×
محافظة المنطقة الشرقية

تطوير العقير يوفر 93 ألف وظيفة

صورة الخبر

فاضت عيون الدكتور أحمد الزيلعي بالدمع وهو يروي هول الصدمة والفجيعة التي دهمته فور علمه بنبأ الحادث الذي تعرض له الدكتور عوض القوزي رحمه الله، فجاء لزيارته من لندن والاطمئنان عليه، إذ عجز عن البقاء في موطن ذكرياته الجميلة مع أخيه ورفيق دربه. تلك الذكريات التي كانت تنكأ جراحه أكثر، وتزيد من ألمه على ما أصاب رفيق عمره، وتخنقه العبرة أحياناً على الرغم من أنه عصي الدمع، وحينما عاد إلى أرض الوطن، فوجئ بمجرد وصوله إلى المستشفى بما لا يسر، حينما علم لثوان قبل دخوله عليه بأن روحه فاضت إلى بارئها، وأن رفيق الدرب فارقه إلى الأبد، فأمسى حاله -كما قال- شبيها بحال الشاعر متمم بن نويرة بعد موت أخيه مالك بن نويرة، الذي رثاه متمم بأجمل ما عرف الشعر العربي من فن الرثاء. وفي محاضرة أُلقيت في سبتية حمد الجاسر الثقافية أمس بعنوان "تأبين العالم اللغوي.. عوض القوزي" شارك فيها الدكتور أحمد الزيلعي عضو مجلس الشورى والدكتور مرزوق بن تنباك أستاذ الأدب العربي. وسرد الزيلعي خلال المحاضرة ذكرياته مع الدكتور عوض رفيق دربه، ووصفه بسيبويه زمانه وعالم عصره، مثنيا على صفاته التي ميزته عن الجميع، من سماحة وتواضع وحب للخير ودماثة خلق، مستعرضا بدايات حياته، قائلاً: "ولد القوزي ونشأ في بلدة القوز بمحافظة القنفذة، وكان متفوقا منذ المراحل التعليمية الأولى، ولمدرسته قصب السبق على سائر المدارس المشاركة، وللتلميذ عوض القوزي ذي الجسد النحيف والأيدي النحيلة والصوت الشجي نصيب الأسد في تجليات ذلك المهرجان والفوز بجوائزه وتصدره للمراتب الأولى". ولازم الزيلعي تفوق رفيقه القوزي طوال سنينه الدراسية، منتظما في معهد المعلمين الابتدائي في القنفذة ومركز الدراسات التكميلية في الطائف، ومنتسباً في المراحل المتوسطة والثانوية والجامعية التي اجتازها جميعها بتفوّق، وهو على رأس عمله معلمًا في المرحلة الابتدائية في أكثر من مدرسة من مدارس القنفذة، ثم في مكة المكرمة، ومنها إلى الرياض، وكانا زميلين متلازمين في الرياض، لا يفترقان إلا في النوم والعمل، وكان يجمعهما هدف واحد هو الحصول على الشهادة الجامعية، ثم العودة إلى محافظة القنفذة للإسهام مع أهلهم في نهضتها الحديثة التي بدأت بواكيرها تلوح في الأفق، خصوصا بعد الزيارة الميمونة التي قام بها الأمير أحمد بن عبدالعزيز نائب أمير منطقة مكة المكرمة حينذاك إليها، وذلك في عام 1392هـ. إلا أن قدر الله كان فوق كل شيء، إذ رشحا معيدين في الجامعة، وابتدأت مرحلة جديدة في حياتهما، حيث حصلا على الماجستير في الجامعة نفسها، ثم الدكتوراه في بريطانيا، حيث كان الدكتور عوض في جامعة أكسفورد والزيلعي في جامعة درهام في الشمال الشرقي من أكسفورد. وعلى الرغم من بعد المسافة بينهما فإنهما كانا على اتصال شبه يومي عن طريق الهاتف، ولا يكاد يمر شهر دون أن يلتقيا في لندن بسبب أو بدون سبب، ثم ازداد تواصلهما والتقاؤهما بعد تأسيس صندوق الطلاب السعوديين في بريطانيا بجهود مشكورة من رفيق دربيهما الدكتور مرزوق بن تنباك، الذي كان حينذاك يحضر لدرجة الدكتوراه في جامعة أدنبره بأسكتلندا. ثم بدأوا في إصدار مجلة الطالب الشهرية التي تشكلت هيئة تحريرها من كل من الدكتور الزيلعي، والدكتور عبدالله المعطاني، ومحمد بن سليمان الأحمد، برئاسة عوض القوزي رحمه الله. كما وصف الزيلعي رفيقه القوزي الذي سايره منذ ما يزيد على 40 عاماً بأنه من أكرم الناس، وأفضلهم عشرة وأكثرهم تسامحا وسعة صدر، لا يحمل على أحد، ولا يعرف الحقد والكراهية إلى نفسه سبيلاً. وتنازل الزيعلي في حديثه عن إصدارات ومؤلفات القوزي وكتبه التي أثرى بها المكتبة العربية في مجال النحو واللغة، كما أن له من التآليف والدراسات والبحوث والكتب المحققة الشيء الكثير، بعضها نشر، وبعضها لم ير النور إلى الآن، وطالب بأن تسارع الجهات التي تقدر جهود أبي محمد ودقته في التحقيق إلى إتمام الأجزاء المتبقية من تحقيقه لشرح أبي سعيد السيرافي لكتاب سيبويه. وتحدث الدكتور مرزوق بن تنباك عن ذكرياته معه، وعن الأعمال المشتركة التي جمعتهما طوال حياة الدكتور عوض القوزي، وعن اهتمامه بحماية اللغة، وبمشاركاته العلمية في الندوات والمحاضرات والمؤتمرات، وعن اختياره عضوا في مجمعي اللغة العربية في دمشق والقاهرة، وكان ذلك للمكانة العلمية التي كان يحظى بها الدكتور القوزي، ولبحوثه الأكاديمية وأعماله التي كان لها دورها الكبير في حماية اللغة وحفظها. وكشف الدكتور مرزوق بن تنباك عزم كرسي الدكتور عبدالعزيز المانع على استكمال مشروع الدكتور عوض القوزي (شرح السيرافي لكتاب سيبويه)، الذي سيربو على عشرين مجلدا، أنجز منها سبعة أجزاء، ثم تحدث الشيخ عبده بن محمد أحمد القوزي عن الصفات التي تميز بها الدكتور عوض القوزي بين أهله، وتعاونه في كثير من القضايا التي تهم المنطقة، ودوره في الصلح بين الناس وخدمة المحتاجين وتكفله بنفقات الكثير من الطلاب في المملكة وخارج المملكة، التي عرفها الناس بعد موته، وكانت من أعمال الخير التي يكتمها الفقيد رحمه الله رحمة واسعة. فيما وصف الدكتور أحمد الضبيب القوزي بأنه حامي العربية، وذكر جهوده من خلال نبذة موجزة عن مسيرته العلمية وذكرياته معه.