صرح وكيل وزارة الأشغال وشئون البلديات والتخطيط العمراني لشئون المجالس البلدية، نبيل أبوالفتح، بأن «بناءً على إلحاق الوزارة مالياً بوزارة المالية، فإنه تم تجميد حساب صندوق الموارد البلدية المشترك، وفتحت وزارة المالية حساباً بنكياً يتم تحويل الإيرادات البلدية إليه كل 3 أشهر». وقال أبوالفتح لرؤساء المجالس البلدية في الاجتماع التنسيقي بين رؤساء المجالس البلدية وأمانة العاصمة مع وكيل الوزارة، إن «الصرف سيتم من خلال ما سيتم تخصيصه للوزارة من الموازنة العامة للدولة وليس من الإيرادات البلدية»، مفيداً في رده على اعتراض المجالس البلدية وأمانة العاصمة على ربطهم مالياً بوزارة المالية وإدارياً بديوان الخدمة المدنية، بأن «إلحاق الوزارة مالياً بوزارة المالية هو توجه الدولة، والوزارة تعمل في إطار سياسة الدولة العامة، ويتم حالياً العمل على تعديل بعض المواد القانونية ذات العلاقة بقانون البلديات لتتماشى مع الوضع الحالي». ومن جهته، قال رئيس اللجنة المالية والقانونية بمجلس بلدي المحرق، غازي المرباطي، إن ذلك جاء في الاجتماع التنسيقي بين رؤساء المجالس البلدية وأمانة العاصمة مع وكيل وزارة الأشغال وشئون البلديات والتخطيط العمراني لشئون البلديات نبيل أبوالفتح، حيث حضره إلى جانب الوكيل رئيس أمانة العاصمة محمد الخزاعي، ورئيس مجلس بلدي المحرق محمد آل سنان، ورئيس بلدي المنطقة الشمالية محمد بوحمود، ورئيس بلدي المنطقة الجنوبية أحمد الأنصاري، ورئيس قسم شئون المجالس بالوزارة محمود عبدالحميد الشيباني، وذلك يوم الأحد 24 مايو/ أيار 2015 بديوان الوزارة. مخالفة الدستور والقانون وتعليقاً على ما تقدم، صرح المرباطي لـ «الوسط» معتبراً «التوجه الذي تم اتخاذه من قبل وزارة الأشغال وشئون البلديات بتجميد حساب صندوق الموارد البلدية المشتركة هو مخالفة صريحة لنصوص الدستور، وتحديداً في المواد (50، و108، و114)، بالإضافة إلى مخالفة قانون البلديات تحديداً في المواد (34، 35)، حيث أكدت المادة (35) أن: تودع جميع إيرادات البلديات من الرسوم على المحال والأماكن التجارية والصناعية وكذلك إيجارات الأملاك البلدية من المباني في صندوق مشترك ينشأ بهذا الغرض، وتوزع إيراداته بين البلديات بقرار من مجلس الوزراء». وقال المرباطي إن «فيما يتعلق بتصريح أبوالفتح الذي تطرق إلى أن الوزارة ستقوم بتعديل بعض المواد القانونية لتتمشى مع هذا التوجه، فإن ذلك يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن الوزارة قامت بتجميد حساب الصندوق من دون صدور أي قرار أو قانون بهذا الشأن. وهذا يؤكد القرار والتوجهات التي لا تستند إلى أي قانون أو حتى إلى التشاور مع المجالس البلدية وهي المعني بعملية توزيع الإيرادات وبالتنسيق مع رؤسائها. ونحن إذ نستغرب أن تقوم الوزارة بكل هذه المخالفات المتعلقة بالدستور وبقانون البلديات، ولتأتي لاحقاً وتدعي بأنها بصدد تعديل بعض المواد القانونية في صورة تستخف من خلالها بالقوانين والقرارات المعمول بها في الدولة، وإلا هل يحق لوزارة أن تتصرف بهذه الطريقة التي تبعدها عن المسار القانوني أن تقوم بهذا الإجراء؟». وتابع رئيس اللجنة المالية والقانونية: «نحن ندرك بأن هذا العمل هو من صميم السلطة التشريعية التي بصدد إعادة صياغة قانون البلديات نحو المزيد من الصلاحيات ضمن إطار تحويل المجالس البلدية إلى إدارات محلية، وهذا ما أكده المشروع المعروض حالياً