كل ما يصعب تمريره من فوق الطاولة العربية يمكن أن تجد له مخرجاً واسعاً من تحتها في غياب القانون الرادع والمتابع النزيه؛ لن يسألك أحد عما تحت الطاولة من تفاصيل مزعجة ومتجاوزة طالما أنك مرتب ومنتظم وتبدي النزاهة فوقها.. لعبة مفروضة على الجميع!! ـ عالم ما تحت الطاولة كبير ومخيف، وهو شعوب وقبائل متناحرة وأصناف شتى من البشر الذين باعوا ضمائرهم للشيطان والهوى، والسياسة الناجحة أن تلتزم بالشروط التي يمليها عليك ذلك العالم الخفي الذي يتحكم في أحلامك و«يهبر» باسمك ويطبق على من يسرقك ويقتل مستقبلك قانون سكسونيا. ـ تحت الطاولة تُباع الأوطان والشعوب وتُهدر كرامات الأسوياء الذين لا يعلمون لماذا أخذوا وكيف أخذوا، وتمرر اتفاقيات سحق الغلابة الذين كتب عليهم وحدهم أن يتمسكوا بالأنظمة والتعليمات، وأن يُجلدوا بمقولات الأمانة ليل نهار، وحينما يتظلمون أو يتأففون فليس أمامهم إلا قانون سكسونيا. ـ المدهش أن الذين يمررون الأشياء من تحت الطاولة العربية هم الذين يتغنون باسم الأوطان وينظمون فيها القصائد الفاخرة، وهم الذين يُظهرون في كل وقت أنهم أصل الوطنية وبدايتها ومنتهاها، وأنهم غاية العدل والنزاهة!! ويا أيها الاستبداد من رآك. ـ لا تظنوا أن كل طاولة اجتماعات نظيفة ولامعة هي كل السيناريو ونهاية القصة؛ أبداً هذا هو الجزء الذي يخصكم وخرج كي يملأ عيونكم ويسدها بأوهام النظافة. أما ما تحت الطاولة من الخوافي فهو خلاصة السيناريو ومنتهى القصص المنحطة التي يمكن لكم أن تتخيلوها. ـ نحن جميعاً ضحايا لما يجري تحت الطاولة لذلك العالم المظلم والمجهول الذي يقرر مصائرنا وأرزاقنا ويطبق علينا قانون سكسونيا حينما نحتج أو نبكي بصوت مرتفع، ولولا هذا الوضع المتردي لما رأيتم عربياً واحداً يخرج في مظاهرة، ولما رأيتم لافتة واحدة تطالب بإسقاط النظام، ولما رأيتم كل هذا الخراب الذي يعصف بنا من كل مكان. ـ ولمن لا يعرف فهذا القانون ابتدعته حاكمة مقاطعة سكسونيا الألمانية في العصور الوسطى وملخصه أنه (إذا ارتكب أحد العامة جريمة تقطع رقبته، وإذا ارتكبها أحد النبلاء تقطع رقبة ظله في حال كانت جريمة قتل، ويتم معاقبة العامة في كل الجرائم أما النبلاء فيتم الاكتفاء بجلد ظلهم أو ما شابه) وسلامي إلى النبل والنبلاء!!