لم يكن أمين سر منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عبد ربه الشخص الوحيد الذي يقصيه الرئيس محمود عباسمن محيطه، بل سبقته سلسلة عمليات فصل لشخصيات ظلت توصف بالمتنفذة في هرم القيادة "رغم صغر قواعدها الشعبية". فقد أغلقت السلطة الفلسطينية قبل نحو أسبوع مؤسسة "فلسطين الغد" التي يديرها رئيس الوزراء السابق سلام فياض وتم الحجز على أموالها "بناء على معلومات حول إدارتها بالمال السياسي" حسب مصادر أمنية. وإضافة إلى القيادي المفصول من اللجنة المركزية لحركة التحرير الوطني (فتح)محمد دحلان أقصى الرئيس الفلسطيني من قيادات السلطة بشكل مباشر وغير مباشر رجل الاقتصاد محمد رشيد ورجل الأمن رشيد أبو شباك، فيما حول القيادي المتنفذ أمنيا جبريل الرجوب إلى قطاع الرياضة. وفي تصريحات لوكالة وطن المحلية علق عبد ربه على قرار إعفائه، مؤكدا صراع النفوذ بقوله إن بعض المتنفذين ينتظرون شغل منصبه لاحقا، وذكر منهم عضوي اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير صائب عريقات وأحمد مجدلاني. فيما يرى محللون أن المعركة تدور أساسا بين عباس وغريمه محمد دحلان، لكن انعكاساتها طالت شخصيات رفيعة يعتقد أنها على علاقة به ليس آخرها عبد ربه. قاسم:وجود الاحتلال هو ما يمنع الاقتتال الفلسطيني نتيجة ظلم السلطة(الجزيرة نت) الاستئثار بالسلطة ويتفق سياسيون ومحللون على أن ما يجري دافعه الاستئثار بالسلطة، فضلا عن أزمة ثقة في محيط الرئيس الفلسطيني سببها أناس يشون بآخرين لأتفه الأسباب. ويصف المفكر الفلسطيني عبد الستار قاسم ما يجري بأنه "استئثار بالسلطة بسبب ما تدره من منافع" بدل أن تتشكل القيادة الفلسطينية وفق إفرازات وإرادة الشعب الفلسطيني الحرة "وهو ما تعرقله الأسماء اللامعة". ويرى قاسم في "خنوع الآخرين وضعف امتدادهم الشعبي رغم وجود بعض المجموعات المسلحة مصدر قوة للرئيس يمكنه من اتخاذ قراراته". ومع ذلك، قال إن أكبر عامل يشجع على الظلم والاستبداد هو غياب الشعب الفلسطيني عن الساحة، وفق قاسم الذي اعتبر أن وجود الاحتلال فقط هو ما يمنع الاقتتال الفلسطيني كنتيجة لظلم السلطة الفلسطينية. ويرى أن عباس يفرض نفسه على الشعب الفلسطيني لأن مدة ولايته انتهت عام 2009، كما انتهت ولاية المجلس التشريعي، داعيا لانتخابات جديدة. وهنا يستغرب قاسم غياب الشارع الفلسطيني وسكوته رغم معايشته الاقتتال والفساد والسرقة ونهب الأموال، لكنه يجد فيما سماها سياسات الإنهاك والقضاء على الروح الوطنية منذ عام 1993 تفسيرا لذلك. أما أستاذ القضية الفلسطينية في جامعة القدس المفتوحة أسعد العويوي فيربط بين خلاف دحلان وعباس وتنحية عبد ربه الذي لا يستبعد أن تكون له خيوط مع الأول. ويجزم العويوي أن كل ما يدور حول الرئيس من تغيرات وعدم ثقة وخلافات جوهرها من يكون الشخص الذي يخلفه؟ موضحا أن عباس يعمل بكل جهده على ألا يكون الرجل القوي بعده محمد دحلان. خريشة: يوجدأشخاص يسوّقون للرئيس أن المحيطين به أعداء له (الجزيرة نت) مؤتمر جديد أما عن الحل الأمثل للأزمة فيرى العويوي أنه يتمثل في عقد مؤتمر جديد لحركة فتح واختيار قيادة شابة بعيدا عن التعيينات وفرض الأشخاص والقيادات، الأمر الذي من شأنه تدمير الشعب الفلسطيني ومستقبل الحركة الوطنية. أما حسن خريشة النائب الثاني لرئيس المجلس التشريعي الفلسطيني فيرد ما يجري إلى "عدم اتزان اتخاذ القرار"، مرجحا وجود جهة أو أشخاص يسوّقون للرئيس بأن كل هؤلاء أعداء له دون التأكد من حقيقة الوضع. وأضاف أنه من غير المعقول أن يتحول شخص مثل سلام فياض من مقرب إلى ملاحق تغلقمؤسسته وتصادر أموالها، ويجري "حديث عن استبدال رامي الحمد الله بعد أن كان من أحسن الناس". وتحدث المسؤول الفلسطيني عن حالة "تخبط وأزمة وثقة بين الرئيس ومحيطه ومن معه" أدت إلى الإطاحة سابقا بقياديين مثل جبريل الرجوب وتوفيق الطيراوي، مضيفا أن "كل شخص يصبح ذا نفوذ ويمكن أن يخلف الرئيس تتم الإطاحة به". وأضاف أن هناك صراعا على سلطة وهمية ومن سيكون الأقرب لكرسي الرئيس، متجاهلين حقيقة أن صندوق الاقتراع هو الذي يجب أن يحدد القائد وليس استخدام النفوذ والمال والعلاقات الإقليمية والعربية وحتى الإسرائيلية، حسب تعبيره. ويرى خريشة في منصب الرئاسة مصدر قوة لعباس يمكنه من الإطاحة بعدد من الشخصيات الرفيعة، موضحا أن "أي رئيس مهما كان ضعيفا يكون في منصبه قويا، فضلا عن قبوله إقليميا وأميركيا وإسرائيليا".