ضمن لجنة المرافق العامة بمجلس النواب، والتي أكدت دعمها الكامل لهذا التوجه، حيث أن التحديات تتطلب إعطاء المجالس البلدية المزيد من الصلاحيات لا تكريس مبدأ مركزية القرار التي طالما عانينا منها لعقود، لتأتي الوزارة الآن وتضرب إسفيناً يحول دون تطور العمل البلدية الذي يعتمد بشكل كبير على فلسفة الموارد المالية». تقييد المجالس البلدية وذكر المرباطي: «يبدو أن الوزارة تتجه نحو المزيد من تقييد المجالس البلدية، وهذا التوجه يؤكد أن الصورة أصبحت جلية للجميع، وأن العمل البلدي في تراجع، ونأمل أن يتم إعادة النظر بهذه التوجهات التي نعتقد بأنها غير مبنية على قاعدة الشراكة بين جميع الجهات». واعتبر رئيس اللجنة المالية والقانونية أنه «بهذا التوجه الذي قامت به وزارة المالية بإنشاء حساب جديداً تودع فيه كل 3 أشهر إيرادات البلديات، وأنه سيتم الصرف على البلديات ومشروعاتها والمجالس البلدية وأمانة العاصمة من خلال ما سيتم تخصيصه ضمن الموازنة العامة للدولة وليس من الإيرادات، يأتي متعارضاً مع المرسوم بقانون رقم (39) لسنة 2002 بشأن الموازنة العامة للدولة، والمعدل بقانون رقم (3) لسنة 2007 تحديداً ضمن المادة (10) حيث أكدت الفقرة (أ) على أنه: تنشئ الوزارة الحساب العمومي، وعليها التحقق من التزام الوزارات والجهات الحكومية بما يلي: إيداع جميع الأموال المحصلة من الوزارات والجهات الحكومية في الحساب العمومي ما عدا الأموال المستثناة بموجب القوانين وأموال الكفالات والأمانات المستلمة. حيث أكدت هذه المادة أن وزارة المالية لا تملك حق اتخاذ إجراء من شأنه فتح حساب بنكي تودع به إيرادات البلديات كون حساب صندوق الموارد البلدية المشتركة، هو من الأموال المستثناة بموجب القوانين، وهذا ما أكده نص المادة (114) من الدستور التي جاء في نصها: يضع القانون الأحكام الخاصة بالموازنات العامة المستقلة والملحقة بحساباتها الختامية وتسري في شأنها الأحكام الخاصة بموازنات الدولة وحسابها الختامي. كما يضع أحكام الموازنات والحسابات الختامية الخاصة بالبلديات والمؤسسات العامة المحلية». وزاد المرباطي على ما تقدم: «بالنسبة للنصوص القانونية أعلاه، فإن المشرع لم يغفل الجوانب المتعلقة بالاستقلال المالي والإداري لهذه المؤسسات ومنها الهيئات البلدية، بوضع نصوص قانونية ضمن قانون البلديات تستمد منها الأحكام عند وضع موازنات هذه المؤسسات، حيث أكدت المادة (34) من القانون أنه: يكون لكل بلدية ميزانية مستقلة تخضع لأحكام القانون (1) لسنة 1975 بشأن تحديد السنة المالية وقواعد إعداد الموازنة العامة والرقابة على تنفيذها والحساب الختامي. بالإضافة إلى المادة (35) التي تبين ماهية مصادر إيرادات البلديات والصورة التي يتم تخصيص تلك الإيرادات بها لمصروفات معينة. إلا أن وزارة المالية وبهذا التوجه اعتمدت على قانون الموازنة العامة للدولة الذي في الأساس لا يعتمد حين يتم إعداد الموازنة والحساب الختامي للبلديات، وهذا ما أكدته المادة (58) من قانون الموازنة العامة للدولة بأنه: يلغى القانون رقم (1) لسنة 1975. الأمر الذي لا يستقيم معه الاعتداد بأحكام قانون الموازنة العامة للدولة في حال إعداد مشروع الموازنة العامة للبلديات وحسابها الختامي». وفي المشرب نفسه، استغرب المرباطي من «الصمت المطبق الذي اعترى رؤساء المجالس البلدية إلى جانب أمانة العاصمة رغم تأكيد وكيل الوزارة أن الإجراءات أصلاً اتخذت