من حق ديوان المراقبة العامة علينا أن نشعر بمعاناته وأن نتفهم شكواه المتكررة التي يعلن فيها عجزه وقلة حيلته في التصدي للمهام التي أنشئ من أجلها قبل 45 عاما، والمتمثلة في ما أوضحته المادة السابعة من نظامه والتي نصت على (يختص الديوان بالرقابة اللاحقة على جميع إيرادات الدولة ومصروفاتها وكذلك مراقبة أموال الدولة المنقولة والثابتة ومراقبة حسن استعمال هذه الأموال والمحافظة عليها)، وعلى الرغم من عظم هذه المسؤولية التي تتصل بالمحافظة على المال العام وضمان عدم تعرضه لأي فساد يؤدي إلى هدره، إلا أنه يبدو إن النظام الذي تأسس عليه عمل ديوان المراقبة تسبب في إضعاف أدائه وعجزه عن القيام بدوره وشكواه من تجاهل بعض الجهات الحكومية في وعدم استجابة مسؤولين حكوميين لاستفساراته. والجهات الحكومية المتجاهلة للملاحظات والمسؤولون الذين لا يردون على الاستفسارات إنما يفعلون ذلك مستغلين ثغرة خطيرة في النظام يستقوون بها عليه ويعطلون بموجبها عمله، تلك الفقرة التي تشير إلى أن على ديوان المراقبة رفع الملاحظات والمخالفات التي يرصدها على أي جهة حكومية إلى لجنة ترأسها تلك الجهة التي سجل عليها الديوان ملاحظاته، وحسب ديوان المراقبة تعطيلا أن تصبح رئاسة لجنة التحقيق في المخالفات هي نفس الجهة التي دارت حولها الشبهات، وما دام الأمر كذلك لا يصبح مستغربا أن تماطل الجهة موضع المساءلة كما تشاء فتستغرق بعض القضايا سنوات من البحث والتحقيق كما اوضح الديوان في أكثر من مناسبة، غير أن الأخطر من ذلك أن يبلغ الأمر ببعض الجهات الحكومية، كما أوضح الديوان، أن «تمتنع عن إعداد او توقيع محضر بنتائج اعمال اللجنة ورفعه للمقام السامي وبالتالي يظل الامر محل أخذ ورد ودون حسم او مساءلة المسؤولين عن تلك المخالفات». وإذا كان مجلس الشورى قد طالب قبل عام كامل بتفعيل استقلالية ديوان المراقبة فإن من حقنا أن نسأل المجلس عما فعله خلال عام كامل لتحقيق ما طالب به، وهل فكر مجلس الشورى في مراجعة نظام ديوان المراقبة وتعزيز آليات عمله بدل تركه يشكو كل عام من تجاهل المسؤولين له على نحو بات فيه الديوان يكسر الخاطر.