×
محافظة المنطقة الشرقية

الألبانيون يتظاهرون ضد تفكيك كيمياوي الأسد في بلادهم

صورة الخبر

عرف السعوديون الإنترنت عام 1994م، في بعض المؤسسات البحثية وبعض الشركات الكبرى، لكن الإنترنت لم تشرع إلا في عام 1998، وأتيحت للاستخدام العام في 1999م، أي منذ قرابة 14 عاماً، وهذه الـ 14 عاماً فقط، أوجدت من التغيير الاجتماعي ما لا يفعله قرنٌ من الزمن، وأذكر أنه في البداية كان هناك توجسٌ اجتماعي كبير من هذا الوافد الجديد، ففي عصرية ما زالت في ذاكرتي كنت معزوماً إلى تجمُّع كبير في إحدى الاستراحات، حيث كان هناك جمهورٌ، وأقام المنظمون للتجمُّع حفلاً خطابياً ترحيبياً، ثم أُتيح الميكروفون للجمهور، وأنا منهم للتعليق، فرأيت أن موضوع الإنترنت مثير، فتحدثت للجمهور الشبابي عن أهمية المبادرة بتعلُّم الإنترنت، والدخول إلى العصر من خلالها وأننا نستطيع تجاوز تخلفنا بالعلم، وقتها خطف الميكروفون مني أحد الحضور، وردَّ كلامي إليّ بنصيحة للشباب بالحذر كل الحذر من هذا الشر المقبل، وتوالت النصائح الرافضة لكل ما هو متعلق بهذا الشر الجديد. أطلت بهذه القصة لأنها صورة اجتماعية حقيقية، فخلال سنتين، أو ثلاث كان الناهون عن هذه الوسيلة، هم السباقين لها، ليس لبث فضيلة، بل للدخول إلى فكر العالم بخصوصية لا تكشف متحفظهم، ثم أصبح المحافظون هم السباقين، والأكثر استخداماً أيام المواقع الحوارية الأيديولوجية؛ حيث اعتبروها منبراً للدعوة، وصد الفكر المخالف، ثم ظهرت فئة الشباب الأقل دخلاً، التي أقبلت على الإنترنت بصفتها وسيلة تواصلها الأولى، وإحدى ضرورات حياتها ولو على حساب المأكل والمشرب. اليوم تتجاوز الإنترنت كل الحواجز الاجتماعية والتربوية لتعطي كل شاب ما يحلم به وما يفكر فيه بخصوصية تامة، ويتبنى المجتمع أنماطاً وسلوكيات من خارج المؤسسة الاجتماعية عبر الإنترنت، لا يمكن تصور وجود متعلم أو غير متعلم لا يستعمل الإنترنت بطريقة أو بأخرى، أو ينهي معاملات إدارية، أو يتراسل؛ فـ الإنترنت التي رفضها المحافظون يوماً ما لا يمكن تخيل الحياة دونها بعد ما يزيد على عقد من الزمان فقط، وأصبحت مجال عمل واستثماراً لكثير من القطاعات التجارية والاجتماعية. من دون الإنترنت كان سيفقد السعوديون مصدراً كبيراً للتغيُّر والتحضر، فالثقافة النوعية للشباب والشابات مرتبطة بثقافة عالمية عامة، حيث يتجاوزون ما يتعلمونه في المدارس، وما يرتبطون به في المؤسسة الاجتماعية للعيش كمجتمع من مجتمعات العولمة، رغم أن هذا لم يكن هدفاً حين دخول الإنترنت المملكة، فقد كان هناك تخوفٌ من التأثير السلبي، وتغيُّب قيم الشباب، لكن هذه المخاوف سقطت بالتجربة، فالشاب الملتزم بكل قيمه الاجتماعية في قرية هو شاب يعرف ما يعرفه أي شاب في أي عاصمة عالمية، لكنه متوازن مع قيمه الاجتماعية.