في هذا العصر أصبح مفهوم الشجاعة مبهما وضعيفا لا يعطي للكلمة حقها وقدرها الذي لا بد أن يكون واضحا في أذهان الجميع، ولذلك فقلما نسمع اليوم عن مواقف شجاعة ناتجة من تدهور تعريف صفة الشجاعة. فالشجاعة اليوم قد تطلق على قرارات مثل تقصير أو تطويل الشعر أو حتى تغيير لونه، تبديل السيارة بموديل أحدث، شراء فستان أو بدلة غالية الثمن.. وبالقطع فهذا ليس هو المقصود من الشجاعة، وذلك كما يؤكد السيناتور جون ماكين في كتابه الطريق إلى الحياة بشجاعة. وهو يريد بهذا الكتاب الرجوع بكلمة الشجاعة إلى معناها الأصلي، ليس فقط القدرة على اتخاذ المواقف على الرغم من المخاوف المحيطة، بل أيضا التضحية بالنفس من أجل الآخرين. فالشجاعة هي التضحية بالنفس دون الخوف من أي شيء حتى الموت.. والحديث هنا لا يعني أن يلقي الإنسان بنفسه إلى التهلكة.. أو يذهب إلى الموت بقدميه.. إنما المقصود هو ألا تكون خشية الموت مدعاة للجبن. وبالطبع فإن أعظم أنواع الشجاعة هو في الدفاع عن الوطن.. والموت هنا شرف وحياة. ويقص جون ماكين الكثير من القصص التي تبهر القارئ بشجاعة أبطالها ومنها الأم التي فقدت حياتها وهي تحارب جارها تاجر المخدرات، وذلك من أجل إنقاذ المجتمع الذي تعيش فيه، أيضا الكثير من النساء اللائي خاطرن بحياتهن من أجل مساعدة الآخرين أيضا في الكثير من المواقف البطولية في الحرب الكورية أو الفيتنامية التي خاطر فيها الكثير من زملاء ماكين بحياتهم من أجل مساعدة الآخرين. والشجاعة قد تكون بقول الرأي السديد دون الخوف من اللوم، وكما يقول المثل القديم الرأي هو الجانب الأفضل من الشجاعة. ويناشد ماكين القراء من الآباء والأمهات غرس صفة الشجاعة في أنفسهم وفي أطفالهم، فالشجاعة هي الدعامة والأساس لكل الفضائل الأخرى.. تماما كما قال أرسطو إن الشجاعة هي أم الفضائل. همس الكلام: تنجح أي لجنة ثلاثية، إذا غاب اثنان من الأعضاء!