×
محافظة القصيم

بلدية النبهانية تزين الشوارع وتكثف الرقابة خلال شهر رمضان

صورة الخبر

الشارقة - عثمان حسن: المشق لغة هو المدّ أو التطويل.. ومشق الخط: مدّ حروفه لتطول. وقد جرى على ألسنة الخطاطين منذ قديم الزمان مصطلح خط المشق الذي يُعدّ من أول الخطوط العربية، وظهر في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وفيه امتداد لحروف الدال والصاد والطاء والكاف والياء الراجعة، ومن شروطه أيضاً اختصار المسافات بين الكلمات، وبحسب الدارسين فقد استمرّ خط المشق من القرن الأول حتى القرن الثاني الهجريين، وبه نُسخت أكثر المصاحف التي تعود إلى ذلك العهد. غير أن المشق، عرف من خلال الدرس التركي في الخط، وحين نقول الدرس التركي، فذلك يعني تماماً تلك الورش الكثيرة التي يجتمع فيها طلاب كثر، أمام أساتذة أتراك يعلمونهم فن كتابة الحرف، وبعبارة أصح كيفية بداية تشكيل الحروف وزوايا مساقطها وبنائها، أي تهيئة التلاميذ لعمل مخطوط أو لوحة، وهذه التهيئة تشمل تحضير الأحبار والأدوات من ورق وأقلام وكذلك التهيئة النفسية، تمهيداً لكتابة القرآن الكريم أو جزء منه على سبيل المثال، هنا، يتضح هنا، أن المشق تجسيد لعلاقة بين التلميذ والأستاذ، كان التلميذ حريصاً خلال مراحل تعلمه على أن يبرز كل الأمشاق التي تعلمها على يد مدرسه، ليتسنى له من بعدها أن يكون خطاطاً موثوثقاً بعمله. يتميّز المشق بكونه عملاً فنياً مباشراً، يعبّر عن بصمة خاصة للخطاط دون غيره، ومن أساسياته انخراط التلميذ في مرحلة من تعلم الحروف، يليها مرحلة كتابة السطور وبناء التراكيب، وهذه العملية أشبه بعملية تشريح الحروف وتبيان أوجه الشبه بين أجزائها واستخلاص سماتها الأولية وأسماء مكوناتها. يكتب المشق بخطوط الديواني والرقعة والكوفي والثلث وغيرها، وتجسد نماذجه آيات من القرآن الكريم والأحاديث الشريفة والنصوص الشعرية. من الخطاطين المعروفين الذين مارسوا المشق في الساحة المحلية: محمد مندي، فاطمة البقالي، تاج السر حسن، صباح الأربيلي حيث يرى مندي أن السر في المشق هو تعيين المسافة، وهو علم تشريح الخط الذي يعتمد على قواعد الكتابة التي ابتدعها الخطاطون الأوائل وأصولها، كما مشقت فاطمة البقالي من خلال خطي (النسخ والثلث)، ومن خلال حرصها على ترسيخ مفهوم النقطة في الخط، مظهرة قياسات حرفي الميم والألف، وهي تهتمّ بحرف الميم على وجه الخصوص وتراه يحمل الكثير من الدلالات الروحية والقدسية، وينطوي على أسرار كثيرة. وفي عملها حرصت على استدارة حرفي الواو والفاء بمعدل نقطتين في استقامتهما، وكان ارتفاع ذيل الواو محكوماً بنقطتين، زيدت عليهما نقطة، فأصبحت ثلاث نقاط فصلت بين أول الاستدارة وآخرها. هناك، مشق قديم للخطاط محمد شوقي أفندي رحمه الله خط فيها عبارة رب يسر السطر الأعلى بخط الثلث، والأسفل بخط النسخ، واشتهر شوقي بقوته في خط النسخ الذي لا يجاريه أحد في جماله وحدته. العبارة ذاتها رب يسر مشقها الخطاط التركي الشهير محمد أوزجاي على شكل تمرين بخط الثلث، واشتهر هذا المشق في يومنا هذا بوصفه لوحة جمالية بحد ذاتها، وليست مجرد تدريبات تركيبية يقوم بها الخطاط.