ذكر الاستشاري الاجتماعي محمد جواد مرهون أن علماء الوراثة أشاروا إلى أن زواج الأقارب هو السبب المباشر، للعديد من الأمراض المتوارثة وأنه يؤدي إلى ضعف النسل لما يحدث من تراكم الصفات الوراثية غير الجيدة. وفيما يأتي نص اللقاء: لماذا تنتشر ظاهرة «زواج الأقارب» في مجتمعاتنا؟ - يقول الرسول (ص): تنكح المرأة لأربع، لمالها ولجمالها ولحسبها ولدينها، فاختر ذات الدين تربت يداك. والحقيقة القائمة أن الجمال في زماننا يعد العامل الأول في اختيار الرجل للمرأة بوصفه هو الذي له حرية الاختيار وللمرأة حرية القبول أو الرفض، ويثبت هذا الرأي أنك لا ترى امرأة جميلة في قائمة العوانس وهناك عدة اعتبارات لتصدر الجمال قائمة الأسباب، لكن هناك سببين رئيسيين أحدهما: الجمال لذاته وصدر شغف ولصفة ورغبة تنجذب لها نفوس وقلوب الرجال والسبب الآخر العامل الجنسي الذي يلح على الرجل للبحث عن وسيلة لإفراغ طاقته الجنسية وليس هناك طريقة ممكنة لذلك تتوافق مع التعاليم الدينية والخلقية إلا عن طريق الزواج. ويظل العامل الجنسي ضاغطاً على الشاب منذ تفجر طاقاته الجنسية عند البلوغ (15 عاماً) حتى تحقيقه الزواج بعد إكمال دراسته وحصوله على الوظيفة وتوفيره مستلزمات الحياة الزوجية. ومن الطبيعي إذا كان هدف الشاب الإشباع الجنسي فإن الجمال غايته، ثم يأتي العامل الثاني للاختيار وهو المال ولكن ليس بصفة أن المرأة من عائلة غنية إنما أن تكون المرأة موظفة أو عاملة فيكونان معاً قادرين على بناء الحياة الزوجية. فإذا كانا هذين الشرطين الرئيسيين لاختيار الرجل لشريكة حياته فلا يهم إن وجدهما مع الأقارب أو الأباعد، وهذا ينطبق على المرأة التي لا تقاس بالجمال فعليها القبول حتى لا يفوتها قطار الزواج. هل ترى أن للوالدين تأثيراً كبيراً فيما يتعلق باتخاذ القرار لتزويج الأبناء من أقاربهم؟ - تراجع دور الوالدين في التأثير على الأبناء، حيث كان هذا الدور شبه كامل، وأصبح الآن دوراً استشارياً، وهنا لابد أن نذكر أن البرمجة اللغوية العصبية ترى أن هناك نوعين من الأفراد أحدهما مرجعيته داخلية، وهو صاحب قراره وآخر مرجعيته خارجية وهذا الفرد يتأثر بقرارات الآخرين. نعم بعض الأحيان يحرص الأبوان أن يرشحا من يرونه مناسباً من العائلة. كيف يمكن التوفيق بين تداعيات «زواج الأقارب» وجدلية عدم صحته مجتمعياً لأنه مدعاة لانتشار الأمراض، وبين إيجابيته في تقوية أواصر صلة الرحم، ولاطمئنان الزوجين لبعضهما؟ - يحذر الأطباء من زواج الأقارب خوفاً من انتقال الأمراض الوراثية، ولي جار تزوج من بنت خالته وكلاهما سليمان، ومع ذلك أنجبا ثلاثة ذكور اثنان منهما من الصم والبكم، وهذا ما يؤكده علماء الوراثة من أن زواج الأقارب هو السبب المباشر، للعديد من الأمراض المتوارثة وأنه يؤدي إلى ضعف النسل لما يحدث من تراكم الصفات الوراثية غير الجيدة، وفي البحرين مثلاً نسمع ونشاهد عدد الوفيات سنوياً بسبب