تباينت الآراء وتعددت حول حملة قيادة المرأة للسيارة، فهناك مع، ضد، وهناك آراء صامتة وأخرى لا مع هؤلاء، ولا مع هؤلاء، وثمة من ينتظر النتائج. المؤيد لهذه الحملة والمطالب بقيادة المرأة يرى أن ذلك حق من حقوقها، وأن للنساء كامل الشرعية والحقوق، فمنهن موظفات وسيدات أعمال، هن في حاجة ضرورية لقيادة المرأة السيارة بنفسها، تبعدها عن الخروج من بيتها دون محرم مع رجل غريب، هو السائق. في المقابل، هناك رأي يقول إن قيادة المرأة السيارة حرام ولا يجوز، لأن في ذلك فتنة. رأي آخر يشير إلى أن عادات المجتمع وتقاليده وأعرافه تمنع قيادة المرأة، و»هذا ما وجدنا عليه آباءنا»، وأن المجتمع غير مهيأ لذلك، ويرفضه، وكأن المرأة ليست جزءاً من المجتمع. ما زال هناك من ينظر للمرأة على أنها قاصرة وضعيفة وناقصة عقل ودين وفتنة وفريسة وتحتاج لوصاية من الرجل، لذا لا يمكنها قيادة السيارة. ورأي يقول إن المرأة جوهرة وملكة فيجب الحفاظ عليها من تعب السواقة، وتكفل بأن يكون هو سائقها الخاص، وحجته في ذلك، لو تعطلت سيارتها وسط الطريق أو تعرّضت لحادث مروري، فستكون في حيرة من أمرها وحرج. وآخر يرى أن شوارعنا ضيقة ومكتظة بالسيارات، وغير مهيأة لتحمل المزيد. فيما يقول بعضهم إنه ليس هناك أنظمة رادعة لمن يتحرّش بالمرأة أثناء قيادتها، وتسوّل له نفسه الإضرار بها. رأي يشير إلى أن أنظمة المرور تحتاج لتهيئة، فمثلاً ينبغي أن تفتح مدارس للنساء لتعليمهن القيادة وإصدار رخصة سير لها، وكذلك فتح قسم في المرور للنساء، يخدم فيه موظفات، وأن تسيّر دوريات نسائية خاصة. ومع تعدد الآراء يبقى الوضع على ما هو عليه، ويستمر الرجل هو قائد السيارة الوحيد في بلادنا. ومع الأسف، مع تعدد الآراء والمنظرين والمشرعين، ظهرت آراء سلبية شاذة، لا يعتد بها، تجاوزت حدود الأدب والذوق والأخلاق، فصدرت أقوال وآراء جاهلية، وكأن المرأة من كوكب آخر، لا تعيش بيننا، ولا نعرفها، ولا حملتنا في بطنها، ولا نعرف أنها الأم والزوجة والابنة، والسكن والمودة والرحمة، وهي المحترمة والفاضلة والصادقة، ونصف المجتمع، وأن واجبنا إكرامها واحترامها والنظر إليها بنظرة إسلامية، وأن لها حقوقاً وواجبات، تلك الآراء تتمثل في التجنّي على النساء، وإطلاق النكت عليهن، والأحكام اللا أخلاقية، و«الرأي لا يفسد الود»، فعلينا تقبل الآراء بعيداً عن التجريح والتشنج، فليس حراماً ولا عيباً أن تطالب المرأة بحقوقها. فإما أن تعطى المرأة ذلك، أو أن يبرر عدم قبوله بطريقة أخلاقية محترمة، والارتقاء بأفكارنا وآرائنا، فديننا دين المعاملة والأخلاق.