×
محافظة الرياض

ناقشوا خلالها الحركة المرورية داخل أحياء العاصمة أمانة الرياض تشارك في محاضرات المؤتمر الدولي للطرق

صورة الخبر

يُطلق مصطلح (الأبراج العاجية) في العادة لتبرير سببية القطيعة الحادثة بين فئة من المجتمع ذات خلفية ثقافية أو مكانة اجتماعية أو درجة علمية، مع مَن سواها من طبقات المجتمع. وهو مصطلح يُراد منه إخراج تلك الفئة من أبراجها؛ لتقتحم ميدان الحياة العامة مع بقية فئات المجتمع، فتتآلف معها، وتشاركها همومها وتطلعاتها. لا يُنكر عاقل وجودَ هذه القطيعة أو الفجوة الحالَّة بين بعض فئات المجتمع، ولا يُنكر أيضًا وجود هذه الأبراج العاجية التي يتواجد داخلها فئام من المجتمع ظنوا أنهم بهكذا طريقة يكسبون مزيدًا من التقدير والمكانة. غير أن ما يُخفف وقع هذه القطيعة هو كمية المؤثرات التي هبَّت على تلك الفئات فزعزعت أبراجها مما أدى إلى تساقط بعض قاطنيها في ظل عتو ريح تلك المؤثرات ممثلة في وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة، وفي ظل ثقافة الصورة التلفزيونية التي أحدثت انقلابًا في المفاهيم القارَّة في ذهنية المجتمع عن تلك الفئة التي سمَّاها الدكتور الغذامي (النخبة) وحكم عليها بالسقوط في كتابه "الثقافة التلفزيونية: سقوط النخبة وبروز الشعبي". غير أن ما يمكن التنبُّه له في مسألة المطالبة بنزول تلك النخبة من أبراجها هو ما يهدف إليه البعض جراء تلك المطالبات ألا وهو ضياع أو طمس حالة التميز أو سمِّها حالة (الإبداع) التي تمتاز بها تلك الفئة عن غيرها، ولو أن أمر المطالبة بالنزول كان مقتصرًا على حالة المشاركة المجتمعية لهان الأمر؛ لكنه تخطاها لما هو أبعد من ذلك. وسأقصر الحديثَ في مسألة النزول على (النخبة المثقفة) وتحديدًا في المؤسسات الثقافية كالأندية الأدبية؛ فبحسب تصوُّر البعض فإن نزول المثقفين من أبراجهم لا يقتصر على المشاركة في الحياة العامة ومشاركة الناس همومهم وتطلعاتهم فحسب؛ إنما يتخطى ذلك لمطالبة المثقفين بالتفريط في هويتهم، وإلغاء تميزهم؛ فلا الفصحى يتكلمون، ولا الشعر الفصيح يقرضون، ولا الفكر يتخذون محورًا لأحاديثهم، ولا الثقافة ومجالاتها تكون ميدانًا لنقاشاتهم، ولا القراءة وفتنتها تكون همًّا لهم. هكذا ينظر البعض لنزول المثقفين من أبراجهم العاجية، وهذا يعني أن هناك حالة انزياح للمصطلح عن مقصوده الذي ورد في صدر المقال، مما يعني طمس أو ضياع هوية المثقف، وإلغاء تميزه وخصوصيته. وإن كنا نتفق على قضية نزول المثقفين إلى ميدان الحياة ومشاركتهم العامة آمالهم وتطلعاتهم، إلا أنه ينبغي ألا تجرنا عملية النزول إلى أبعد من هذا فيصبح المثقفون (مسخًا) لا هوية لهم تميزهم عن غيرهم. ولذا نرى البعض يأتي تحت ذريعة (قلة الحضور) في الفعاليات الثقافية (متأوِّلاً) سببيتها لحالة (الأبراج العاجية) التي يعيشها الوسط الثقافي، وبرأيه فإن الحل لمواجهة قلة الحضور هو إدخال (ما يطلبه الجمهور) كالشِّعر الشعبي والعرضة واستخدام اللغة الدارجة وحكايات كبار السن ضمن برامج وفعاليات المؤسسات الثقافية. ليس ذنب الثقافة والأدب والفكر ألا يصل البعض لمستواها ثم يأتي مُعيِّرًا أتباعها بالفوقية والعيش في أبراج عاجية، مطالبًا إياهم بخلع لبوسها البهي والتزيِّي بزي يألفه عامة الناس مهما تدنَّت درجته ومستواه. هنا يأتي الدكتور سعد البازعي في كتابه (قلق المعرفة) مُرجعًا السبب إلى "أن الجماهير ما تزال في منطقتنا العربية ومناطق كثيرة من العالم غير الغربي الفئة الأقل تعليمًا ومن ثَمَّ تأثيرًا في مجريات الأمور". إن بقاء النخب المثقفة يعني بقاء الثقافة الواعية والأدب الراقي والفكر المستنير، ويعني احتفاظ اللغة بمكانتها ووهجها. وبعد.. فإنِ اتفقنا على ضرورة نزول المثقفين من أبراجهم العاجية إلا أننا (نختلف كثيرًا) على حدود عملية النزول التي يُراد لها أن تصل لدرجة تُطمس فيها معالمُ الفوارق الثقافية والأدبية والفكرية التي تتميز بها النخب المثقفة. Mashr-26@hotmail.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (52) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain