لا يكاد يمر أسبوع إلا وأستقبل عبر تويتر أو الإيميل، شكوى تبدأ بنحن الخريجين ونحن الخريجات. ومفاد الشكوى أنهم أو أنهن أنهوا دراستهم الجامعية في هذا التخصص أو ذاك وجلسوا في البيوت يقاتلون الفراغ وقلة الحيلة. آخر ما وصلني، مع التصرف اللغوي، ما يلي: «أستاذ محمد نحن خريجات الرياضيات شعبة إحصاء من جامعة الطائف حرمونا من التعليمي والإداري ساعدنا الله يسعدك وصل صوتنا». ورغم أنني وغيري من الكتاب أوصلنا أصوات الكثيرين والكثيرات من خلال أعمدتنا إلا أن الشق يبدو أكبر من الرقعة، وأن القليل جرت حلحلته وبقي الكثير. الخريجات الجامعيات القديمات ما زلن يثابرن على المطالبة بحقوقهن التي طال أمد غيابها. وخريجو التربية الخاصة إلى أمس وهم يناشدون الوزير توظيفهم في الأماكن التي تحتاجهم. وخريجو الكليات التقنية ما زالوا يطلبون الوظائف الحكومية ووظائف القطاع الخاص التي تتمنع عليهم وتتحفظ على مستويات تأهيلهم، إلى آخره مما يصعب فعلا حصره من أبواب الوظائف المغلقة للخريجين والخريجات. والسبب، كما يعلم المسؤول نفسه والمواطن، هو غياب التخطيط سلفا لاستيعاب هؤلاء الخريجين واستمرار بعض التخصصات الدراسية مفتوحة رغم أن خريجيها لا يجدون وظائف منذ عشر سنوات وما يزيد. وبالتالي ستظل لزمة (نحن خريجو وخريجات) قائمة ومتداولة ومستفحلة إلى أن يقيض للناس والبلد جهة تخطيط جادة وحقيقية تأخذ كل العناصر المؤثرة في التوظيف باعتبارها: سوق العمل وتخصصات الدراسة وضعف التعليم والتأهيل وحشود المستقدمين بالملايين من أصقاع الأرض ليشغلوا وظائف القطاع الخاص بالذات. ولن تكون هذه الجهة، بالمناسبة، وزارة العمل أو وزارة الخدمة المدنية أو وزارة التعليم أو غيرها من الوزارات، بل جهة تتجاوز تقليدية وزارة التخطيط وديباجاتها السنوية والفصلية التي لم تسعف الحال لا في السابق ولا في الحاضر. ليكن اسم هذه الجهة مثلا الهيئة العليا لتوظيف خريجي الجامعات، بحيث تجمع هذه الهيئة كل ما تناثر وتفرق في السنوات السابقة من الجهات والإجراءات وتعيد دراستها وغربلتها على أسس علمية بحتة تستفيد من تجارب دول أخرى نجحت في توطين الوظائف العامة والخاصة، وقلصت البطالة لديها إلى أقل نسبة ممكنة. ومن هذه الدول، على سبيل المثال لا الحصر، كوريا الجنوبية وماليزيا وسنغافورة وتايلاند التي يبلغ عدد سكانها أكثر من 67 مليون نسمة، بينما تصل نسبة البطالة فيها إلى 0,39 في حدها الأدنى و5,73 في حدها الأعلى. ما نحتاجه لوضع حلول توظيف الخريجين والخريجات لدينا هو إرادة حقيقية وتخطيط صحيح وعمل دؤوب. وهذا لن توفره الجهات التي جربناها لعقود ولم تنجح.