في المنافسة بل والتفوق على من سبقوهم إلا أن الملاحظ عليهم عدم احترامهم للرواد والانتقاص من تجربتهم وتاريخهم عبر تصريحات صحفية أو تغريدات إلكترونية يعلنون خلالها أن الجيل السابق سبب نكسة الفنون وأنهم -أي الشباب- لو أتيحت لهم الفرصة فسيصنعون ما عجزت عنه الأوائل وسينقلون الدراما السعودية إلى مستويات أعلى من الجودة والإتقان. وقد أتيحت لهم الفرصة العام الماضي، عندما اعتمد التلفزيون السعودي في رمضان على مجموعة من المنتجين الشباب، ورضخ لمطالباتهم بإبعاد الرواد القدامى، فكانت النتيجة مخيبة للآمال، ولم يتمكن الشباب من تقديم عمل يليق بل كانت أعمالهم للتهريج أقرب، وكذا نذكر أيضاً التجربة الشبابية "حسب الظروف" التي عرضت في رمضان الماضي على قناة روتانا خليجية وكانت تجربة سيئة بكل المقاييس الفنية. وجاء هذا الإخفاق الشبابي ليؤكد أنه لا يمكن أن تعتمد الدراما في كل أحوالها على المواهب الشبابية فقط دون الاستعانة بذوي الخبرة ممن أفنوا عمرهم في هذا المجال. وإذا استحضرنا قائمة الأعمال الشبابية التي أنتجت السنوات القليلة الماضية، مثل "شفت الليل"، سنجد أنها أقل مما كان متوقعاً من شباب أعلنوا تحديهم للجميع وعبروا عن ثقة مفرطة بقدراتهم. وذلك مقابل مسلسلات الجيل القديم التي مهما كان فيها من عيوب تبقى أفضل وأقرب للجودة في الجوانب الفنية. إن دخول الشباب هذا الاختبار لم يكن منطقياً ولا واقعياً دون دعم من الرواد الذين أبعدوا من قبل القنوات وتم إحلال العديد من المنتجين غير المعروفين مكانهم، وقد تكشف للجمهور أن هؤلاء الشباب لا يمتلكون المقدرة على حمل مسلسل كامل لوحدهم، فظهرت هذه الأعمال السطحية والإخراج المتواضع والإنتاج الرخيص لتخسر الدراما السعودية مكانتها وقدرتها على السيطرة في الفترة الذهبية لتحل مكانها أعمال منوعة مثل "واي فاي" وبرامج أخرى. هذا السقوط للدراما السعودية يتحمله القائمون على القنوات الذين انجرفوا مع وعود الشباب دون أن يتأكدوا من إمكانياتهم، وحجموا مساحة الرواد وكأن هؤلاء الرواد هم المسؤولون لوحدهم عن تراجع الفن الدرامي. قناة MBC تكاد تكون الوحيدة التي نجت من هذه الثقة بالشباب الغض الذي لم تنضجه التجربة، وبدلاً من أن تمنح مساحتها للشباب كي ينقلوا مراهقتهم الفنية لها، قامت بإعادة حلقات "طاش ما طاش" تحت عنوان "أحلى طاش" وكذلك أعادت مسلسل "عيال قرية" في بادرة تقدير للجيل القديم الذي لولاه ما تطورت الدراما السعودية. قرار إتاحة الفرصة المطلقة للشباب الذي اتخذته هيئة الإذاعة والتلفزيون لم يكن مدروساً، حتى أنها لم تبحث في نتائج هذا القرار الفردي كما حدث في الدراما المصرية وقت تبنيها جيل الشباب مطلع التسعينيات وإبعاد جيل الرواد مما ساهم في تحويل المشاهد الخليجي للأعمال السورية التي استطاعت أن ترسخ مفهوم العمل الجماعي وتنوع الفكر وتقديم الدراما الجادة البعيدة عن السطحية. إلى أن اقتنع المصريون بأن الشباب لوحدهم لا يستطيعون حمل صناعة الدراما فقرروا إعادة جيل الرواد ومزج خبرتهم مع روح الشباب فتحققت بذلك نقلة مهمة للدراما المصرية. مشكلتنا هي وجود التصنيفات، فعندما نقول دراما شبابية فهذا يعني أن لا يظهر فيها أحد من جيل الرواد، والعكس صحيح، وهذا ما رأيناه في النتاج الشبابي الهزيل الذي عرضته القنوات والذي لا يقارن أبداً بما يعرضه فنانو الجيل السابق. في رمضان الحالي مثلاً لدينا مسلسلان لناصر القصبي وعبدالله السدحان هما "سيلفي" و"منا وفينا" وهما الأفضل والأجود ومن المصادفات أن يعرض معهم مسلسلات من إنتاج الشباب مثل "الذاهبة" لطلال السدر و"مبتعثات" لهيفاء المنصور "سوبر محصل" لثامر الصيخان، وبمقارنة بسيطة نستطيع أن نقول إن السدحان والقصبي نجحا وأن بقية الشباب فشلوا في تقديم دراما مقنعة. وبالطبع نحن لا نطالب بإبعاد الشباب بل نتمنى أن يتنازلوا عن غرورهم قليلاً وأن يحفظوا معروف الرواد القدامى وأن يعترفوا بما قدم هؤلاء من تاريخ وجهد وكفاح. لا نريد أن نسمع من هؤلاء الشباب عبارات التحقير والسخرية بالجيل القديم ونقول لهم إن قليلاً من الاحترام لن يضر، خاصة احترام الفنانين الذين سبقوكم والذين أثبتوا في رمضان الحالي أنهم أفضل منكم رؤية وفناً وإتقاناً.