الشباب هم الأكثرية في السعودية، لكنهم غير موجودين في خطاب الإعلام. ما زال الإعلام السعودي يخاطب كبار السن، ويديره كهول. صحيح أن وزير الإعلام، عادل الطريفي، ينتمي إلى جيل الشباب، فضلاً عن وصول عدد منهم إلى مراكز قيادية في قنوات بارزة، وصحف مرموقة، لكن هذا ليس كافياً. لا بد أن تتساوى نسبة الشباب في قيادة الإعلام مع نسبتهم في تعداد السكان. الإعلام التقليدي يمكن أن ينافس الإعلام الجديد، إذا تغيَّر مضمونه، وأصبح شاباً يلبّي رغبات الأكثرية من الجمهور، لذلك فإن انصراف الشباب عن متابعة الصحف المحلية وقنوات التلفزيون الرسمية، سببه غيابهم عن قيادتها، وضعف تأثيرهم في تحديد مضمونها وتوجهاتها. ومَنْ يتابع بعض الإذاعات السعودية الخاصة، سيجد أن شعبيتها في تزايد، بسبب اهتمامها ببرامج الشباب وقضاياهم، وإعطائهم فرصة في إدارتها. الصحف في السعودية ليست ملكية عامة، لكن ظل وزارة الإعلام عليها تسبَّب لسنوات، ولا يزال، في أخذ كل ما ينشر في الصحف السعودية على أنه تعبير عن رأي الحكومة، وهذا غير دقيق في التفاصيل، وغير صحيح بالمجمل. ولكن طالما أن وزارة الإعلام تمارس هذا الدور، فإنها مطالبة بالانحياز إلى الشباب، ودفع الصحف إلى اختيار شباب لقيادتها، وتقريب مضمونها إلى اهتمامات الأكثرية من السعوديين وهم فئة الشباب، فضلاً عن إعطاء المرأة دوراً في قيادة وسائل الإعلام، وإتاحة المجال لها في إدارة القنوات التلفزيونية والإذاعات والصحف الإلكترونية والورقية. المتابع لوسائل الإعلام الجماهيرية السعودية، سيجد أن معظمها ينتمي إلى قارئ غير موجود، وإلى زمان مضى، وهذا طبيعي في ظل هيمنة الكهول على تحريرها، وتجاهُل تبدُّل نوعية الجمهور، وتغيُّر اهتماماته، فضلاً عن عدم الاهتمام بدرس ميول الناس ورغباتهم. لذلك، فإن ابتعاد غالبية المواطنين السعوديين من وسائل الإعلام المحلية والرسمية، أصبح مشكلة نتجت منها مشاكل أخرى، أكثر خطورة وتعقيداً. لعلّ وزير الإعلام السعودي عادل الطريفي، يولي هذه القضية ما تستحق من الاهتمام، ويفتح أبواب الإعلام بكل وسائله أمام الشباب، ويمكّنهم من إحداث التغيير الذي ينسجم مع تطلّعات غالبية الجمهور والبلد. لا شك في أن اهتمام المواطنين السعوديين بوسائل الإعلام المحلية يتراجع، وهذا ناتج من غياب مَنْ يمثّل رؤية غالبية الجمهور وذوقها في هذه الوسائل. الأكيد أن المستقبل لمصلحة وسائل الإعلام وتنامي تأثيرها وتطوّرها، لكن الشباب هم صنّاع المستقبل.