«الحياة أعزّ شيء بالنسبة إلى الإنسان. إنها توهب له مرّة واحدة، لذا يجب أن يعيشها عيشة لا يشعر معها بندم معذب على السنين التي مضت، ولا أن يلسعه العار على ماض رذل تافه، وليستطيع ان يقول وهو يُحتضر: كانت كلّ حياتي، كلّ قواي موهوبة لأروع شيء في العالم، ألا وهو النضال في سبيل تحرير الإنسانية». هذه الكلمة التي كتبها نيقولاي أوستروفسكي مرّة يتردد صداها في روايته الشهيرة «كيف سقينا الفولاذ» (1939)، وهي رواية غدت واحدة من تحف الأدب السوفياتي، ومن أكثر الكتب رواجاً في الخارج. بعد مرور حوالى سبعة عقود على صدورها، تُعيد دار المدى ترجمة الرواية إلى اللغة العربية (ترجمة غائب طعمة فرمان)، لتُعيد مرّة أخرى الضوء إلى عمل روائي استقبله العالم بحفاوة كبيرة، وبالتالي حقق آمال صاحبه الذي قال مرّة «إنّ أروع شيء بالنسبة إلى الإنسان هو أن يغدو كل ما صنعه في خدمة البشر حتى بعد موته». عاش الكاتب نيقولاي أوستروفسكي حياة قصيرة، لكنها غنية وساطعة (1904-1936). وهو كان استوحى قصة روايته «كيف سقينا الفولاذ» من تجربة شخصية عاشها خلال الحرب الأهلية السوفياتية. ففي العشرين من عمره أقعده المرض في السرير بعد جراح خطيرة أصيب بها في جبهات الحرب الأهلية، حتى فقد البصر. ولمّا كانت صحته تتردّى يوماً بعد يوم، قرّر أن يكتب رواية تحاكي واقعه المأسوي الذي فرضته الحرب عليه وهو بعد في ريعان شبابه. هكذا بدأ أوستروفسكي يكتب روايته شجاعة عن الشباب والحب والكفاح في سبيل الحياة الجديدة. ومعظم شخصيات الرواية لها نماذج واقعية، بينما حياة الكاتب نفسه أساس شخصية البطل الرئيسي بافل كورتشاغين.