ضربت الأرجنتين موعدا مع تشيلي، الدولة المضيفة في المباراة النهائية لبطولة كأس الأمم الأميركية الجنوبية (كوبا أميركا)، وذلك بعد فوزها الكاسح على باراغواي 6 - 1 أمس في مدينة كونسيبسيون. وسجل ماركوس روخو في الدقيقة (15) وخافيير باستوري (27) وأنخل دي ماريا (47 و53) وسيرخيو أغويرو (80) وغونزالو هيغواين (83) أهداف الأرجنتين، بينما أحرز لوكاس باريوسفي الدقيقة 43 هدف باراغواي. وبعد عام واحد على خسارتها نهائي مونديال 2014 بنتيجة صفر - 1 أمام ألمانيا تخوض الأرجنتين مباراة نهائية أخرى حيث ستحاول السبت المقبل وضع حد لفترة 22 عاما من الصيام عن الألقاب. وتخوض الأرجنتين هذا النهائي أمام تشيلي التي لم يسبق لها الفوز بلقب البطولة التي أبصرت النور عام 1916 والتي ستلعبها أمام دعم محلي مكون من 45 ألف متفرج. وأعرب مدرب المنتخب الأرجنتيني خيراردو مارتينو عن سعادته بوصول بلاده إلى نهائي آخر بعد مونديال البرازيل وقال: «نحن سعداء لأن هؤلاء الشبان سيوجدون في نهائي آخر لبطولة مهمة في أقل من عام. إنها ليست كأس العالم لكنها مهمة جدا. يجب علينا أن نعمل بجهد كبير للفوز بمباراتنا ضد تشيلي في النهائي، لعبنا مباراة جيدة أمام باراغواي وكنا حاسمين جدا». ورأى مارتينو بأن نجم الأرجنتين وقائده ليونيل ميسي ليس بحاجة للتسجيل من أجل أن يكون سعيدا. وخاض ميسي اللقاء في عمق وسط الملعب عوضا عن اللعب مباشرة خلف المهاجم وكان له دور في خمسة من الأهداف الستة ومرر ثلاث كرات حاسمة لكنه لم يسجل أيا من الأهداف. وقال مارتينو: «إذا مرر ميسي الكرات التي تنتهي في الشباك فليس هناك أي مشكلة.. ما يهم هو أنه استجاب إلى ما تتطلبه المباراة. لا يبدو قلقا بالنسبة لي، إنه سعيد وليس هناك أي مشكلات». وواصل مارتينو: «لا يحتاج ميسي أن يكون هداف الفريق ليشعر بالسعادة». وقال ميسي بعد مباراة قبل النهائي: «حقا لا أنزعج حين لا أسجل. أتمنى أن يأتي هدفي في المباراة النهائية والمهم أن يصل المنتخب إلى أعلى نقطة ممكنة دون الانشغال بمن أحرز الأهداف». ويسعى ميسي للفوز بلقب كوبا أميركا ليكون ختاما رائعا لموسم توج خلاله مع برشلونة بالثلاثية المكونة من دوري أبطال أوروبا بجانب الدوري والكأس المحليين. وتأتي إنجازات ميسي بعد خيبة أمل موسم 2013 - 2014 حين أخفق برشلونة في التتويج بأي لقب كبير وخسرت الأرجنتين نهائي كأس العالم 2014 بالبرازيل أمام ألمانيا 1 - صفر. وتابع ميسي: «الفوز بكوبا أميركا سيكون ختاما رائعا.. أعتقد أننا بلغنا النهائي في حالة جيدة لكننا سنواجه منافسا يضم لاعبين جيدين للغاية على المستوى الفردي». وأضاف: «سيحاول المنتخبان تقديم مباراة ممتعة وسط رغبة من كل فريق بعدم ترك الاستحواذ على الكرة لمنافسه». ودخلت الأرجنتين إلى مباراتها مع باراغواي التي أجبرت منتخب التانغو على الاكتفاء بالتعادل (2 - 2) في الدور الأول ثم أطاحت بالبرازيل من الدور ربع النهائي بالفوز عليها بركلات الترجيح، وهي لم تسجل سوى أربعة أهداف فقط في مبارياته الأربع السابقة لكنها كشرت عن أنيابها في الوقت الحاسم وحسمت مواجهة دور الأربعة بفوز كاسح حملها إلى النهائي السابع والعشرين في تاريخها المتوج بـ14 لقبا