×
محافظة الرياض

لم يصلنا ما يفيد بتمديد المهلة

صورة الخبر

يثير المؤلف مدحت العدل دائماً الجدل من خلال أعماله التي تطرح أفكاراً يهاجمها البعض، بالرغم من رضاء الجمهور بشكل كبير عن تلك الأعمال، والتي كان آخرها مسلسل حارة اليهود، الذي أثار الجدل في مصر وإسرائيل بالرغم من ردود الفعل الإيجابية على العمل، ويلقبه البعض بلقب المؤلف الصدامي بسبب كثرة صدامه بعدد من الفئات التي يهاجمها في أعماله، تحدثنا معه في هذا الحوار حول مسلسله حارة اليهود والكثير من أفكاره، ورده على من ينتقده. * لماذا فكرت في مسلسل حارة اليهود؟ المسلسل يعد عملاً فنياً متكاملاً يخترق التفاصيل الداخلية لحياة اليهود الاجتماعية في مصر، وهو ما لم يتم التطرق إليه في الأعمال الفنية من قبل، فاليهود في مصر لم يرحلوا إلا بعد العدوان الثلاثي، حيث كان وجودهم وقتها محرجاً للسلطة، ورغم أن عدداً قليلاً منهم ظل باقياً إلا أنه كان حذراً في التعامل، وأصبح الكثيرون لا يفرقون بين الكيان الصهيوني والدولة الإسرائيلية، والديانة اليهودية، كما أن العمل يبرز تعايش المصريين معاً باختلاف الديانة والثقافة. * ما رأيك في ردود الأفعال على المسلسل؟ سعيد بها، وأريد التأكيد على أني لم أناقش أيديولوجيات أو قضايا وآراء سياسية بالعمل، وإنما أقدم حدوتة درامية عن مرحلة مهمة في تاريخ مصر كانت تجتمع فيها كل الأديان تحت اسم مصر التي تقبل وتستوعب الآخر من دون النظر لملّة أو دين، وكان المسلم يقبل المسيحي واليهودي ويتعايشون في ود وحب، أما الآن فالمسلم يقتل المسلم ولا يريد تقبل الآخر ولعل الفترة التي حكم فيها الإخوان مصر أكبر دليل. * ماذا عن الانتقادات والهجوم التي يواجهها العمل؟ لا أهتم بالآراء التي تتربص بالمسلسل، فيهمني أن يكون المشاهد العادي مستمتعاً، فأنا كتبت قصة من تأليفي والمسلسل ليس تاريخياً كي يتم إخراج أخطاء تاريخية به. * ما ردك عما قيل من أن المسلسل يقدم مشاهد انحراف؟ هذا غير صحيح ومن يتحدث عن ذلك فهو جاهل، لأن فترة 1948 كانت الانحرافات الأخلاقية مقننة، وكانت الفتوة إحدى سمات هذه المرحلة، وتناولتها سينما نجيب محفوظ في سلسلة أفلام رائعة، كما أني على الجانب الآخر تلقيت ردود فعل من الخارج تؤكد أن المسلسل يقدم صورة مثالية عن مصر وعلاقتها بالأديان الأخرى، وأنه أفضل دعاية مضادة على الافتراءات ضد مصر. * وماذا عن إشادة صحف إسرائيلية بالمسلسل ونقلها تصريحات على لسانك؟ لم أتحدث لأي صحف إسرائيلية، ولكنهم نقلوا تصريحات لي أدليت بها لصحف مصرية، فموقفي واضح من إسرائيل، وأرى أن الحديث إلى صحافتها تطبيع، وأرفض ذلك تماماً. * ما الذي تريد طرحه من خلال المسلسل؟ مدة تاريخية بها أحداث علينا معرفتها وربطها بواقعنا، والعمل مسلسل وطني من الطراز الأول، ويتحدث عن اليهود في مصر ويعرض وقائع حقيقية تاريخية حدثت معهم، كما أن الأحداث تدين الصهيونية والعنصرية الإسرائيلية وتظهر أنها دولة معتدية وغازية. * لماذا تفضل اقتحام عش الدبابير دائماً؟ الكلمة وتوقيتها أمانة، وأنا مقتنع أني يجب أن أقول رأيي الآن، كما أن التعبير عن قناعتي أهم من أي شيء. * هل تحب الدخول الى المناطق الشائكة في أعمالك؟ أنا أعمل ما أؤمن به بصرف النظر عن أي هجوم، وأقدم ما أشعر بأني أريد تقديمه، كما أريد أن أناقش أفكاراً مهمة، وهذا دوري كمبدع. * لماذا يتهمك البعض بأنك صدامي؟ عندما يصل الأمر للتصادم من أجل بلدي وأشعر بأنه يؤخذ منا ويسرق فيجب أن أكون صدامياً، بالرغم من أني لا أحب الصدام. وهناك قصيدة إنتو شعب وإحنا شعب، كانت معبرة عن أننا يحكمنا غير مصريين، فلم يكن الإخوان مصريين ولا شبههم. * لو كتبت مسلسلاً عن مصر الآن فماذا ستكتب فيه؟ أتمنى أن أكتب مسلسلاً عن القناة، وكيف وحدت المصريين، وينتهي المسلسل بعد 100 سنة ومصر تتحول لأجمل بلد وبها مزارع ولا يوجد بها تطرف أو تعصب. * كثيرون لا يعرفون أنك مارست الطب قبل أن الفن. بالفعل مارست الطب 11 سنة، ومعي ماجستير طب أطفال، وغامرت بترك الطب وكنت متزوجاً ومعي أولادي، وكنت وقتها أكتب أغاني وأنا أعمل طبيباً، ولم أترك الطب إلا عندما قدمت فيلم آيس كريم في جليم وحقق نجاحاً، فقررت أن أعمل ما أحبه، فأنا عاشق للكتابة، وقررت الاستمتاع بها بجانب أن تكون مصدر رزق. * ولكن ألم تواجه أي اعتراضات على تلك المغامرة؟ لا أبداً، فلدي أسرة تتسم بالديمقراطية طوال عمرها، وعلمت أولادي ذلك، فابنتي معها ماجستير في القانون الدولي، وقررت بعد ذلك تعلم الرسم، ولم أعترض لأن هذا حقها. * ما المغامرة التي تتمناها؟ التوقف عن كتابة المسلسلات والأغاني، ولا أفعل شيئاً إلا أن أقرأ وأسمع موسيقى وأكتب رواية لا أجد الفرصة لكتابتها منذ 5 سنوات بسبب انشغالاتي، أتمنى كتابة الرواية بخيال غير محدود، وهذا في حد ذاته مغامرة. فكرة الأديان قدم د. مدحت العدل الداعية ثم حارة اليهود وقريباً الراهب، ويتناول من خلالها أفكاراً دينية، ويعقب قائلاً: الأمر ليس له علاقة بالدين كدين، ولكن له علاقة بتفكيري في هذا العمر، وأنا أقترب من الستين، فأنظر للحياة نظرة أكثر تأملاً وفلسفة، وأراجع أفكاري وأفكر فيما كان مُسلّم، وأكثر تلك الأفكار دائماً ما تكون عن علاقة الإنسان بربنا، فحارة اليهود ليس له علاقة بالدين، ولا حتى الراهب، فأتساءل فيه هل الدين يعني أن تختلط بالناس وتقومّهم أم تبتعد عنهم، هل تقاوم أفكارهم أم تسكت، وهل الدين أن تتقوقع داخل نفسك أم تقترب من الناس وتؤمن بهم، فهذه الأفكار جعلتني أكتب الراهب أيضاً وليس الدين المسيحي نفسه ولكن فكرة الانعزال. ويضيف: يكفيني كتابة ما أؤمن به، ولكن لا أقدم على الإهانة، فأنا أحترم كل البشر من كل الأديان، وإذا كان هناك من يريد أن يفهم خطأ فهو حر، أبجل وأحترم كل معتقدات الناس، ولكني أطرح أسئلة للنقاش تليق بناس تفهم ومثقفة، فعندما قرأت التاريخ وجدت أن هناك يهوداً وطنيين بجانب طبعاً الخائنين، ولكن لا يعقل أنه عندما تأتي سيرة اليهود تكون الصورة عن رجل أخنف وبخيل وجاسوس، فهذه ليست الحقيقة، فيجب أن أصحح مفاهيم نفسي وأطرحها أمام الناس، ومن لا يقبل فهو حر في ذلك.