أوضح الناقد حسين بافقيه أن المثقف هو من ينحاز للمظلومين ويقف معهم، ويسعى لنصرتهم والانحياز للقضايا العادلة، وأن يبصّر الناس بقضاياهم، وأن يقض مضاجع الطامعين، ولا يرضى بأي شيء كان، لافتاً إلى أن المثقف عندما يبتعد عن المشكلات التي تحيطه، يتحول حينها إلى تكنوقراط، مؤكداً أن كل إنسان بإمكانه أن يكون مثقفاً متى ما تفاعل مع الأحداث من حوله. ويرى أن الجمهور هو من ينتقد المثقف ويحاسبه. جاء ذلك خلال الأمسية التي نظمها «بيت باعشن» في جدة التاريخية أخيرا، وأدارها ثامر شاكر. وتطرق بافقيه في الأمسية إلى عدد من المواضيع المتعلقة بالثقافة والنقد، وأوضح أن كلمة مثقف وفي المفهوم الحديث تعتبر جديدة بالنسبة للغة والثقافة العربيتين، مشيراً إلى أن وجود المثقف ارتبط بمناصرة المظلومين، والوقوف مع الحق والعدالة. وكشف الناقد حسين بافقيه أنه قصيبي الهوى، بعدما كان مولعاً بالشاعر أحمد قنديل، وقال: «لولا الشاعر أحمد قنديل وحضوره القوي والمميز، وأشعاره التي كانت تُنشر عبر صحيفة «عكاظ» آنذاك، ما عرفت طريقي للأدب، حتى توهمت حينها أنني سأصبح شاعراً، وتغير هذا التوهم واستهواني النقد بعد دخولي الجامعة، لشعور داخلي بإمكان أن أضيف شيئاً جديداً للنقد». وفي ما يتعلق بتمسكه بأفكار معينة، أوضح أنه تحمس لأفكار وكره غيرها، ثم أدمن قراءة كتّاب بعينهم ثم انصرف عنهم، مبيناً أن اختيار شخصيات دون أخرى منبعها موقف نقدي أو اجتماعي أو سياسي. وتطرق حسين بافقيه إلى أدباء ومثقفين كانوا عرضة للتهميش والغياب، لم ينالوا الاهتمام الذي يستحقونه، عازياً السبب إلى عدم شهرة المكان الذي برزوا منه، واستدل بالراحل محمد العيد الخطراوي. وعبر عن إعجابه بالكتاب الشباب، قائلا: «الكُتاب الشباب لديهم أفكار تختلف عن الأدبيات التقليدية لمن كان قبلهم، واستفادوا من فكرة التواصل ما بين الأنواع الأدبية والتواصل ما بين الإعلام الإلكتروني والكتابة الجديدة، وقدموا رؤى مختلفة»، مضيفاً: «ربما لم يصل النقد الأدبي والثقافة اليوم إلى فهم هذه الظاهرة الكتابية الجديدة، التي تنقل إلى القارئ جملة من المعايير والأنواع الأدبية المختلفة». وأكد انحيازه الشديد لهم، منتقداً ما يمارس عليهم من طبقية، داعياً وزارة الثقافة والإعلام والتي تتمثل في الأندية الأدبية إلى عقد دورات تُعنى بأصول التأليف والكتابة، تسهم في تنمية مواهبهم ومساعدتهم والوقوف معهم. وفي ما يخص الكتابة، يؤكد بافقيه على الكتابة الصحيحة الخالية من الأخطاء الإملائية والنحوية، داعياً إلى احترام اللغة، واصفاً نفسه بحنبلي اللغة، مبدياً أسفه أن كثيراً من الكتاب يستهزئون بالكتابة الإملائية ولا يهتمون بها، مشدداً على عدم قبوله بكتابة من هذا النوع. ويرى أن الجوائز الأدبية عالم مليء بالتناقضات، خصوصاً إذا انحازت إلى توجه معيّن، وما يسببه هذه الانحياز من إقصاء ثقافي للمجالات الثقافية الأخرى، مؤكداً على عدم وجود جائزة بريئة. وكان للناقد بافقيه رأيه حول الرواية العامية، وأنها فقط مختزلة لفئة عامة من القراء، مشيراً إلى اختلاف اللهجة العامية من منطقة إلى أخرى. وختم أمسيته قائلاً إن الوسط الثقافي يعاني من كثرة الروائيين، وأن الغث يغلب على السمين منها، مستشهداً بقول الدكتور عبدالله الغذامي عن تسونامي الرواية في ثقافتنا، مشيداً بالأديب الراحل غازي القصيبي «ورفعه لبرقع الحياء عن المسكوت عنه في ثقافتنا»