×
محافظة مكة المكرمة

إطلاق 39 سجيناً شملهم العفو الملكي خلال شهر رمضان بالطائف

صورة الخبر

فيما تعجّ المنطقة العربية بمتواليات الأحداث والحوادث المثيرة للحيرة والألم والاشمئزاز، فإن المجالس الاجتماعية والمنتديات الإعلامية والثقافية تنشغل كلّها بسؤال واحد: من المسؤول عما نحن فيه وما آلت إليه أمورنا وأحوالنا إلى هذا السوء البالغ فوق ما تعوّدناه؟! السؤال واحد، إذ مهما تغيرت صياغته ومفرداته، فإن كل أحد قادر على إعادته في أي موقع يُفتح فيه هذا النقاش، أما الجواب فمتعدّد متنوّع متفرّع الى درجة يصعب على أيٍّ كان أن يوجزه لمنتظري الجواب! سألتقط لكم في ما يلي مما يدور في المجالس والمنتديات، بعض الأجوبة العديدة عن السؤال الوحيد: المسؤول عما نحن فيه هم (رجال الدين) المفتون والدعاة والوعاظ، الذين يصنعون البيئة الملائمة للعنف، عبر تقديمهم مفاهيم وتفسيرات متشنّجة وانتقائية للنصوص الدينية. المسؤول عما نحن فيه هم أهل التربية، عبر حشوهم مناهج التعليم بمفاهيم الأحادية والإقصاء في ما يسمى بالمنهج الخفي. المسؤول عما نحن فيه هم أهل الإعلام، ليس فقط من خلال القنوات التحريضية التي تنعش الكراهية وتؤججها، ولكن أيضاً عبر قنوات الإسفاف والاستفزاز التي تهيئ المشاهدين لاشتهاء طبق التحريض الذي أعدته القنوات المغايرة. المسؤول عما نحن فيه هم السياسيون، الذين لم يحققوا مفاهيم العدالة الاجتماعية، ولم يهيئوا الفرد لاستيعاب المواطنة بشقّيها: الحقوق والواجبات، لا بشقّ واحد فقط. المسؤول عما نحن فيه هم رجال الأعمال، الذين لم يزكّوا تجارتهم وأموالهم، التي اقتطعوها من الوطن والمواطن، عبر صنع مبادرات إنسانية واجتماعية تسقي نبتة المجتمع المدني المنتظَر. المسؤول عما نحن فيه هم الآباء والأمهات، الذين لم يربّوا أبناءهم على قيم التسامح والانفتاح والتعاون، ولم يراقبوا سلوك أبنائهم ويبذلوا الجهد الكافي لفرز أصدقائهم وفحص توجهاتهم. المسؤول عما نحن فيه هم الشباب، الذين بدلاً من أن يستخدموا عقولهم وعواطفهم في بناء أنفسهم وأوطانهم وعمارة الأرض كما أمر الله، فقد انجرفوا مع دعاة هدم الأرض لا عِمارتها. دعونا الآن نوجز لائحة الاتهام بأسماء المتهمين عما نحن فيه، وهم: رجال الدين، المربّون، الإعلاميون، السياسيون، التجار، الآباء والأمهات، الشباب. ليست المشكلة في تعدّد المتهمين، ولكن في إصرارهم على التراشق بالتهم في ما بينهم، وادعاء كلٍّ منهم براءته المطلقة من أي ذنب، ما يعني أن (المحاكمة) ستطول لعقود أو قرون كفيلة بتعميم الخراب والدمار قبل أن يحين وقت النطق بالحكم! من الطبيعي أن يستمر المتّهم، أيّ متّهم، في الدفاع عن نفسه أمام القاضي وحضور المحكمة، لكن نحن هنا أمام مشهد محاكمة استثنائي، فالقاعة فارغة من الحضور أو الشهود، إذ الجميع في قفص الاتهام يتحركون بالتداول بين القفص ومنصّة القاضي! لا أحد من المتهمين لديه الشجاعة والنبالة أن يعترف ولو جزئياً، بمسؤوليته عن الجريمة لعلّ ملف المحاكمة يتحرك قليلاً باتجاه العدالة. سأنطق بالحكم، حتى قبل أن تنتهي تلك المحاكمة اللامنتهية: المسؤول عما نحن فيه هو: نحن. * كاتب سعودي Twitter@ziadaldrees