بعد موسمين رمضانيين ناجحين على شاشة فضائية «رؤيا» الأردنية، وصل الجزء الثالث من الكوميديا السوداء «فنجان البلد» الى شاشة فضائية «العربي» التي تنتجه لهذا الموسم. وناقشت الحلقة الأولى مسألة المصالحة الفلسطينية المتعثرة بين حركتي «فتح» و «حماس»، والفشل المتواصل في إنجازها منذ الانقسام في صيف عام 2007، من خلال حكاية اثنين من وفد المصالحة، كل منهما ينتمي إلى واحدة من الحركتين، يتوهان في صحراء في حافلة يقودها سائق إسرائيلي. وتعكس الحلقة المتميزة على مستوى النص والأداء والفنيات، حالة الإنقسام المستشري حد الكراهية، لدرجة أن كل منهما يطلب من «الزير سالم» الذي يخرج من قمقمه إبادة الحركة الثانية وأنصارها ومن يلف لفيفها، بينما يمتنع الإسرائيلي عن تقديم أية أمنية من المارد العربي، مكتفياً بمطالبته بالإسراع في تنفيذ مطالب ممثلي حركتي «فتح» و«حماس». أما الحلقة الثانية «عضو بارز»، وفي شكل ساخر كعادة القائمين على البرنامج، كاتب السيناريو والمخرج والممثل الرئيس في «فنجان البلد» عبدالرحمن ظاهر، ورفيقه محمود رزق المــشرف العام على البرنامج، ويشاركه في التمثيل أيضاً، فتتناول حالة الوضع المزري للشباب الفلسطيني المغيب عن المشاركة الفعلية في الحياة السياسية الفلسطينية. فحين يتفق مستشار الرئيس لشؤون الشباب المفترض في «فنجان البلد» مع الرئيس المفترض أيضاً على تشكيل حكومة ظل من الشباب لمراقبة أداء الحكومة، فإن التشكيلة يرأسها رجل طاعن في السن يعاني من «كمشة» أمراض، في حين ينوبه رجل متوفٍ. ومن المشاهد المؤثرة مشهد تقديم الشباب مطالبهم عند ضريح نائب رئيس حكومة الظل الذي وافته المنية خلال اجتماع تشكيل حكومة الظل، ما يعكس الواقع المعاش للشباب الفلسطيني. وإضافة إلى كل من ظاهر ورزق، يشارك في هذا العمل عدد من الفنانين العرب والفلسطينيين، أبرزهم: عبدالله انخيلي، ومنذر خليل مصطفى، إضافة إلى الفنانين الشباب يحيى إبراهيم، وعلا ياسين، وياسمين الدلو. وهناك حضور ليس هامشياً لكل من الفنانين الصاعدين ريناد ثلجي وأسامة كنعان وشوق تيمور، على وقع أغنية «التتر» الشهيرة للفنان الشعبي الفلسطيني شادي البوريني. وقال الفنان محمود رزق إن الجزء الثالث من العمل يقدم جل حلقاته بأسلوب الكوميديا السوداء، مع المحافظة على بصمته الفلسطينية وهويته التي ظهرت في الموسمين السابقين، وأن الجديد فيه أنه لن يقتصر على مناقشة القضايا الإشكالية الفلسطينية، بل يتوسع لمناقشة بعض القضايا العربية أيضاً. وأضـــاف أن «العمل المكون من 15 حلقة انتقل في موسمه الثالث إلى مستوى أعلى في جودة الإنتاج والصورة، واستخدم تقنيات حديثة عالية الجودة، كونه بات بمثابة سفير لفلسطين على شاشة عربية يتابعها الكثير من المشاهدين في الدول العربية وغير العربية». يذكر أن الجزء الأول والجزء الثاني قدم خلالهما الفنانان ظاهر ورزق قضايا مثيرة للجدل، عرضتهما لتهديدات على هاتفيهما، ورفعت بحقهما شكاوى في المحاكم الفلسطينية، بخاصة بعدما قدما برنامجاً سياسياً اجتماعياً ساخراً حمل اسم «زينكو»، على نمط ما قدمه المصري باسم يوسف في برنامج «البرنامج»، إلا أن «زينكو» منع من العرض بعد بث عدد من الحلقات طاولت في شكل مباشر أو غير مباشر شخصيات سياسية فلسطينية بارزة، ومواضيع يمكن تصنيفها بأنها تجاوزت «الخطوط الحمر».