ودخلت حيز التنفيذ من دون مراعاة للقوانين المعمول بها، أو حتى التشاور مع المجالس البلدية، حيث مضى على الاجتماع الذي صرح خلاله أبوالفتح بما ورد أعلاه أكثر من شهر من دون ردة فعل تذكر من أحد الذين كان متواجداً خلال الاجتماع، ولم يطالعنا للأسف الشديد أي رئيس مجلس بلدي عبر وسائل الإعلام أو دعوة جميع أعضاء المجالس البلدية لاجتماع طارئ للوقوف على هذا التحدي الذي سحب البساط من المجالس البلدية وجردها من اختصاص أصيل أكدته المادة (2) في قانون البلديات التي نصت على أن: يكون للبلدية شخصية اعتبارية تتمتع بالاستقلال المالي والإداري. بالإضافة إلى المادة (4) التي نصت على أن: يتولى السلطات في كل بلدية: (أ) المجلس البلدي ويمارس سلطة إصدار اللوائح والقرارات والأوامر ومراقبة كل ذلك في حدود اختصاصات المجلس البلدي (...). إلا أنه وبصمت رؤساء المجالس جعل للأسف الشديد الوزارة تتمادى في التعدي على صلاحيات واختصاصات المجالس البلدية بل إنها تحاول تأكيد مبدأ المركزية الإدارية في توجه يذكرنا بالهيئة البلدية المركزية حين كان القرار يصدر من المركز حتى جاء ميثاق العمل الوطني الذي تمخض عنه المشروع الإصلاحي لجلالة الملك». تداعيات ربط المجالس البلدية بـ «المالية» وأكد المرباطي أن «الهيئات المستقلة لم تأتي موازناتها مستقلة بشكل اعتباطي، بل هي مرتبطة بمبررات جعلت المشرع يجعلها في صورة الاستقلال المالي والإداري، فالهيئات البلدية ومنذ زمن تعتمد هذه الموازنات المستقلة لمبررات عدة، فلو كان على سبيل المثال أوامر الصرف متاحة للهيئات البلدية كما كان جارياً أو سارياً في الفصول التشريعية السابقة بأن تعتمد أوامر الصرف من المدير العام ورئيس المجلس البلدي، لما تعطلت العديد من المشروعات حالياً كما يحدث في محافظة المحرق، فنحن نعاني الآن من صعوبات جمة في عملية التعاطي مع وزارة المالية بشأن أوامر الصرف، وبدأت تتجلى هذه المشكلات في التأثير المباشر على مستوى ورداءة المزروعات في نطاق المحافظة، بالإضافة إلى الخدمات التي تقدمها البلدية بدأت تتراجع بشكل ملحوظ، فبنظرة بسيطة على مستوى الحدائق والمرافق العامة نلاحظ أن مستوى الصيانة والمتابعة في انحدار شديد، ناهيك أصلاً عن أن الهيئات البلدية تعتمد وبشكل كبير على سرعة تنفيذ أوامر الصرف، وذلك حتى لا تتأخر الخدمات على المواطنين والمنطقة البلدية». وتابع: «نعتقد إذا استمر هذا الوضع سيكون مصير الخدمات البلدية في انحدار وبوتيرة سريعة، وستؤكد الأيام ما ندعيه، فحتى أكياس القمامة لم تعد متوافرة». وختم المرباطي بأن «المجالس البلدية لا تتحمل مسئولية فشل الوزارات المتعاقبة لشئون البلديات، وهذا ما أكدته تقارير ديوان الرقابة المالية والإدارية، بعلامات استفهام حول العديد من المشروعات، ولو كان ديوان الوزارة يعتمد أسلوب التنسيق بين المجالس البلدية أو الهيئات البلدية كمنسق وليس صاحب قرار، حيث إن كانت السياسة تعتمد على أن الوزارة هي صاحبة القرار الآمر والناهي، وكانت تستنزف الملايين من إيرادات الصندوق في الصرف على ديوان الوزارة، بل إن حتى رواتب الموظفين كانوا يتقاضونها من إيرادات الصندوق، والدولة وللأسف الشديد لم تخصص مبالغ ضمن الموازنة العامة للدولة ضمن هذه المصروفات حتى أرهق الصندوق ولم تستطع الوزارة التعاطي مع متطلبات المجالس البلدية بوصفها جهة تنسيقية، ونحن نحمل الوزارة مسئولية الفشل، ولا تتحملها المجالس البلدية».