لا أطلب سوى حقي في الحصول على الوظيفة المناسبة لمجال دراستي.. كلمات أطلقها د. إبراهيم جناحي وعيناه مغرورقة بالدموع. فبالرغم من إعاقته التي بلاه الله بها منذ ولادته، كافح حتى درس البكالوريوس في الكويت والماجستير في الأردن والدكتوراة في المغرب. لم يكُن بتر رجله اليمنى محض صدفة في حياته، وإنما نتيجة معاناة حوّلته إلى شخصية عصامية ميّزته عن الكثيرين من الأصحّاء، فهمّه ليس إلا طموحٌ لخدمة وطنه وبذل الجهد الجهيد لردّ الجميل إليه. ورُغم رفضه لدراسة الدبلوم العالي في التربية وقعوده في البيت لسنتين ورفضه من كل المؤسسات لكونه غير لائق صحياً بحدّ تعبيرهم، لم يتوان أبداً عن الإصرار والمضي قدماً حتى قدّم 20 سنة من عمره خدمةً للوطن. ووجّه جناحي مناشدته إلى جلالة الملك وسمو رئيس الوزراء، لأن يُكافأ نظير خدمته وعنائه رغم إعاقته الجسدية، متمنياً الحصول على الفرصة للتدريس بجامعة البحرين ضمن الكادر الأكاديمي. وفيما يلي نص اللقاء كاملاً.. ] بدايةً.. كيف أصبت بالإعاقة في رجلك اليمنى؟ إعاقتي هذه ولدتُ بها والحمدلله على كل حال، عندي رجل واحدة والثانية مُعاقة وقصيرة بحيث ها لم تكن تصل إلى الأرض، ووجد الأطباء أن الرجل الصناعية التي تكمّل هذه الإعاقة لا تثبت بشكل جيد، ما اضطرني لعمل عملية وبترها وذلك قبل عشر بمستشفى السلمانية. ] لنتحدث عن مشوارك الدراسي انطلاقاً من البكالوريوس التي حصلت عليها من الكويت؟ بعدما تخرجت من الثانوية العامة حصلت على منحة من وزارة التربية والتعليم إلى جامعة الكويت لدراسة تخصص الفقه الإسلامي بمجال الشريعة، وطبعاً كانت لدي بعض الصعوبات بسبب العكاز الذي كان رفيق انتقالاتي وتحرّكي، خاصةً أثناء صعودي ونزولي للباص أثناء التنقل بين مباني الجامعة. وبفضل الله قامت الجامعة مشكورة بتهيئة سيارة خاصة لي، فكنت أضع كتب التخصص في كيس، ورغم ثقل تلك الكتب التي هي عبارة عن مجلدات كبيرة فقد كانت عندي قاعدة من جد وجد ومن زرع حصد. ] كيف كان تعامل الكادر التعليمي معك؟ الحمد لله كان التعامل ممتازا جداً ولم أواجه أي تفرقة وحصلت بالنهاية على معدل جيد جداً ولله الحمد. ] إلى أين اتجهت بعد التخرج والحصول على البكالوريوس؟ بعد تخرجي كانت لدي أمنية أن أصبح قاضياً شرعياً وبعد عودتي من الكويت أغلقت بوجهي جميع الأبواب وقدمت في جميع وزارات الدولة ولكن لم يتم قبولي بسبب إعاقتي، رغم أن من تخرجوا بعدي حصلوا على وظائف. فكنت أتساءل لماذا لا يتم قبولي خصوصاً وأنا لا أقل إمكانيات عن الباقي وبعضهم كان لا يملك شهادات. وجلست في البيت لمدة سنتين بلا وظيفة وبعد ذلك عملت في وزارة الداخلية كاتبا مدنيا في مركز شرطة الحورة براتب أقل من مائتي دينار واشتغلت تقريبا لمدة عشر سنوات. ] خلال هذه المدة ألم تحاول الحصول على وظيفة أفضل؟ خلال هذه المدة ذهبت لوزارة التربية والتعليم للحصول على الدبلوم العالي في التربية وقدموا لي امتحانا ونجحت فيه وبعد ذلك أجريت مقابلة بجامعة البحرين وتم رفضي بسبب الإعاقة لوجود شرط عندهم أن يكون لائقاً صحياً. وكان هذا العذر غير مقنع لي حيث انني كنت بكامل قواي العقلية وكانت المشكلة فقط في استخدامي للعكاز وعدت إلى الوزارة وذكرت السبب، فقاموا بعمل رسالة إلى الجامعة وتمت الموافقة ودرست مدة سنة واستطعت التخرج بالدبلوم. ] وهل عدت إلى نفس وظيفتك؟ بعد ما أكملت.. قدمت أوراقي لوزارة التربية والتعليم ولكن تم رفضي وهذا شي مستغرب، حيث انني حصلت على الشهادة من الوزارة نفسها لكي أصبح مدرسا. وجلست فصلا كاملا بدون تدريس، وبعد ذلك قام فاعل خير بتقديم أوراقي لوزير التربية والتعليم وكان ذلك في عام 1996 والحمد لله تمت الموافقة وتعييني في مدرسة السلمانية الثانوية للبنين. ] كيف كانت هذه المرحلة وبدايتك مع التدريس؟ طبعا في البداية قمت بضم سنوات خدمتي بالداخلية إلى وظيفتي الجديدة، وإلى جانب التدريس كنت أقوم بأنشطة أخرى كقراءة القران الكريم والإلقاء في الطابور الصباحي وتسليم الطلاب الهدايا.. إذ كنت متحمساً جداً للتدريس وظللت بمدرسة السلمانية حوالي 5 سنوات وبعد ذلك طلبت شخصياً الانتقال إلى مدرسة الرفاع الشرقي الثانوية للبنين لكون منزلي في نفس المنطقة وهناك مكثت قرابة الأربع سنوات. ] حدثنا عن حصولك على منحة لمواصلة الدراسة في الأردن من قبل الوزارة؟ نعم تم منحي بعثة دراسية للماجستير في الأردن من قبل الوزارة وتمكنت فيما بعد من التخرج في حوالي ثلاث سنوات والحصول على الشهادة. وبعد عودتي للوطن تم نقلي من التدريس إلى الوزارة نفسها والعمل في قسم الإشراف التربوي ومكثت هناك حوالي سنتين تقريبا وبعد ذلك تم نقلي إلى مركز القياس والتقويم. ] في عام 2011 ابتعثت لدراسة الدكتوراه كيف كانت هذه التجربة؟ بعد سنة من عملي في مركز القياس والتقويم حصلت على بعثة للحصول على الدكتوراه في المغرب واستغرقت مني هذه الرحلة أربع سنوات وكانت هناك بعض الصعوبات حيث انه لم تكن توجد رحلة مباشرة للمغرب، وبالنسبة لشخص معاق فإن المتاعب كانت مضاعفة، ولكن بعد أن انتهيت عدت إلى نفس عملي. ] هل تمت ترقيتك بعد عودتك من المغرب؟ لا ظللت بنفس الوظيفة ونفس الدرجة ولم أجد حتى تكريماً بمناسبة حصولي على الدكتوراه. ومع ذلك فالحق يقال وأنا أشكر وزارة التربية والتعليم.. وعلى رأسهم الوزير د. ماجد النعيمي ووكيل الوزارة فقد تم إرسالي للماجستير والدكتوراه على حساب الوزارة، وأنا لا أنكر ذلك. وإنما كانت أمنيتي أن أحاضر بجامعة البحرين. ] ما الأسباب التي منعتك من التدريس في جامعة البحرين؟ لم أجد الفرصة ولا من يوصلني إلى هذه الأمنية. ومن خلال هذه المقابلة أناشد جلالة الملك حفظه الله ورئيس الوزراء الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة حفظه الله، فأنا خدمت عشرين سنة ولم أجد تكريماً من أحد وبرغم الإعاقة وصلت لشهادة الدكتوراه، لذلك أطالب بالوظيفة المناسبة لتخصصي وذلك حق من حقوقي كمواطن. ] كيف هي حياتك الأسرية أو العائلية؟ بفضل الله تزوّجت عام 1990 ولدي حالياً أربع بنات، تخرّجت إحداهن من الجامعة وأخواتها الاثنتان مازالتا تدرسان في الجامعة والرابعة في المرحلة الثانوية. طبعاً قبل هذا الزواج تقدمت لأكثر من بيت وتم رفضي من قبل بعضهم بسبب الإعاقة، ولكن قدر الله فوق كل شيء والحمد لله على كل حال.