في كل دول العالم هناك معاهد ومراكز وهيئات للبحث العلمي تكون مهمتها الأساسية دعم البحوث العلمية والإنسانية في ظل منظومة واضحة تستقبل البحث كمادة خام أولية تمر عبر مراحل علمية ينتهي بها المطاف إلى علم نافع يستفاد منه أو سلعة أو خدمة تكون نتاج الجهود والعلماء والباحثين. المملكة تزخر بالعديد من العلماء والباحثين وأساتذة جامعات وأطباء وغيرهم، ومن الجنسين ممن يحملون في أذهانهم العديد من العلوم والمعارف التي تحتاج إليها ولكن لانعدام وجود مراكز بحثية متخصصة ودعم واضح صار كل في فلك يسبحون، أنا أدرك أن قضية البحث قضية أزلية كما هي تماماً قضية التدريب، فالبحث والتدريب في الفكر العربي من الكماليات التي نستوردها من الغير، لذلك يحاول من لا يعترف بالبحث وأهميته أن يلغي الفكرة من جذورها.. إن انعدام المخصصات المالية للبحوث في القطاعين الحكومي والخاص وروتينية الحصول على الدعم جعل الكثير من الباحثين يعزف عن البحث بل ويلغي الموضوع نهائياً لأنه سأم من الإحباط، لذلك ترى البعض يحاول بما أوتي من قدرة و(فزعة) من هنا وهناك أن يأتي ببحث ما وينشره على استحياء، ليس لعدم قناعته ببحثه بل لإدراكه أن المزيد كان يمكن إضافته لو كان العمل جماعياً مدعوماً وفق آليات للبحث واضحة وميسرة للجميع. البحوث عندنا متواضعة رغم أهمية عناوينها وأهمية مقدميها من الباحثين إلا أن بحثا في مستشفى هنا أو جامعة هناك لا يرقى للكمالية والسبب ليس الباحث بقدر ما هو بيئة البحث العلمي التي لا تزال وليدة في مجتمعنا رغم التطور الذي تعيشه المملكة ووجود هذا الكم الكبير من مفكرين وباحثين وغيرهم من أبناء الوطن. والملاحظ أن البحث العلمي عندنا- إن وجد- ينتهي بتوقف الباحث إما- لا سمح الله- لوفاة أو مرض أو تقاعد أو غيرها، علماً بأن البحث يجب أن لا يقف عند حدود ظرفية. فمسيرة البحث يجب أن تتم بالباحث ومساعديه وطلابه وزملائه إن كان معهم أو تركهم، فالبحث يجب أن يستمر لاستكمال مراحله،، لكن أن ينتهي البحث العلمي أو يتوقف بمجرد عزوف الباحث عن بحثه بسببٍ ما فهذا لا يجوز لأن البحث عمل جماعي، ملك للجميع وللوطن وللإنسانية. لا بأس أن يحمل البحث اسمي ومشاركتي إذا كنت أنا الباحث الرئيسي ولكن بمجرد البدء به ومشاركة الآخرين لي فقد انتفت صفة الملكية الفردية لي فالجميع يملكون البحث وعليهم استكماله حتى النهاية وإلا صار رسالة لدرجة علمية وانتهى الأمر. أتمنى أن تنشأ هيئة عامة للبحث العلمي أو مركز وطني للبحوث تكون المهمة الأساسية لهذا المركز استقبال وجمع وإعداد ومتابعة ونشر البحوث في العلوم كافة العلمية والإنسانية بطريقة احترافية، هيئة لها مجلسها وميزانيتها ولوائحها ومستقلة بعيدة عن كنف الروتين القاتل، فالمملكة العربية السعودية تستحق أن يكون بها هيئة عليا للبحوث مقارنة لما بها من طاقات بشرية وعقول ذكية وإمكانات مادية. استشاري إدارة تشغيل المستشفيات وبرامج الرعاية الصحية