مرض الأنيميا المنجلية. من جهة أخرى، تؤكد لنا دراسات متعددة في الطب الحديث أن زواج الأقارب ليس ضاراً في كل الأوقات بل ربما يكون نافعاً في حالة ارتفاع نسبة الذكاء، والجمال والقوة في العائلة، فكم من عوائل مثلاً يكون معظم أفرادها عباقرة. ويمكن التوفيق بين الرأيين بإجراء الفحص المخبري بين الزوجين قبل الزواج، سواء كانا من الأقارب أو من الأباعد. هل يؤثر زواج الأقارب على الحياة الزوجية على المستوى الاجتماعي، ومثال ذلك التدخل في شئون الزوجين من قبل عائلتيهما؟ وهل هذا التأثير سلبي أم إيجابي؟ - قد يؤثر زواج الأقارب في انعكاس المشاكل الزوجية إلى تصدع أواصر القربى لعائلتيهما، هذا يحدده مدى الوعي الاجتماعي والثقافي لكل من الزوجين وكل من العائلتين سلباً أو إيجاباً. ومن هنا قول الله تعالى «وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها إن يريدا إصلاحاً يوفق الله بينهما إن الله كان عليماً خبيراً». سورة النساء 35 ولكن حين تغيب الحكمة بين العائلتين يحدث الشقاق والعداوة. توجد حالات كثيرة تتعلق بارتباط فتاة بشاب وسط علاقة حب، وبعد الفحص الطبي قبل الزواج، تبين نتيجة الفحص أن الزواج سيشكل خطراً على الأبناء في حالة الإنجاب، ومع ذلك فهما يتمان عقد الزواج وينجبان. - هنا يجب علينا أن نعرف الزواج الصحي، وهو حالة من التوافق والانسجام بين الزوجين من النواحي الصحية والنفسية والجنسية والاجتماعية والشرعية، بهدف تكوين أسرة سليمة وإنجاب أبناء أصحاء وسعداء. وبسبب الفحص ما قبل الزواج، الطبي الملزم، حُلّت الكثير من المشاكل وأعطية توعية إلى المقبلين على الزواج وكثير من الناس يستجيبون إلى قرار الفحص الطبي. بالنسبة إلى المتحابين الذين يرغبون في أن ينتصر حبهم على الفحص الطبي، لكي لا يلتزموا بالاستشارة، فنحن لا نتمنى أن يتحقق ذلك، ولكن إن كان ولابد، فهم يتحدون الأسرة والمجتمع والفحص الطبي من أجل الانتصار إلى الحب، فنحن نقول لهم خياركم ممكن أن تتزوجوا، ولكن ليس الخيار أن تنجبوا، ولا يحق لكم أن تفرضوا على خلق جديد أن يعيش متألماً بأمراض وآلام كثيرة، وبدون مستقبل، بسبب رغبتكما في الحب والزواج، فلكم الزواج ولكن ليس لكم الإنجاب. نحن مع تشجيع الجمعيات بأمور التوعية اللازمة، وأنا أعرف بأن جمعية البحرين لرعاية مرضى السكلر تقوم بهذا الدور. هذا الموضوع ليس متعلقاً بالأقارب والأباعد، وإنما على الزوجين إن كانا سليمين أو مصابين أو حاملين للمرض، وبشكل عام نحن نحث على التوقف عن هذا الزواج وأن نلتزم بمسئولية الزواج ونتائج الفحص الطبي. كلمة أخيرة بشأن «زواج الأقارب». - من خلال اطلاعي وتجربتي، أفضّل زواج الأباعد على الأقارب. والتأني في حسن الاختيار ووضع أهداف مسبقة وواقعية للحياة الزوجية، وكما نحن ملزمون بالفحص الطبي، وكذلك احتواء المشاكل الأسرية بعيداً عن تدخل الأهل ولا نخجل من الاستشارة الأسرية إن احتجنا لها.