عند المجتمع الأوروبي والأميركي، من المعيب أن تجد طبيبا لم يقدم سنة من عمره مجانا في مكان ما على هذه الأرض. منظمة الصحة العالمية تقول إن من بين كل عشرة أطباء أميركيين، أربعة يمارسون مهاما إنسانية مجانا. في مجال التعليم هناك النسب المتقاربة نفسها، لذلك، فإن النظام الأخلاقي الذي يحكم هؤلاء هو ذات النظام الأخلاقي الذي يجعل الغالبية العظمى من المستثمرين لا يفكرون في سوق الأسهم على أنه منتجع لـ"المضاربة" كما نفعل نحن السعوديين. وهو ما حدث حقيقة لحظة دخول المستثمرين الأجانب الذين اشترطنا عليهم للدخول إلى "جنتنا" أن يكون رأسمالهم لا يقل عن 19 مليار ريال. عموما، كي نفهم سيكولوجية المستثمرين الأجانب، علينا أولا أن ننظر بعمق إلى المسألة الثقافية: مثلا، احترامهم للوقت، واحترامنا له، الموظف الحكومي وفاعليته في الأداء دون فساد، صناعاتهم، استثماراتهم، وأفكارهم، كلها أموال تعتمد على الاستثمار الحقيقي الذي يراعي الإنتاج، والأرباح، والمغامرة، ولا يهتم إطلاقا بالمضاربة، لأنها أموال سهلة، مخاطرة غير مبررة ولا يوجد فيها إنتاج. فكرة الرأسمال لديهم هي أنهم يعملون، يستمتعون ويربحون، ولا يوجد ما هو متعة في المضاربة التي تؤدي إلى إفقار الغير مقابل ثرائي. هناك الكثير من الأخلاقيات رغم أنها متأصلة في ديننا ونحن المشرعون لها، إلا أنها تصل متأخرة إلينا، مثل دور الأثرياء تجاه المجتمع. بالنسبة إلينا الفكرة كلاسيكية، تمنح زكاتك أو جزءا من صدقة مخفية، ولكن في الخارج، لا يمنحون السمك إنما يعلمون الفقراء الصيد. أعتقد أن كل شيء على هذه الأرض هو عبارة عن نظام أخلاقي، يخرج المجتمع على شكل قوالب أخلاقية على شكل: طبيب، معلم، مستثمر، عالم، طالب، موظف حكومي، رجال أعمال. ولكي نطور سوق المال، أو القطاع الطبي، أو التعليمي، فكل ما علينا إعادة النظر في إطارنا الأخلاقي. نقلا عن الوطن