حتى الآن. من جهته، أكد النجم دي ماريا الذي سجل هدفين من السداسية إن منتخب بلاده يحتاج الآن إلى التتويج بلقب كبير وقال: «إننا نؤدي عملنا بشكل رائع، ونحتاج إلى التتويج بلقب ونستحق ذلك». وأشار إلى أن المنتخب شعر بصدمة عندما وصل إلى نهائي كأس العالم 2014 بالبرازيل ثم خسر أمام المنتخب الألماني صفر / 1 في ريو دي جانيرو. وقال دي ماريا، الذي يتطلع للتتويج مع الأرجنتين باللقب الذي طال انتظاره: «إننا نؤدي بشكل جيد للغاية، إنه النهائي الثاني على التوالي وهذا استحقاق مهم للغاية». على الجانب الآخر، أعرب الأرجنتيني رامون دياز المدير الفني لمنتخب باراغواي عن فخره بفريقه رغم الهزيمة الثقيلة التي تلقاها أمام نظيره الأرجنتيني وقال: «إنني فخور بالفريق بعد الجهود التي قدمها لتغيير الأوضاع في كثير من المناسبات، وجودنا ضمن أفضل أربعة منتخبات في البطولة يجعلني فخورا»، وذلك في إشارة إلى أزمة فشل الفريق في التأهل لنهائيات كأس العالم 2014. واعترف دياز بأفضلية المنتخب الأرجنتيني في المباراة قائلا: «لقد كانوا أفضل منا بكثير في كل النواحي.. اللعب أمام أفضل الفرق يمنحك الأدوات اللازمة للتطور في المستقبل». ولكنه تحدث عن معاناة منتخب باراغواي من الإجهاد البدني وتأثره بالإصابات بقوله: «واجهنا الكثير من الصعوبات، ولكننا سنحاول التعافي من أجل مباراة المركز الثالث أمام منتخب بيرو». وألقى المهاجم الباراغوياني لوكاس باريوس صاحب هدف فريقه الوحيد باللوم في الهزيمة المهينة على الإجهاد البدني، وقال عقب المباراة: «لا أحد يحب أن يخسر 1 / 6، ولكن علينا تقبل الواقع.. المنتخب الأرجنتيني لعب مباراة رائعة بينما نحن عانينا من الإجهاد البدني». وستكون المواجهة بين الأرجنتين وتشيلي الأولى بينهما في البطولة القارية منذ الدور الأول لنسخة 1997 حين فازت الأولى 2 - صفر، فيما تعود آخر أهم مباراة بينهما على صعيد البطولة إلى عام 1991 عندما تأهلا معا إلى الدور النهائي (دور المجموعات حينها) وتوجت الأرجنتين باللقب بعد أن تصدرت أمام البرازيل، فيما حلت تشيلي التي خسرت مباراتها مع منافستها المقبلة صفر - 2، في المركز الثالث أمام كولومبيا. ولم يكتف مارتينو بالإشادة بدور ميسي في مباراة باراغواي، بل تحدث عن الدور الذي لعبه أيضا خافيير باستوري الذي سجل هدفا وساهم في بعض الأهداف الأخرى، قائلا: «لقد لعب مباراة رائعة. كان يعرف كيف يقوم بدوره في وسط الملعب، لقد أظهر مهارات جيدة ووجد المساحات من أجل مهاجمة مرمى المنافس، وهذا أمر دائما ما أتحدث إليه بشأنه». وعن الموقعة المرتقبة في سانتياغو، قال مارتينو: «نحن سنواجه فريق تشيلي الذي يلعب بطريقة جيدة جدا. يملكون لاعبين جيدين وهم يمرون في مرحلة تصاعدية منذ ثلاثة أعوام. بعض الأفكار لا تتغير وتشيلي لن تتغير ضدنا. سيضغطون علينا عندما يتمكنون من مهاجمتنا وسيقومون بعملهم كأنهم يواجهون أي فريق آخر». وستكون الأرجنتين موجودة على منصة التتويج بغض النظر عن هوية المنتخب الذي سيتوج باللقب وذلك لأن الأرجنتيني خورخي سامباولي يشرف على المنتخب التشيلي. ووجود أربعة مدربين أرجنتينيين في الدور نصف النهائي من النسخة الرابعة والأربعين، وتمكن