×
محافظة المدينة المنورة

درويش أحد يستنجد بالشباب ودفيس ينهي المقاطعة

صورة الخبر

يشتكي التونسيّون من ارتفاع أسعـــار العقارات التي ما فتئت تتزايد في شكــل مقلق. فالتونسي لم يعد في إمكانه اقتناء منزل خاص به ولو كان صغيراً، لأنّ الأسعار تجعله يفكر مليون مرة قبل الإقدام على خطوة خطرة وغير مضمونة النتائج، ولو أن غالبية التونسيّين يعتمدون على القروض المصرفية لشراء الشقق التي عادة ما تكون إمّا مملوكة للدولة أو لشركات عقارية تشتكي هي الأخرى من غلاء المواد الأولية واليد العاملة. ووفق إحصاءات غير رسمية، فإنّ أسعار العقارات المعدة للسكن شهدت ارتفاعاً فاق الـ30 في المئة في مدن تونسية كثيرة، خصوصاً الكبرى منها. وتمثّل سوق العقارات في تونس عنصر جذب للمستثمرين ورؤوس الأموال الذين وجدوا فيها بعد ثورة «14 يناير» خير ملاذ وأكثر قطاع آمن يمكن ضخّ الأموال فيه بأقل نسبة من الأخطار، في ضوء ما تعيشه البلاد من أوضاع أمنية وسياسية لا تزال مربكة، إذ زاد الإقبال على اقتناء الأراضي وأعمال البناء، على رغم أنّ أصحاب شركات العقارات يشتكون دائماً من مشاكل متعددة قد تعصف بالقطاع، منها ارتفاع أسعار اليد العاملة وندرة الأراضي المعدّة للبناء، لا سيّما في المناطق السياحية، فضلاً عن الفوائد المصرفية التي تثقل كاهل الشركات وبالتالي ترخي بظلالها على المواطن الذي يتكبّد عادة الحمل الأكبر.   أرقام وأرقام تفيد الأرقام الرسمية بأن حوالى 23 في المئة من التونسيين لا يملكون مساكن على رغم وجود مئات الآلاف منها شاغرة ولكنّ غالبيتها معدّة للإيجار وليس للبيع. يقول سالم بن علي (53 سنة): «منذ عامين وأنا أسعى لامتلاك مسكن خاص بي، وفي الحقيقة كانت محاولاتي الأولى بعد زواجي مباشرة أي منذ ربع قرن. لكن، للأسف لم أتمكن من ذلك لاعتبارات عدة، لعلّ أهمها انشغالي بتربية الأبناء ودراستهم والمصاريف الكثيرة التي ترافق سنوات عمرهم». ويضيف: «الآن ربما سأتمكن بعد جهود كبيرة ووساطات عدة من امتلاك منزل ولو أنه بعيد نسبياً عن العاصمة وصغير ولكن على الأقل هو ملكي». في المقابل، تقول وداد (37 سنة وأم لولدين): «بفضل قرض مصرفي تمكنّا زوجي وأنا من اقتناء شقّة في إحدى البنايات الجديدة في مدينة سوسة الساحلية. صحيح أنّ الثمن مرتفع ولكن لا خيار أمامنا، فالأسعار تتزايد بوتيرة سريعة، وإن لم نبادر اليوم فربما لن نحصل على شقة أبداً». وتؤكد أنّهما حصلا على القرض بفائدة مرتفعة جداً. وسيتعيّن عليهما تسديد المبلغ مضاعفاً. ويتدخل زوجها نزار متابعاً: «إذا ما حسبنا المسألة بطريقة أخرى فسنجد أن الفائدة ليست مرتفعة مقارنة بالأسعار التي تزيد يومياً وهو مبلغ معقول ومنطقي».   قطاع مغرٍ ولكن... واستعادت سوق العقارات نسقها في شكل أفضل بعد الثورة، فأصبح الإقبال أكبر من قِبَلِ التونسيين المقيمين في الخارج الذين تتعامل غالبيتهم مع شركات العقارات بالعملة الصعبة (الدولار أو اليورو) مستفيدين طبعاً من فارق الصرف مع العملة المحلية، هذا فضلاً عن الأجانب الذين فضلوا الاستقرار في تونس وساهموا بدورهم في الحراك الذي شهده هذا القطاع. وعلى رغم أنّ سعر المتر المربّع الجاهز ارتفع بحوالى كبير وبلغ وفق أرقام وزارة التجهيز والإسكان التونسية، حوالى 260 دولاراً (400 دينار)، لا يخفي عاملون في القطاع أن استقرار الليبيّين في تونس بعد الثورة في بلادهم ساهم في شكل مباشر في دعم قطاع العقارات، إذ تشير الأرقام الى أن حوالى نصف مليون ليبي استقرّ معظمهم بين العاصمة وسوسة وصفاقس. في المقابل يشتكي العقّاريّون من عقبات تواجه نشاطاتهم، وفي مقدمها نقص الأراضي المهيأة للبناء والبنية التحتية المتاحة التي يفترض أن توفّرها البلديات في شكل روتيني، إضافة إلى إجراءات مملّة أحياناً عند طلب الحصول على التراخيص.   المساكن الاجتماعية وفي سياق الدعم الحكومي للعائلات الفقيرة، لا تزال الدولة تمنح مساكن بأسعار تفاضلية إذ تتكفّل بنصف الثمن فيما يسدد الباقي على 25 سنـــة وبأقساط ضئيلة شهرياً لتمكين الأُسَرِ الفقيرة من امـــتلاك شقق جيّدة بأسعار معقولة، تتراوح وفــــق نوعية المسكن. فالمسكن الاجتماعي الفردي بمـــساحة مغطاة قصوى تبلغ 50 متراً مربعاً يصل سعره إلى 45 ألف دينار، والمسكن الاجتماعي الجــماعي بمساحة مغطاة قصوى مقدارها 75 مــتراً مربعاً يصل سعره إلى 57500 دينار (حوالى 37375 دولاراً)، أمّا المسكن الجماعي العمودي (مبانٍ سكنية) الذي تتراوح مساحته المغطاة بين 80 و100 متر مربع فيتراوح ثمنه بين 62 ألف دينار و77500 ألف دينار (حوالى 50375 دولاراً). يذكر أنّ مجال السكن الاجتماعي عرف في السنوات الأخيرة صعوبات وعراقيل، منها عدم إقبال المطورين العقاريين على بناء المساكن الاجتماعية بسبب ارتفاع الكلفة نتيجة الزيادة في أسعار مواد البناء وعدم تحقيق أرباح كبيرة تدرّها عليهم المساكن الفاخرة، ما انعكس على قطاع السكن الاجتماعي الذي تراجع في شكل ملحوظ باعتبار أن الشركات العمومية المختصة في بناء هذه الفئة من المنازل لم تعد قادرة وحدها على مجابهة الطلبات المتزايدة، ما دفع رئاسة الحكومة أخيراً إلى عقد جلسة عمل وزارية للنظر في هذا الملف الشائك، واتخاذ حزمة إجراءات كان من نتائجها توفير عدد كبير من المساكن الاجتماعية بأسعار محددة سلفاً.