تعذر على عدد من المختصين في مجال التأمين في السعودية توقع الوجهة التي سيكون عليها القطاع خلال العام المقبل، وذلك لعدم صدور النتائج النهائية للشركات، التي تعمل حالياً على إعداد القوائم النهائية الخاصة بها، إضافة لانشغال كبار المسؤولين في القطاع بحضور مؤتمر دولي مهم في مجال التأمين هذه الأيام. من جانبه قال أدهم عمر جاد الخبير في مجال التأمين إنه على الرغم من تأخر صدور النتائج المالية لشركات التأمين إلا أن غالبية الشركات تناقش تثبيت أوضاع الشركات المالية خصوصاً بعد الخسائر التي ابتليت بها شركات التأمين على الأفراد، أما الشركات التي من المتوقع أن تسجل أرباحاً في نهاية العام، أوضح جاد أن الشركات التي تعمل في مجال تأمين الأفراد والجماعات مختلطة، هي من ستسجل أرباحاً، مشيراً إلى أن الانعكاس السعري لسوق الأسهم قد أسهم في ربح تلك الشركات. وبين أن أحد أهم الأسباب الرئيسة لتحديد الشركات الرابحة يتعلق بإدارة الشركات، ومجلس إداراتها، فجهلهم بالتأمين وصناعة التأمين أدى بهم لكثير من الأخطاء وخسارة الشركات. وحول الموعد المرتقب لصدور تلك النتائج، قال جاد إن بعضا من الجهات الرقابية على شركات التأمين تعاني من عدم التزام الشركات بإصدار النتائج المجدولة، وهي في حد ذاتها مشكلة كبيرة تواجه القطاع، مرجعاً ذلك لضعف مجالس الإدارة في تلك الشركات، وضعف تأهيل ملاكها أو وكلائها في الإدارة، لذا كان من الطبيعي عدم الالتزام وخسائر تلك الشركات. وتوقع جاد أن تشهد أسعار التأمين تغييرات بالزيادة على نسب متفاوتة خصوصاً على التأمين الجماعي، وذلك بسبب استمرار الخسائر لسوء الإدارات فيها، فيما ستظل سوق التأمين الفردي منتعشة لزيادة المنافسة بين الشركات وزيادة الإقبال على التأمين الطبي، بتوقع زيادة في الإقبال عليه بنسبة تراوح ما بين 5 إلى 10 في المائة، أما فيما يخص تأمين السيارات، توقع جاد أن ينخفض سعر التأمين مع زيادة في أعداد السيارات المؤمن عليها خصوصا مع قرارات الدولة الأخيرة بتصحيح أوضاع العمالة المخالفة، مما سيؤدي لانخفاض عدد السيارات المؤمن عليها. أما أنواع التأمين الأخرى مثل التأمين على الممتلكات والتأمينات الجماعية، فإنها سترتبط مع حجم المشاريع والإنشاءات. وحول أثر تلك الحملات التصحيحية على قطاع التأمين، أكد جاد أنه إلى الآن لم تظهر نتائج تلك الحملات، إلا أنه من المتوقع أن تظهر النتائج بعد ستة أشهر من انطلاق تلك الحملات. وشدد جاد على أنه لا أثر يذكر على القطاع بسبب الحملات التصحيحية التي تشهدها المملكة، إلا أن الخلل يكمن في السعوديين الذين يقيمون بإدارة تلك الشركات بلا علم أو دراية في قطاع يبلغ 70 مليار ريال. وبين جاد أن ضعف سوق التأمين في المملكة يعود لسيطرة ست شركات على نسبة 70 في المائة من حجم السوق فيما تعتبر باقي الشركات صغيرة الحجم ومتواضعة الأداء، وإداراتها أقل من متواضعة. مشيرا إلى أن الحل لتصحيح الوضع هو تكاتف جميع الجهات ذات العلاقة من مؤسسة النقد ومجلس الضمان الصحي وهيئة سوق المال لتوظيف أعضاء مجلس إدارة الشركات ووضع حد أدنى في مجال التأمين وليس في المجال المالي، وتوظيف من لديه الكفاءة والخبرة اللازمة. وبين جاد أن التأهيل والتعليم في مجال التأمين يلقى عزوفا كبيرا من السعوديين، إذ لا يقبل على الدراسة عن بعد بالتعاون مع مجلسي التأمين البريطاني والأمريكي سوى 10 في المائة فقط من السعوديين، فيما يقبل عليها 90 في المائة من الأجانب الذين يقبلون على أداء الاختبارات من أجل الحصول على الشهادة، بينما السعودي ليس لديه الخبرة أو الدراية بأهمية الشهادات، ولا يحرص على التعليم، إضافة إلى أنه ليس لديه الخبرة في مجال العمل أو التحصيل الدراسي، فبالتالي يعتبرونه مجرد عمل يؤدونه دون الإخلاص فيه. إلى ذلك، توقع فهد الصبان، أحد العاملين في قطاع التأمين، أن تشهد السوق مطلع العام القادم مزيداً من الزيادة في الأسعار، وذلك نتيجة قرارات وزارة العمل وقوانين مؤسسة النقد الصارمة، محملاً تضخم أسعار السلع التي شهدتها المملكة خلال الفترة الماضية بعد قرار الـ 2400 ريال أسباب زيادة أسعار التأمين في المملكة. وأضاف: إن الزيادة في الأسعار والخدمات بمعدلات تعدت أكثر من الزيادات السنوية التي يتحصل عليها المواطن العادي أسهمت في زيادة أسعار التأمين، خصوصاً أن قرارات وزارة العمل التي لم تقم على دراسة للوضع العام للسوق وانعكاسات تلك القرارات على أسعار شركات أدت لتنامي الطبقة الكادحة، وعدم تأثر الطبقة الغنية والتجار، حيث زادت الطبقة الكادحة بالاتساع نتيجة التضخم الحاصل. وأضاف: وكنتيجة حتمية لذلك التضخم والزيادة في أسعار السلع والخدمات، رفعت شركات التامين تكلفتها، لأنها تدفع قيمة تلك الخدمات والسلع كقطع غيار السيارات، والأدوية والخدمات والاختبارات الطبية، فلم يعد أمام شركات التأمين خيار سوى رفع الأسعار أو التوجه للاندماجات. وتطرق الصبان لمشكلة غياب الكوادر المتخصصة في القطاع التي أدت إلى عشوائية قرارات شركات التأمين مما أفقدها القدرة على الوفاء بالتزاماتها تجاه المستفيدين من خدماتها، نتيجة للخسائر الفادحة التي تتكبدها، ما يترتب عليه عدم قدرتها على سداد المطالبات في الوقت المناسب. وهو خطر سعت مؤسسة النقد العربي السعودي إلى حماية شركات التأمين منه؛ بمراقبتها الدائمة للالتزام بتطبيق مفهوم السعر العادل خاصة لقطاعي التأمين على المركبات والتأمين الطبي، اللذين يعدان أكبر قطاعات تأمين في المملكة، إذ وصلت تلك الخسائر إلى أكثر من 50 في المائة.