سامباولي من التفوق على مواطنه ريكاردو غاريسا مدرب منتخب بيرو (2 - 1)، ومارتينو على رامون دياز الذي يشرف على باراغواي. والحضور التدريبي الأرجنتيني كان لافتًا في تشيلي 2015 بوجود ستة مدربين من أصل 12، مما أنتج في نهاية المطاف عن وجود أربعة منهم في المربع الذهبي. وستكون المباراة النهائية بين مدربين يعتمدان أسلوبا مشابها وهو الأسلوب الهجومي المثير المتأثر بمدرسة مارسيلو بيلسا. ومن المؤكد أن سامباولي الذي تسلم مهامه مع المنتخب التشيلي في ديسمبر (كانون الأول) 2012، يخوض أهم اختبار له كونه يوجد على رأس الإدارة الفنية للمنتخب المضيف الذي يحلم برفع الكأس الغالية للمرة الأولى في تاريخه. ورغم الضغط الذي يعيشه، تمكن سامباولي من كسب مودة الجمهور من خلال قيادة الفريق إلى الفوز بأربع من مبارياته الخمس حتى الآن وإلى تسجيل 13 هدفًا. وحول ذلك علق مارتينو مدرب الأرجنتين بالقول: إنها تشيلي ماكينة هجومية. إنها تهاجم وتهاجم وتهاجم»، ومعربا عن إعجابه بأسلوب اللعب الذي يطبقه مواطنه سامباولي مع البلد المضيف. ومن البديهي أن يعرب مارتينو عن إعجابه بسامباولي، فهما من المدرسة ذاتها، من مدرسة بيلسا الذي كان يعير اهتمامه للعرض أكثر من النتيجة. وكما الحال بالنسبة لبيلسا، فسامباولي ومارتينو من مدينة روزاريو، حيث الأغلبية العظمى من متابعي كرة القدم تشجع نيولز أولد بويز، الفريق الذي دافع عن ألوانه بيلسا ثم خاض أولى تجاربه التدريبية التي قادته إلى إحراز لقب الدوري المحلي مرتين عامي 1991 و1992. وبوجود النجمين الكبيرين ليونيل ميسي وأنخيل دي ماريا المولودين في روزاريو أيضا، يملك مارتينو كل ما يحتاجه من أجل الفوز باللقب الذي أفلت من معلمه بيلسا مرتين مع نجوم التانغو عام 1999 (خرج من ربع النهائي) و2004 (حل وصيفا). وستكون المواجهة مميزة أيضا على صعيد اللاعبين إذ يتواجه ميسي وخافيير ماسكيرانو مع زميلهما الحالي في برشلونة الإسباني الحارس كلاوديو برافو والسابق أليكسيس سانشيز الذي يدافع حاليا عن ألوان آرسنال الإنجليزي، كما سيسعى نجم تشيلي ارتورو فيدال إلى الثأر من ميسي وماسكيرانو اللذين قادا فريقهما إلى الفوز على يوفنتوس الإيطالي (3 - 1) في نهائي دوري أبطال أوروبا للموسم المنصرم. كما سيتواجه مهاجم تشيلي إدواردو فارغاس، بطل لقاء نصف النهائي ضد بيرو ومتصدر ترتيب الهدافين، مع زميله في نابولي الإيطالي غونزالو هيغواين. لكن ماسكيرانو طالب جماهير بلاده بالهدوء قبل المباراة النهائية قائلا: «إنها ليست حربا، دعونا نخوض مباراة نهائية، الرياضة شيء صحي ويجب أن نشكل قدوة للأطفال. نحن دولتان صديقتان». وكانت صافرات استهجان قد تعالت من جانب مشجعي تشيلي خلال السلام الوطني للأرجنتين قبل مباراة باراغواي، وهو ما يشير إلى مناخ من العداء بين الجانبين. وكانت الدولتان المتجاورتان على وشك الدخول في حرب مع بعضهما بعضا في 1978 في صراع فرض السيادة على قناة بيجل المائية، ولكن تدخل البابا يوحنا بولس الثاني حينذاك حال دون تصاعد التوتر على الحدود. وقال ماسكيرانو بشأن الترشيحات المتعلقة بالمباراة النهائية: «هناك مرشح واضح للفوز في النهائي.. فمن سيلعب بشكل أفضل سيفوز».